بلدي نيوز – (صالح العبدالله)
أكد مختصون في الأمور القانونية بطلان اللجنة الدستورية المنبثقة عن مؤتمر "الحوار الوطني السوري" الذي انعقد قبل يومين في منتجع سوتشي في روسيا، وفق نظرية العقد الاجتماعي والعرف الدولي.
حقوقيين سوريون (محامون – قضاة) اجتمعوا لدراسة وضع اللجنة الدستورية، التي عينها المشاركون في مؤتمر "سوتشي"، وأكدوا عدم شرعيتها للأمور الآتية:
1- يتم صياغة دستور الدولة (أي دولة) في ظروف مستقرة وهادئة وآمنة، حسب الأعراف الدولية المستقرة لأن الدستور عقد اجتماعي بين الناس ينقذ حياتهم وينظم شؤونهم، ويجب التصويت عليه من قبل الجميع لإقراره ولا يتحقق ذلك في ظل الحروب والاضطرابات والصراعات.
2- يكون الإعلان الدستوري بعد الثورات أو الانقلابات على السلطة الحاكمة لأن الثورات تكون على الظلم والقوانين والدساتير الاستبدادية، التي رسخت حكم المستبدين فتأتي الثورة ليعيد الناس صياغة عقدهم الاجتماعي الجديد، الذي يحقق الأمن والأمان والرخاء لهم.
3- لصياغة دستور جديد لدولة خارجة من الاضطرابات أو الصراع أو نتيجة ثورة يتم الدعوة لعقد مؤتمر وطني عام، يمثل كافة شرائح وأطياف المجتمع لانتخاب هيئة تأسيسية لوضع مسودة الدستور مسترشدة بالمبادئ التي أقرها المؤتمر العام، أو يختار المؤتمر لجنة لوضع مسودة الدستور الجديد من الوطنيين (سياسيين قانونيين اقتصاديين مفكرين)، ويتم كل ذلك بأيادي وطنية خالصة وضمن أراضي إقليم الدولة وفي الظروف والزمان الذي تحدثنا عنه آنفا ومثاله ما حدث في مصر وتونس والفرنسيين إبان الثورة الفرنسية.
وقال القاضي خالد شهاب الدين عضو استشاري سابق في الهيئة العليا للمفاوضات، "ما بني على باطل فهو باطل، وما حصل في سوتشي أن الجهة الداعية للمؤتمر العام دولة أجنبية، وقاتلة للشعب صاحب ومالك الدستور، مكان المؤتمر العام هو مدينة سوتشي الروسية خارج إقليم الدولة الأم، انعقد المؤتمر بنفس الوقت طائرات الدولة الراعية تقصف وتقتل المدنيين في الدولة الأم سورية، فلا أمان ولا استقرار ولا طمأنينة من أجل صياغة دستور جديد للدولة وأين على أرض الدولة القاتلة".
وتابع شهاب الدين في حديثه لبلدي نيوز، "الراعية (القاتلة) لتشكيل لجنة الدستور جلبت مؤيدي مجرم الحرب بشار كشريحة واحدة والكثير منهم ملطخة أيدهم بدماء السوريين ومنهم معراج أورال جزار بانياس، ولم يناقشوا أي بند يخص مبادئ الدستور، والذي من المفترض أن يقوم المؤتمر العام بوضع مبادئ وأفكار عامة تكون إطار تستند إليه لجنة الدستور أو الهيئة التأسيسية المنتخبة".
وأردف بالقول، "صياغة مواد الدستور تتطلب دراية كبيرة في علم الصياغة القانونية والسياسية والاقتصادية، لأن الدستور سينظم كافة شؤون الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأفراد المجتمع، وهذا يتطلب أيضا النزاهة والشرف ممن يشارك في صياغة دستور البلاد فمن سجله العدلي حافل بالجرائم هو عمليا محروم من حقوقه المدنية كلها أو بعض منها ومن ذلك أيضا التجريد القانوني، ولا يمكن أن يشارك في تقرير حقوق وواجبات أفراد المجتمع ومصيرهم وتنظيم شؤونهم، لأنه لا يملك أساسا الملكات الفكرية والنفسية التي تؤهله لهكذا تكليف".
وأكد شهاب الدين أن الأمم المتحدة غير مخولة بتشكيل لجنة لصياغة دستور لسورية فهذا حق السوريين وحدهم دون غيرهم، وفق كل الأعراف والقوانين الدولية والعقد الاجتماعي يصاغ بين الناس ومن قبلهم بالذات ولا يفرض هذا العقد عليهم من خارجهم لأنه يتطلب تنازلات متقابلة فيما بينهم لتحقيق العيش المشترك ينظم كل شؤونهم في الدولة التي يعيشون فيها.
العقد الاجتماعي هو الميثاق الاجتماعي الذي يقره الناس طواعية فيما بينهم، أساساً للحقوق والواجبات التي تنظم شؤون الحياة المشتركة، وقاعدة للتوفيق بين الإرادة العامة للجماعة والإرادات الفردية أو الجزئية المنضوية تحتها، ووسيلة لإزالة التناقض بين ميول الانسان الفردية وواجباته الاجتماعية، وأداة تحول دون تصعيد التنافس على المصالح والمراتب إلى الحد، الذي يجعل منه صراعاً تناحرياً يهدد الناس في حياتهم وحقوقهم وحرياتهم.
وقد تبنّت كثير من حركات الإصلاح الاجتماعي والسياسي، وخاصة في العصور الحديثة والمعاصرة، نظرية العقد الاجتماعي بوصفها عقيدة مناهضة لأنواع الحكم المطلق أو الاستبدادي.
ومن هنا تبرز أهمية نظرية "العقد الاجتماعي" التي وضعها الفرنسي "جان جاك روسّو" لتنظيم المجتمع السياسي في مواجهة مشاكل المجتمع، والتي تُختصر فكرتها بتنازل أفراد الشعب عن أجزاء من حرياتهم المطلقة لصالح الدولة، التي تقوم بدورها عبر سلطاتها الثلاث بإدارة الدولة ورعاية شؤون الشعب الذي يعطيها شرعية وجودها.