بلدي نيوز – (متابعات)
كشفت صحيفة (الشرق الأوسط) عن مسودة وثيقة مؤتمر سوتشي، التي صاغتها موسكو، والتي تنص على ضرورة تشكيل "جيش وطني يعمل بموجب الدستور"، وأن تلتزم أجهزة الأمن "القانون وحقوق الإنسان"، إضافة إلى تأكيد حكومة نظام الأسد على "الوحدة الوطنية" وتوفير "تمثيل عادل لسلطات الإدارات الذاتية".
وبدأت روسيا بتوجيه الدعوات لحضور المؤتمر المقرر عقدة في منتبج سوتشي، وقال أليكسندر لافرينتيف الممثل الخاص للرئيس الروسي للتسوية في سوريا، أن المؤتمر يهدف إلى تشجيع الحوار السوري السوري بأوسع نطاق لمصلحة التقدم نحو التوافق بين كافة الاطياف، وأكد أن ممثلي روسيا وإيران وتركيا سيقومون بصفة مبادرين للمؤتمر بتقديم المساعدة اللازمة إلى المشاركين السوريين لتحقيق اتفاقات مرضية للجميع.
كما قال إن ممثلي الأمم المتحدة والمراقبين من كل بريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا، كالدول الاعضاء الدائمة في مجلس الأمن ومصر والأردن والعراق وكازاخستان ولبنان والسعودية.
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط، فإنه من المقرر وفق التصور الروسي، أن يؤدي مؤتمر سوتشي حال تأكد انعقاده يومي 29 و30 من الشهر الحالي لتشكيل ثلاث لجان: لجنة رئاسية للمؤتمر، ولجنة خاصة بالإصلاحات الدستورية، ولجنة للانتخابات وتسجيل المقترعين، وإذ بدأت موسكو دعوة "مراقبين" من دول فاعلة إقليمياً ومصر والدول المجاورة لسوريا مثل لبنان والعراق والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن و"الضامنين" لعملية آستانا.
وجاء أيضاً في مسودة وثيقة سوتشي، أن أعضاء وفد مؤتمر "الحوار الوطني السوري" الذين قد يصل عددهم إلى 1600 شخص "يمثلون كافة شرائح المجتمع السوري ومختلف قواه السياسية والمدنية والعرقية والدينية والاجتماعية"، حيث إنهم "اجتمعوا.. لإنقاذ وطننا من براثن المواجهات المسلحة، ومن الدمار الاجتماعي والاقتصادي، ولاستعادة كرامة بلادنا ووضعها على المسرح الإقليمي والدولي، ولصيانة الحقوق الأصيلة والحريات لجميع أبناء شعبنا، وأهمها حق العيش في سلام وحرية بمنأى عن أي شعور بالخوف أو الجزع".
وتابعت الوثيقة أن "السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو التسوية السياسية للتحديات التي يواجهها وطننا استناداً إلى 12 مبدأ"، هي "الاحترام والتمسك الكامل بسيادة واستقلال ووحدة أراضي وشعب الجمهورية العربية السورية، وعدم السماح بالإتجار بأي جزء من أراضي البلاد، والعمل على استعادة هضبة الجولان المحتلة من خلال كافة السبل القانونية الممكنة وفق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي"، إضافة إلى "الاحترام والتمسك بالسيادة الوطنية لسوريا شأن باقي دول العالم وحق شعبها في عدم تدخل الآخرين في شؤونه الداخلية" وأنه "على سوريا العمل على استعادة دورها على المسرح العالمي والإقليمي، بما في ذلك دورها في العالم العربي، وفق ميثاق الأمم المتحدة وأهدافه ومبادئه". وإذ نص البند الثالث على "حق الشعب السوري وحده تحديد مستقبله من خلال العملية الديمقراطية وعن طريق الانتخابات وحقه وحده تقرير نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي من دون أي تدخل خارجي أو ضغوط بما يتلاءم مع حقوق وواجبات الشعب السوري على المسرح الدولي"، أشار البند الرابع إلى أن "سوريا دولة ديمقراطية وغير طائفية تستند إلى مبادئ التنوع السياسي والمساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق. وسيادة القانون مصانة إلى أبعد مدى، وكذلك مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء والتنوع الثقافي للمجتمع السوري والحريات العامة، ومنها حرية المعتقد، ووجود حكومة منفتحة ومسؤولة تعمل وفق التشريعات الوطنية، وتُكلف بتنفيذ مهام مكافحة الجريمة والفساد وإساءة استخدام السلطة".
اللافت أن الجانب الروسي وضع البنود الـ12 التي أعدها المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا باعتبارها مبادئ الحل السياسي، وسلمها إلى وفدي النظام والمعارضة نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر ضمن مسودة وثيقة مؤتمر سوتشي، خصوصاً أن رئيس وفد النظام بشار الجعفري رفض الخوض في مبادئ دي ميستورا قبل الانتهاء من محاربة "الإرهاب" وسحب وفد المعارضة بيانها الذي صدر في الرياض، خصوصاً ما يخص بشار الأسد.
ويبدو أن ورقة دي ميستورا ووثيقة سوتشي، متطابقتان بنسبة كبيرة، بحسب (الشرق الأوسط) مع ملاحظة أن الجانب الروسي استعمل عبارة "الجمهورية العربية السورية" وليس سوريا". كما أن الجانب الروسي لم يشر إلى الأكراد، كما ورد في وثيقة "وفد الرياض2" الذي سلمه إلى فريق المبعوث الدولي. ونص البند الخامس في وثيقة سوتشي أن "تلتزم الحكومة بتحقيق الوحدة الوطنية والتوافق الاجتماعي، والتنمية الشاملة والمتوازنة مع التمثيل العادل لدى سلطات الحكم الذاتي"، علماً بأن ورقة المبعوث الدولي تحدثت عن "إدارات محلية" وليس "حكماً ذاتياً". وقد يكون سبب الاختلاف أن الجانب الروسي استند إلى نص مكتوب باللغة الروسية في صوغ وثيقة سوتشي.
وكغيرها من الوثائق الدولية، بما فيها القرار 2254، التي نصت على الحفاظ على المؤسسات تخوفاً من تكرار نموذجي العراق أو ليبيا، نص البند السادس على "التزام الحكومة بتعزيز المؤسسات الحكومية خلال تنفيذها للإصلاحات، بما في ذلك حماية البنية الاجتماعية والممتلكات الخاصة والخدمات العامة لجميع المواطنين من دون استثناء وفق أعلى المعايير الإدارية المثلى والمساواة بين الجنسين".
وبالنسبة إلى الجيش، جاء في البند السابع أنه "على الجيش الوطني الاضطلاع بمسؤولياته على أكمل وجه وفق نصوص الدستور ووفق أعلى المعايير. يضطلع الجيش ضمن مهامه بحماية حدود البلاد وشعبها من التهديدات الخارجية والإرهاب، وعلى أجهزة الاستخبارات والأمن القومي حماية أمن البلاد وفق مبادئ سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان بحسب نصوص الدستور والقانون، ويجب أن يكون استخدام القوة مقتصراً على تفويض من مؤسسات الدولة ذات الصلة".
ولم تستخدم الوثيقة عبارة "جيش مهني" أو "إصلاح الجيش وتفكيك بعض أجهزة الأمن"، كما كانت تطالب المعارضة السورية. لكن البند الثامن نص على "الرفض القاطع لكافة أشكال الإرهاب والتفرقة المناطقية، والعمل على مواجهتهما وتعزيز مناخ التنوع الثقافي"، إضافة إلى "مراعاة حماية واحترام حقوق الإنسان والحريات، خصوصاً خلال وقت الأزمات، بما في ذلك عدم التفرقة بين المواطنين وضمان المساواة في الحقوق بين الجميع.. والعمل على إيجاد الآليات الفعالة لضمان المساواة في الحقوق السياسية وعدالة الفرص المتاحة للنساء، وذلك بمراعاة صناع القرار تمكينهن بهدف الوصول إلى نسبة تمثيل 30 في المائة للنساء لتحقيق التوازن بين الجنسين".
وتضمنت البنود الأربعة المتبقية "صيانة واحترام الشعب السوري وهويته الوطنية وثرائه التاريخي ولقيمه التي غرسها فيه دينه وحضارته وتراثه على مدى الزمان، ومن ذلك التعايش بين مختلف الفصائل الاجتماعية، وكذلك صيانة التنوع التراثي والثقافي الوطني"، و"مكافحة الفقر ومساندة الفئات الاجتماعية المعوزة والأكثر احتياجاً إلى الدعم" و"صيانة وحماية التراث الوطني والبيئة للأجيال القادمة وفق المعاهدات الدولية الخاصة".
وختمت مسودة الوثيقة، التي يمكن أن تصدر في نهاية مؤتمر سوتشي في 30 من الشهر الحالي، بالقول "نحن ممثلو الشعب السوري نعيش مأساة حقيقية، ولدينا من الشجاعة ما يكفي لمواجهة قوى الإرهاب الدولي، ونعلن عن تصميمنا على استعادة كياننا ورخاء بلادنا لكي ينعم جميع أبناء شعبنا بالراحة والسعادة. وفي سبيل تحقيق ذلك، فقد وافقنا على تشكيل لجنة دستورية تضم وفد الجمهورية العربية السورية ووفد المعارضة ذوي التمثيل الواسع لتولي عملية الإصلاح الدستوري بهدف المساهمة في تحقيق التسوية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة، وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254. ولذلك فإننا نلتمس من تكليف الأمين العام للأمم المتحدة تكليف مبعوث خاص لسوريا للمساعدة في عمل اللجنة الدستورية في جنيف".
ويتوقع أن تكون الفقرة الأخيرة المتعلقة بالإصلاحات الدستورية موضع تفاوض بين الأمم المتحدة وموسكو، باعتبار أن الأمم المتحدة تريد وضوحاً أكثر في مرجعية القرار 2254، وتنفيذه لدى الحديث عن الإصلاحات الدستورية، وأن يتم ذكر تفاصيل تتعلق بالرقابة والإشراف الأمميين وتفاصيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، إضافة إلى بند رئيسي يتعلق بمشاركة الأمم المتحدة في اختيار أعضاء اللجنة الدستورية، وألا يقتصر دور دي ميستورا على استضافة جولات تفاوضية بين أعضاء اللجنة الدستورية.