بلدي نيوز – (أحمد عبد الحق)
عاد الغموض يكتنف مصير محافظة إدلب في الشمال السوري، بعد أن دخلت كرابع منطقة لخفض التصعيد في سوريا في أيار من العام الماضي، وتسريب بعض تفاصيل الاتفاق الثلاثي بين الدول الضامنة فيما يتعلق بمصير هذه المنطقة، وما تم الحديث عنه حول مصير شرقي سكة الحديد التي تشمل مناطق ريفي حماة وإدلب الشرقيين وانتقالها إلى سلطة النظام وروسيا.
الإصرار الإيراني الروسي على بلوغ قاعدة أبو الظهور العسكرية، تبدى مع بدء التنفيذ على الأرض، من خلال حشود كبيرة وصلت لريف حماة، تلاها خلال الأسابيع الماضية تقدم لهذه الحشود باتجاه أبو دالي ثم الخوية ومنها باتجاه سنجار، مع مقاومة ضئيلة من طرف الفصائل، أرجعه متابعون لعلم الفصائل المسبق بمصير المنطقة.
ومع تقدم النظام وحلفائه في منطقة "سكة الحديد" وتوضح بعض خيوط الاتفاق وتسليم المنطقة والتي من الممكن أن تكون خلال أسبوع أو أكثر بيد النظام وحلفائه، بات الحديث اليوم عن مصير الطرف المقابل المتبقي من المحافظة، غربي سكة الحديد، لاسيما مع استمرار القصف الروسي وقصف النظام على ريف المحافظة الشرقي والجنوبي وعدم الالتزام باتفاقيات خفض التصعيد، كذلك تأخر دخول الطرف التركي الضامن الذي من المفترض أن يتمركز في مناطق ضمن عمق المحافظة، واقتصار نشر قواته على أطراف منطقة عفرين.
هذه التساؤلات خلقت تحليلات عديدة، بُنيت على حسب المعطيات الراهنة، تتحدث إحداها عن وجود خطة مسبقة للمنطقة باتفاق دولي، تعتبرها فيدرالية منفصلة عن باقي المناطق، تشرف تركيا على إدارتها من خلال القوة الأكبر في المنطقة، وأرجعت ذلك للاتفاق الأخير غير المعلن بين تركيا و"هيئة تحرير الشام" ودخول تركيا دون أي مقاومة، مع وعود لـ"هيئة تحرير الشام" التي باتت القوة الأكبر في المحافظة بتسليمها إدارة هذه المنطقة ولكن ضمن شروط.
وتتمحور الشروط - بحسب مصادر طلبت عدم ذكر اسمها- حول خلع "هيئة تحرير الشام" ثوب "القاعدة" وما علق بالثوب من تبعيات الانتماء لـ"القاعدة" والتنظيمات المتشددة، والاقتراب من الوسطية، يترافق ذلك مع السعي لبناء كيان مدني متكامل في المحافظة يحظى باعتراف إقليمي على أقل تقدير، ويقدم له الدعم بشكل غير مباشر عبر معبر باب الهوى، تمهيداً لدمج الفصائل الأخرى مع الكيان في أجهزة الأمن والشرطة والجيش، وجميعها بإشراف تركي على غرار ما تقوم به في مناطق "درع الفرات" بريف حلب الشمالي.
في الطرف المقابل؛ تشير تقديرات إلى حدوث صدام جديد في إدلب بعد ظهور مكونات تنظيم "القاعدة" بشكل علني واصطدامها مع "هيئة تحرير الشام"، والتي من الممكن أن تشكل عقبة كبيرة في تطبيق أي اتفاق، وقد تقاد إدلب لمرحلة صدام مسلح داخلي جديد، ربما ترسم الخارطة العسكرية ما بعد ذلك تصوراً جديداً للمحافظة، لاسيما أن الهيئة بات لها أعداء كثر جراء تصرفاتها؛ سواء كان عسكرياً من الفصائل التي حاربتها أو قوضت قوتها، أو من الحاضنة الشعبية التي باتت تغير موقفها من الهيئة، خصوصاً في حال تسليم شرقي سكة الحديد للنظام.
عقيد منشق عن النظام، قال لبلدي نيوز إن تسليم منطقة شرقي سكة الحديد هو صفقة تركية روسية على غرار صفقات سابقة في الباب وريف حلب الشمالي، تقتضي بالصمت التركي عن مجريات المعارك في منطقة خفض التصعيد المشرفة عليها (إدلب(، مقابل ضوء أخضر روسي وتغاضٍ عن علمية عفرين التي تنوي القوات التركية خوضها في مرحلة توقع المصدر أن تكون بعد انتهاء قضية شرقي سكة الحديد مباشرة، مرجعاً تأخر انتشار القوات التركية في إدلب واستمرار القصف الروسي رغم خفض التصعيد للضغط على الفصائل لقبول الأمر وتقبله.
وأضاف العقيد - الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن المراحل المتوقعة لما بعد عفرين، في حال نجاح العملية العسكرية التركية، أن تدخل إدلب بهدنة دائمة بعد أن تكون قد رسمت الحدود دولياً بين النظام والمعارضة، وهنا من المفترض أن تبدأ مرحلة تنظيم المناطق المحررة وعودة الخدمات والعمل على التمهيد لعودة النازحين لمناطقهم وإعادة الإعمار، لافتاً إلى أن فتح طريق أتوستراد حلب - دمشق الدولي من ضمن الخطة، والذي تم قبل أكثر من شهر، وسيتبعه فتح الطريق تجارياً ومدنياً لحركة العبور بشكل كامل، وإمداد الجزء "المحرر" من إدلب بالكهرباء والماء، والدخول في هدنة طويلة الأمد لحين التوصل لحل سياسي حقيقي في سوريا.
تتعدد التكهنات والتوقعات والتي تتغير تبعاً للتحالفات السياسية والعسكرية دولياً وميدانياً، ويصعب معها التنبؤ برؤية ثابتة للمنطقة، وقد تقلب الولايات المتحدة الأمريكية أي اتفاق في أي لحظة وتعود لواجهة الأحداث ضاربة كل الاتفاقيات المبرمة بين إيران وروسيا وتركيا، وتساعد في تغيير الخارطة العسكرية على الأرض، وفرض تصور جديد، بحسب العقيد المنشق.