بلدي نيوز – حماة (مصعب الأشقر)
تتزايد المأساة وتكبر حجمها بوجه جيل كامل من الأطفال توقف عن مواصلة دراسته ليدخل سوق العمل في وقت مبكر، بينما فقدت عائلات معيلها بسبب جرائم النظام، الأمر الذي أقحم الأطفال للعمل من أجل إعانة ذويهم وتأمين لقمة الخبز.
أحمد درزي، طفل يبلغ من العمر 14 عاماً، فقد والده منذ نحو شهرين وهو أكبر اخوته، حيث أجبر الصغير على البحث عن عمل يسدّ رمق اخوته الآخرين.
يخرج أحمد كل يوم مع صديقين له يبحثان في النفايات الصلبة عما يمكن أن يبتاعوه ويشترون به طعاماً لذويهم، خاصة بعدما أن أصبح المسؤول الوحيد عن إعالة اسرته.
لدى أحمد خمسة اخوة، يحاول قدر الإمكان اطعامه بما يمكن أن يُحصّله من عمله المضني طوال اليوم، وقد يوفق الصغير ببعض الخردوات التي يرميها الناس كقطع السيارات التالفة والأدوات المنزلية الصدئة، ثم يبيعوها بالكيلو غرام الذي لا يصل ثمن الكيلو الواحد منها إلى سعر ربطة خبز.
ولا يقتصر عمل أحمد في منطقة معينة، حيث يدور مع اصدقائه عدة بلدات ومدن بهدف جمع أكبر حجم ممكن من الخردوات للحصول على مزيد من النقود.
لم يمض أحمد وقتاً طويلاً في عمله، حتى لقي حتفه بعد أن وجد قطعة حديد دائرية الشكل فأعجبه وزنها، وما كان عليه إلا أن يرميها بكيس الخردوات الخاص به لتنفجر فورا وتودي بحياته.
الطبيب "احمد السلمو"، والذي حاول انقاذ أحمد فور وصوله المشفى، قال لبلدي نيوز: "أسعف أحمد إلى المشفى الميداني في قلعة المضيق ومعه طفلان من أبناء المدينة، الصديق الأول لأحمد استشهد أما الثاني فبترت ساقه، والسبب كان انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات قصف صاروخي طال مدينة قلعة المضيق في وقت سابق".
ويضيف: "الانفجار كان قريباً جداً من الأطفال، حيث كانت الإصابات عبارة عن شظايا كثيرة مخترقة للصدر والأحشاء، الأمر الذي سبب وفاة فورية للطفلين (أي أحمد وصديقه) وبتر ساق صديقهما الثالث".
حُرم الكثير من الأطفال من متابعة دراستهم في ريف حماة، بسبب انشغالهم بأمور الحياة وإقحامهم بالعمل بسبب ظروف الحياة القاسية.
أحمد هكوش المسؤول عن التعليم في محافظة حماة الحرة يقول لبلدي نيوز: "أكثر من 2400 طفل حرموا نهائياً من التعليم بريف حماة في سنة 2013، أما هذا العام فقد وصل العدد إلى 4700 بسبب المعارك الدائرة بريفي حماة الشمالي والغربي".
وأضاف "من أسباب ذلك نزوح آلاف العائلات وتركها لقراها وبلداتها قاصدة مكاناً ينجيهم من غارات الطيران وقذائف الدبابات، لذا لم يعد للتعليم أي اهتمام حتى من المنظمات الدولية التي كان لها سابقاً مساهمات خجولة في إنشاء مدارس ابتدائية تؤمن للأطفال الكتابة والقراءة".
اليوم ما بقي من المدارس التي لم تدمر بشكل غير كامل أعداد قليلة معدودة على اصابع اليد في ريف حماة، ورغم ذلك غير صالحة للعمل، بسبب ما تعرضت له من قصف قوات النظام بالطيران الحربي وراجمات الصواريخ.