بلدي نيوز – (عبدالعزيز الخليفة)
نشرت وسائل إعلامية إيرانية صورا لقائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، في مدينة دير الزور، وسط عدد من عناصر ميليشيا "لواء الباقر" المحلية الموالية للنظام، مرتدياً بزة سوداء, كما نشرت صورا أخرى تظهر تواجده في المحطة الثانية بحقل "الكم" النفطي قرب الحدود السورية العراقية، شرق دير الزور.
وتقود الميليشيات الإيرانية قوات النظام في معركة السيطرة على مدينة البوكمال الحدودية، بالمقابل تقود ميليشيا الحشد الشعبي العراقية المعركة من الجانب العراقي حيث سيطرت على القائم المقابلة للبوكمال واجتازت الحدود السورية في المنطقة.
يقول الصحفي السوري محمد أمين، إن "الشرق السوري يدخل ضمن استراتيجية إيران الكبرى لفرض الهيمنة المطلقة على المشرق العربي برمته، مشيرا إلى أهمية شرق سوريا لدى طهران، كونه في صلب حلمها بإنشاء ممر بري آمن يربط ايران بالبحر المتوسط".
ولفت في حديثه لبلدي نيوز، أن طهران تحاول مناطحة الأمريكيين في الشرق السوري لأسباب سياسية أيضا تتعلق بالحل النهائي في سوريا، وتحاول خلق وقائع لا يمكن تجاوزها، لكن هناك تفاهمات روسية-أمريكية تحول دون ذلك إلى الآن، مشيرا إلى إمكانية حدوث صدام بين الميليشيات الإيرانية والنظام من طرف، وقوات سوريا الديمقراطية من طرف أخر في أي وقت، وربما يبدأ هذا الصدام أثناء السباق على البوكمال.
بدوره، يقول الباحث عبدالوهاب عاصي، أن توجه قاسم سليماني إلى دير الزور عقب سيطرة قوات النظام على أحياء المدينة بشكل كامل، يأتي كرسالة إلى روسيا في الدرجة الأولى، مفادها أن تأمين المطار وأحياء المدينة لم يكن ليتم إلا بوجود الدعم البري الذي توفره إيران عبر الميليشيات، لا سيما وأن أحد أهم أهداف موسكو شرق سوريا هو تأمين مطار ومدينة دير الزور، حيث توجهت موسكو نحو مدينة الميادين انطلاقاً من شرق المطار على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وحين السيطرة عليها منعت وسائل الإعلام الموالية لإيران من المشاركة في التغطية، وهذا يظهر جانباً من الخلافات بين الشريكين.
وذكر عاصي، في حديثه لبلدي نيوز، أن قاسم سليماني ظهر في منتصف حزيران/ يونيو 2017 على الحدود العراقية-السورية، ليثبت أهمية المعارك التي تخوضها الميليشيات المدعومة من إيران للوصول إلى مدينة البوكمال والسيطرة على الشريط الحدودي، وذلك ضمن "فجر-3"، وبالتالي فإنه وبالرغم من تركيز إيران على معارك طريق دمشق-بغداد، لكنها ساهمت في السيطرة على مدينة دير الزور، لتؤكد للجانب الروسي أن حماية مصالحه الاستراتيجية في سوريا لن تتم بدون دعم إيران.
وعبّر عن اعتقاده، أن سليماني يسعى لإقناع الروس بضرورة حصار تنظيم "الدولة" ضمن بادية تدمر، عبر فتح محور نحو البوكمال من الميادين والسماح لإيران بالمشاركة فيه، وعبر دعم معركة فجر-3 للوصول من حميمة والمحطة الثانية نحو البوكمال.
وأضاف الباحث السوري "لا أتوقع حصول خلافات بين الروس والإيرانيين إلا في حال كانت روسيا فعلاً لا تثق بالدور الإيراني كشريك استراتيجي في سوريا، وأنها تخشى من ضلوعه في عملية تسريب المعلومات حول القيادة الروسية في دير الزور والتي استهدفتها تنظيم "الدولة" قبل فترة".
بدوره، حسين البسيس العضو السابق بالائتلاف الوطني المعارض والمنحدر من محافظة ديرالزور، يقول إن "من يقرأ التاريخ يعرف مخططات إيران منذ آلاف السنين، وأعتقد أن وجود سليماني بدير الزور إرسال رسائل منها تأكيد دعمهم المستمر لنظام الاسد، وإرسال رسائل للعرب وخاصة السعودية بأنهم موجودون بالعمق العربي السني، وإرسال رسالة للولايات المتحدة الامريكية التي فشلت حتى تاريخه بدعم قوة عربية سنية في المنطقة لقطع الطريق على التمدد الإيراني وإرسال رسائل لقوات سوريا الديمقراطية، بأنهم لن يجعلوهم يفعلون ما يريدون في المنطقة".
وأضاف البيسيس في حديثه لبلدي نيوز أن "إيران ساهمت بصناعة داعش وأخواتها، لإبقاء المنطقة مشتعلة وعلى صفيح ساخن، وتستطيع من خلال هذه الفوضى التدخل بشؤون المنطقة كاملة".
وتوقع أنه في ظل التوازنات الدولية الحالية أن لا تسمح الولايات المتحدة لإيران في أن "تتوسع باتجاه مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيا لان ذلك يضر بمصالح امريكا في المنطقة".
وتقود الميليشيات الإيرانية قوات النظام في معركة السيطرة على مدينة البوكمال الحدودية، حيث تعرضت المدينة خلال الأيام الماضية، لوابل من القذائف والصواريخ، بالتزامن مع عشرات الغارات الجوية الروسية، ما أدى إلى استشهاد عشرات المدنيين خلال الأيام القليلة الماضية.
وتشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحاً لعمليتين عسكريتين ضد التنظيم؛ الأولى ينفذها النظام وإيران على الأرض بدعم روسي عند الضفاف الغربية لنهر الفرات، حيث مدينتي دير الزور والبوكمال، والثانية تشنها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن عند الضفاف الشرقية للنهر الذي يقسم المحافظة.