بلدي نيوز - (أحمد عبد الحق)
تعتبر قضية المعتقلين إحدى أبرز الملفات الشائكة والمفصلية في المفاوضات الجارية في اجتماعات استانة، برعاية الأطراف الدولية والتي كانت أحد أهم المحاور في استانا 7 المنعقد حالياً.
كان الاعتقال أحد أبرز الوسائل التي استخدمها النظام في تقييد حرية التعبير وكبح جماح الثورة السورية، حيث مارست الأفرع الأمنية عمليات الاعتقال بشكل واسع بعد بدء الحراك الثوري، وزجت في غياهب السجون مئات الآلاف من أبناء الشعب السوري باسم التعرض لأمن وهيبة الدولة، لا يعلم مصيرهم حتى اليوم، كما كانت عمليات الاعتقال صفة رائجة ملازمة لفكر الأفرع الأمنية قبل الحراك الثوري؛ زجت في السجون آلاف المعارضين للنظام.
وبالتوازي مع انعقاد جلسات مؤتمر استانة 7 وبدء النقاش حول قضية المعتقلين؛ أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً، قالت فيه إنه يتوجب على جولتي مفاوضات أستانا وجنيف القادمتين عدم القفز على قضية المختفين والمفقودين، وذلك بعد فشل كل جولات جنيف وأستانا في الكشف عن مصير مختفٍ أو مفقود.
استعرض التقرير إحصائيات المعتقلين والمختفين قسرياً وحمَّل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والأطراف المتفاوضة في جنيف وأستانة مسؤولية هؤلاء الضحايا، حيث وثق ما لا يقل عن 106727 معتقلاً منذ آذار 2011 حتى شباط 2017 تحوَّل 90.15% منهم إلى مختفين قسرياً، مُشيراً إلى مسؤولية النظام عن 87% منهم، كما سجل التقرير اعتقال ما لا يقل عن 5024 منذ 23/ كانون الثاني/ 2017 وهو تاريخ بدء مفاوضات أستانة حتى لحظة إعداد التقرير.
ورصد التقرير إحصائية المختفين قسرياً، التي بلغت 85036 مختفٍ قسرياً منذ آذار 2011 حتى آب 2017 بينهم 5027 منذ بدء مفاوضات أستانة، كما سجل التقرير استشهاد 13104 شخصاً بسبب التعذيب منذ آذار/ 2011 حتى أيلول/ 2017 بينهم 166 طفلاً، و57 سيدة، قتل النظام وحده 12986 شخصاً بسبب التعذيب منهم.
وأوضحَ التَّقرير أنَّ الإنجاز في قضية المعتقلين كان شبه معدوم في مفاوضات جنيف، لكنها على الأقل كانت حاضرة في جدول الأعمال، إلَّا أنَّ الجولات الثلاث الأخيرة تكاد تخلو تقريباً من مجرد ذكر أو نقاش لهذا الملف الحساس وهو النَّهج ذاته الذي تكرَّر في مفاوضات أستانة منذ أول اجتماع لها في كانون الثاني/ 2017.
ونوَّه التقرير إلى تغييب مقصود لملف المعتقلين والمختفين قسرياً بذريعة تعقيد مسار المفاوضات، وتقدُّم العملية السياسية، موضحاً أن الشبكة السورية لمسَت ذلك عبر حضورها في عدة جولات في جنيف، إما بصفة استشارية، أو في غرفة المجتمع المدني.
وكانت طالبت الشبكة السورية في تقرير سابق الدول الراعية لاتفاق الجنوب السوري، بإعادة تضمين قضية المعتقلين، كبند رئيس في الاتفاق إلى جانب وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وتأسيس فريق وآلية عمل من الدول الراعية للاتفاق، للاهتمام بهذه القضية الأساسية، والضغط على الأطراف السورية وعلى رأسها النظام للبدء في عمليات إفراج عن المعتقلين وفي مقدمتهم النساء والأطفال.
وقالت الشبكة إن عدم تضمين الاتفاق قضية المعتقلين سوف يؤدي إلى فشله وفشل المحادثات في جنيف، وأنه يتوجب أن يشمل الاتفاق الروسي-الأمريكي إطلاق سراح قرابة 107 آلاف معتقل أو مختفٍ، وذكرت الشبكة أن "روسيا هي شريك في جميع هذه الاتفاقيات، لكنَّها تُعتبر طرفاً رئيساً في النزاع، بل ومنحازاً إلى الحلف الإيراني السوري، أما إيران فلا يمكن لعاقل فصلها عن النظام السوري أصلاً".
ونوهت إلى أن عدم وجود آلية محايدة لمراقبة الخروقات، قد أنهى عملياً محاسبة من يقوم ويتسبب بخروقات هذه الاتفاقيات، مؤكدة أنها ستقوم بمراقبة خروقات هذا الاتفاق على غرار مراقبة خروقات اتفاقيات سابقة، ثم إرسال تقارير إلى الجهات المعنية والمهتمة بهذا الشأن.
وذكر التقرير أن النظام هدف منذ بداية الحراك الشعبي حتى نهاية عام 2013 إلى ملاحقة رموز الحراك المدني، لكن في عام 2014 حصل تغيُّر في استراتيجية النظام الذي حاول تعويض تفكك قواته بحملات واسعة من الاعتقالات بهدف إلحاق المعتقلين في صفوف جبهات القتال الأولى، وقد اعتقل آلاف الشباب وقتل العديد منهم في دوامة هذه الاستراتيجية الاستعبادية، ووقع ذلك بشكل خاص في صفوف أبناء المناطق التي خضعت إلى هدنٍ أو تسويات، حيث حصلت حملات واسعة من الاعتقالات في صفوف من رغب في البقاء وسيقوا جبرياً إلى جبهات القتال.