بلدي نيوز - (أحمد عبد الحق)
شهدت مدينة إدلب، اليوم السبت، مظاهرة شعبية حاشدة شاركت فيها الفعاليات المدينة والشعبية من محافظات عدة، بمناسبة "يوم الغضب السوري" الذي دعا إليه نشطاء في الداخل والخارج، بهدف "تجديد العهد والتمسك بمبادئ الثورة السورية وقيمها حتى إسقاط نظام الأسد".
اللافت في المظاهرة هو سماح هيئة تحرير الشام للمتظاهرين برفع علم الثورة السورية الذي مُنعت الفعاليات الشعبية في مدينة إدلب من رفعه لأكثر من عامين، بعد تحرير المدينة من قبضة قوات النظام وتسلم إدارتها من قبل غرفة عمليات جيش الفتح والتي كانت إحدى قراراتها منع رفع أي راية في المدينة، كما أن مظاهرة اليوم حظيت بحماية كاملة من القوة الأمنية التابعة لتحرير الشام.
وكان تعرض كثير من الناشطين المشاركين في مظاهرات اليوم، خلال أكثر من عامين، لضغوطات من قبل "جبهة النصرة" المنحلة، والتي كانت صاحبة القرار النافذ في غرفة عمليات جيش الفتح، مع تضييق على المؤسسات المدنية التي كانت تربطها علاقة بالغرب.
وجاءت الخطوة من نظرة شاملة لجبهة النصرة على أن هذه الراية تمثل فصائل فاسدة عميلة للغرب، على خلفية اقتتالها مع عدد من هذه الفصائل، لتكون هذه هي المرة الأولى التي يرفع فيها علم الثورة، بعد حل جبهة النصرة وتشكيل هيئة تحرير الشام، التي سيرت المظاهرات اليوم بحماية من قوتها الأمنية، الأمر الذي عده الكثيرون نقطة تحول محورية وجوهرية.
فطوال عامين من الحراك الشعبي بعد التحرير في مدينة إدلب، سعت الفعاليات المدينة لإثبات نفسها كقوة فاعلة قادرة على إعادة الروح الثورية للمدينة، والمساهمة في بناء مؤسساتها، فخرجت مظاهرات عديدة تطالب بتسليم إدارة المدينة للفعاليات المدنية من أبنائها، وعدم تدخل الفصائل العسكرية في الشؤون المدنية.
وبعد تشكيل هيئة تحرير الشام والعديد من الإرهاصات، سلمت مجلس مدينة إدلب المنتخب من قبل الفعاليات المدنية بعض الإدارات التابعة لإدارة إدلب، منها الزراعة والعقارات والأفران، وشهدت المدينة لأشهر محاولات عدة لإعادة الحياة رغم قصف النظام المتكرر والمجازر المتكررة التي يرتكبها، والتي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين خلال عامين، وبدأت بتنفيذ مشاريع عديدة على صعيد الخدمات.
بعد الاقتتال الأخير في شهر تموز الماضي، وحل غرفة عمليات جيش الفتح وإدارة إدلب المدنية، جردت تحرير الشام مجلس مدينة إدلب من الإدارات التابعة له، وسلمت زمام الأمور المدنية كاملة للإدارة المدنية للخدمات، تخلل هذه الأحداث خروج مظاهرات قوبلت بالرصاص في ساحة الساعة وسط المدينة.
حيث شكل رفع علم الثورة السورية في الآونة الأخيرة وفي كثير من المناطق موضع خلاف كبير بين الفصائل بين من يرفضه ومن يبارك ويؤيد رفعه، حتى أن رفع علم الثورة السورية كان إحدى شرارات الاقتتال الأخير بين تحرير الشام وأحرار الشام، كما سعت تحرير الشام لمنع رفعه في مدن عدة منها سلقين وحارم وجسر الشغور وأيضاَ سراقب ومعرة النعمان، إلا أن الحراك الشعبي في معرة النعمان وسراقب كان له موقف رافض للهيمنة العسكرية، وكذلك مدينة إدلب كان لها شأن أخر كونها مركز القيادة والثقل العسكري والأمني لتحرير الشام.
مظاهرة اليوم ورفع علم الثورة السورية وسط مدينة إدلب وحماية المظاهرة من قبل تحرير الشام، كان تطوراً لافتاً في تعديل الموقف وتغيره، سبق ذلك بيانات لتحرير الشام في الآونة الأخيرة للتمهيد لفكرة تقبل تحرير الشام لرفع علم الثورة السورية، نظر إليه من قبل مراقبين أنه نهج جديد للهيئة، بناء على متطلبات المرحلة الراهنة من الصراع بعد أن غدت في مواجهة مع دول العالم في إدلب، وأنها باتت أمام خيارين إما تغيير سياستها وكسب الحاضنة الشعبية أو المواجهة.
في الطرف المقابل، وجد آخرون أن تغيير موقف هيئة تحرير الشام جاء بعد بدء دخول القوات التركية إلى ريفي إدلب وحلب بشكل رسمي، حيث من الممكن أن تلعب تحرير الشام في المرحلة المقبلة دوراً فاعلاً في إدارة المنطقة بناء على تفاهم ما، لذلك لابد من تغيير كامل السياسة التي انتهجتها تحرير الشام سابقاً والعدول عن كل المواقف السابقة، فجاءت هذه الخطوة كإحدى خطوات كبيرة قد تسلكها تحرير الشام مستقبلاً، قد يصل لمرحلة أن تعتمد علم الثورة السورية كراية رسمية، كدليل على حدوث تغير جذري على عدة صعد.