بلدي نيوز - (عمر يوسف)
صادف أمس الخميس الذكرى السنوية الأولى لانطلاق عملية "درع الفرات" التي أطلقها الجيش التركي بالتعاون مع فصائل الجيش الحر في الشمال السوري ضد تنظيم "الدولة" في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي.
وبدأت الأعمال العسكرية في 24 آب 2016 انطلاقا من مدينة جرابلس الحدودية مع تركيا لتحريرها من قبضة تنظيم "الدولة"، وتوالت المعارك الضارية نحو استعادة كل من مدن وبلدات الراعي والباب ومارع أخترين ودابق وغيرها، لتصل مساحة المناطق المحررة من التنظيم قرابة ألفي كيلو متر مربع، بعد أكثر من 200 يوم من المعارك لتصبح المنطقة تحمل اسم "درع الفرات" نسبة للعمل العسكري الواسع.
وبالعودة إلى الأهداف المعلنة من قبل قيادة "درع الفرات"، استطاعت تركيا تحقيق مكاسب داخلية لها على الأرض؛ أبرزها تأمين المدن التركية الحدودية من نيران قصف تنظيم "الدولة". وجرابلس هي آخر مدينة مهمة على الحدود يسيطر عليها التنظيم الذي دخلها في كانون الأول 2014، إضافة إلى منع ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية من الاستيلاء على المدينة وضمها إلى منبج، وقطع الطريق لوصل كانتوتي عفرين وعين العرب الكرديين ببعضهما عبر جرابلس.
ومن الأهداف الجزئية للعملية التي أيدتها أحزاب تركية معارضة في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري منع حدوث موجة نزوح جديدة، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين بالمنطقة، وتطهير الحدود من "المنظمات الإرهابية" بما فيها حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، والمساهمة في زيادة أمن الحدود.
كما تتقاطع مصالح الجيش الحر من خلال هذه العملية، من خلال تحرير المدن من سطوة تنظيم "الدولة" الذي يعتبر الحليف الغير المعلن لنظام الأسد ضد الثورة السورية، وتحقيق إقامة مناطق آمنة في الشمال السوري، خالية من الأعمال العسكرية، مما يرسخ الأمن والاستقرار لآلاف المدنيين السوريين النازحين من جحيم المعارك، مع التأكيد على بقاء عدة مدن وقرى بالريف الشمالي لحلب محتلة من قبل "قسد" وسط حديث تركي عن عمل عسكري مرتقب ضد ميليشا وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب "ب ي د".
ويمكن القول إن العملية حققت معظم أهدافها المشتركة المصالح، وأفرزت تفاهمات دولية جديدة جراء النصر العسكري التركي، كما أكسبت الجيش الحر الثقة بالنفس والقدرة على تحقيق الهزيمة بالتنظيم في أهم معاقله بالريف الحلبي.
أما محليا، فقد ساهمت العملية بخلق مناطق آمنة واسعة للمدنيين وباتت في الآونة الأخيرة ملاذا للمهجرين من حمص وريف دمشق، جراء اتفاقيات التهجير الأخيرة، وأنعشت أيضا الحركة التجارية والصناعية في تلك المدن المحررة، لاسيما أنها قريبة من الحدود التركية.
وما يؤخذ الآن على العملية هو استمرار النزعة الفصائلية والنزاعات المسلحة لدى الجيش الحر هناك بين الحين الآخر، وانتشار السلاح في معظم تلك المدن، وغياب الرؤية لتشكيل كيان عسكري موحد، رغم محاولات الشرطة الحرة الحثيثة لبسط نفوذها وفق القانون والعمل على إنهاء فوضى السلاح.
كما يمكن أن يضاف من سلبيات هو ارتفاع الكثافة السكانية في مناطق درع الفرات وانعكاسها سلبا من خلال ارتفاع إيجارات المنازل وغلاء المعيشة، وارتفاع أجور المواصلات.