بلدي نيوز – (منى علي)
تزامناً مع زيارة رأس النظام بشار الأسد إلى حماة وجولته الاستعراضية مع أسرته في ريفها الخاضع لسيطرة قواته، حدثت تغييرات غريبة ومتسارعة في اللاذقية ودمشق أكبر المدن الخاضعة اسميا لنظام الأسد وفعليا لروسيا وإيران المتحكمتين بمسار أدق تفاصيل الحياة في مناطق سيطرة النظام.
مصادر محلية خاصة قالت لبلدي نيوز إن مدينة اللاذقية شهدت في الأيام القليلة الماضية تطورات وتغيرات جذرية تمثلت في إزالة كثير من الحواجز العسكرية والأمنية في المدينة، ومحاربة ظاهرة تمييز سيارات المسؤولين والشبيحة وأبنائهم من خلال ظاهرة "الفيميه" (تظليل زجاج السيارات)، وإيقاف ملاحقة المطلوبين للخدمة الاحتياطية.
كما تحدثت المصادر عن التضييق على النازحين من مدينة حلب، والطلب منهم العودة إلى مدينتهم التي أضحت "آمنة" وفق ادعاءات النظام، وأن عددا منهم قد عاد بالفعل، وفق المصدر.
أما في دمشق فشكلت عودة التيار الكهربائي إلى مناطق كثيرة في العاصمة "صدمة" ومفاجأة مدوية، حيث عاد التيار إلى بعض الأحياء منذ خمسة أيام دون تسجيل حالة انقطاع، وبعضها استمر التيار فيها لمدة يومين من دون انقطاع، في ظاهرة فاجأت السكان، حيث لم يلمسوا ذلك منذ نحو خمس سنوات.
هذه التطورات تزامنت مع "الدعاية" والاستعراض الواضح الذي كان العنوان الأبرز لزيارة رأس النظام "بشار الأسد" رفقة أسرته إلى محافظة حماة، وزيارة الأرياف ومصابي الحرب من الشبيحة بعد أداء صلاة عيد الفطر في المدينة التي تعتبر مركز الثقل "السنّي" الأكبر.
الكاتب والباحث السوري، د. مازن أكثم سليمان، قال لبلدي نيوز حول التطورات: "لا أرفضُ من حيث المبدأ أن نتابِعَ ونُحلِّلَ كُلّ ما يحدثُ في الداخل من تفصيلات وأحداث وتحوُّلات، فهذا أمرٌ ضروريّ لفَهِمِ كثيرٍ من المُعطيات، لكنْ علينا أنْ نحذَرَ من المُبالَغة في التأويل والانجرار إلى إعطاء بعض الأحداث دلالات أكبر من حجمِها، وذلكَ لاعتبارات مُختلِفة؛ منها أنَّ كثيراً من التفصيلات أو الإجراءات أو الأحداث تكون مقصودة من قبَل النظام لبعث رسائل محلِّيّة أحياناً أو خارجيّة في أحيانٍ أخرى، كما أنَّ بعض الأفعال تكونُ مُتعمَّدة وتهدُف بخبث إلى إشغالنا بتأويلاتها ودلالاتِها والظَّنّ أنَّها تدلّ على تبدُّلات جذريّة، ولهذا الاعتبار هيَ لا تستحقُّ أن نمضي وقتنا في البحث عن تفسيرات عميقة لها".
وأضاف الدكتور "سليمان": "علينا في هذا المضمار أن نعي حقيقتين أساسيتين: أوَّلُهما أنَّ مصدر القرار في كثيرٍ من تفصيلات الحياة اليوميّة وتحوُّلاتِها في الدّاخِل قد يكون (إيرانياً أو روسياً)، وثانيهُما أنَّ كثيراً من الأحداث أو القضايا الطّارئة قد تتمُّ خارج دائرة مركزية النظام بعدَ أنْ أصبحَتْ بنيتُهُ الهرميّة غير مُتماسِكة، وباتت قوى مُتعدِّدة تعمَلُ لحسابِها وبطريقة شبه مُستقلّة في حالات واسِعة على الأرض كالدِّفاع الوطني وغيره".
وختم الكاتب السوري د. مازن بالقول: "لابُدَّ أنْ نعيَ أساليبَ النظام في الداخل القائِمة على ثنائيّة (الشَّدّ والرَّخي) وثنائيّة (العصا والجزرة)، وعبرهُما نستطيع تفسير كثير من الأشياء التي تحدث يومياً".
تحليل د. سليمان تقاطع مع تحليلات سياسيين سوريين ذهبوا إلى أن ما يقوم به النظام من تجميلات يقع في باب التسويق ومحاولة إعادة إنتاج نفسه نظاماً قادرا على إدارة البلد، فيما قال آخرون إن ذلك هو المقدمات التأسيسية لمناطق "خفض التصعيد" التي ستعيد رسم مناطق النفوذ والسيطرة في سوريا، حيث ستشهد اللاذقية "دعوة المعارضين للعودة والمصالحة" في فترة قريبة قادمة، وفق ناشطة معارضة من اللاذقية أكدت هذه المعلومات لبلدي نيوز طالبة عدم الكشف عن هويتها.