بلدي نيوز - (عمر حاج حسين)
دمر نظام الأسد شرقي حلب حجراً حجراً خلال معاركه للسيطرة عليها، وبعد أن خفتت أصوات المدافع إلى حين، وأنقشع غبار المعارك، ظهر حجم الدمار الخرافي في المدينة، فحلب هي ستالينغراد الروسية أو دريسدن الألمانية اللتين دمرتهما المعارك والقصف تماماً، وعلى خلاف المدينتين اللتين ما أن توقفت المعارك حتى بدأ بناؤهما من جديد، لا يوجد أي دليل على أن النظام سوف يعيد بناء أي شيء في حلب، فهو عاجز اقتصادياً، إضافة لرغبته المسعورة في معاقبة المدنيين على ثورتهم عليه في حلب الشرقية، ما دفعه لإبقاء الأبنية المدمرة على حالها، كأمثلة حية على مصير من يخرجون عليه.
الغريب في الأمر أن أبنية حلب المدمرة، والتي دمرت معها الكثير من أبراج الشبكتين الخلويتين المملوكتين لرامي مخلوف واجهة الأسد المالية، لكن تنتشر في الطرقات وبالقرب من الأبنية المدمرة المهمة، إعلانات وصفها أبناء حلب الشرقية بأنها "مستفزة وموجهة"، حيث تحتوي عبارات لا تتناسب مع الظرف، وتحتوي شكلا من أشكال الرسائل الموجهة التي لا تخفى على أحد.
فرغم تدمير العديد من أبراج الاتصالات وتعاسة الخدمة وانقطاعها الدائم، وعدم الحاجة للإعلانات بسبب الاحتكار الذي يسيطر فيه "مخلوف" على مخدمات الاتصالات، تنشر شركات الاتصالات في المدينة إعلانات ضخمة على أنقاض المنازل والأبنية المدمرة.
حيث تداول ناشطون اليوم الاثنين صور إعلانات لشركة الاتصالات الجوالة MTN وقد رفعت على أنقاض منازل المدنيين في حلب الشرقية لتبدو وكأنها تحاكي شركة زين التي استغلت حروب حلب الشرقية وقتل المدنيين لصالح نظام الأسد وميليشياته الطائفية.
هذه اللوحات كانت تحمل عبارات مثل "بيلبقلك الفرح يا حلب"، هذه الجملة تعتبر مستفزة وعدائية وسط الظروف التي تحيط بالصورة، وهي تحمل دلالات ومعاني ثأرية، كفيلة بتأجيج أعنف المشاعر داخل الأشخاص المشردين من بيوتهم أو المهجرين أو ذوي المعتقلين خلال عملية احتلال حلب.
ما يدفع للاستنتاج أنّ المدينة لم تودع أجواء الحرب وأن حدوث ذلك يبدو ضرباً من التفاؤل المفرط للأسد وأنصاره، فالتجوّل في الجزء الشرقي من المدينة خاصة والوقوف على ما دار ويدور فيها، يضعك وجهاً لوجه أمام نتائج كارثيّة، بدءاً بالدمار الهائل، مروراً بهذه الإعلانات الثأرية "السادية" لشركات تابعة لحاشية الأسد وأقاربه، وليس انتهاءً بما لحق بالنسيج المجتمعي من مصائب.
يذكر أن نظام الأسد تمكن من إعادة احتلال كامل مدينة حلب نهاية العام الفائت، بدعم روسي إيراني، حيث قتل وأصيب المئات من المدنيين، وتم تدمير معظم البنية التحتية للأحياء الشرقية، فضلا عن تهجير السكان، ليأتي أخيرا وينشر إعلانات عن الفرح فوق جبل من المآسي يؤكد الحلبيون أنه سوف يتحول لبركان متفجر يكتسح الأسد وداعميه.