بلدي نيوز – (منى علي)
بدأت تتوضح معالم الاحتلالات الجديدة للرقة، عاصمة تنظيم "الدولة" في سوريا، قبل أن يتم "تحريرها"، حيث تبدو كيانات ودول في عجلة من أمرها لوضع قدم أو "قاعدة" في المحافظة، فيما يبدو سباقاً لقطع الطريق على الأعداء المحتملين أو الواضحين.
ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي هي عصب المعركة و"الوكيل الحصري" للتحالف الدولي في الرقة، لا تخفي أطماعها في السيطرة على المحافظة وضمها إلى "الإدارة الذاتية" في "مقاطعة الجزيرة" التي يحكمها الأكراد الانفصاليون، وهو ما صرح به علناً صالح مسلح رئيس "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي.
أما على صعيد أطماع الدول وحساباتها، فبدت الولايات المتحدة وإيران سباقين إلى وضع موطئ قدم في المحافظة، ليكون لهم دور أكيد في تقرير مصيرها مستقبلاً، وبالتالي تقرير مصير المنطقة الشرقية من سوريا، إن لم يكن مصير سوريا بأسره.
الصحفي السوري "نجم الدين النجم"، نقل عن مصادر محلية في الرقة، أن القوات الأمريكية في مدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، بإنشاء مركز قيادة لقواتها العسكرية وتشييد أبنية سكنية لجنودها في المنطقة.
وقال "النجم" إن القوات الأمريكية بدأت بهدم منازل الإسكان العسكرية في مدينة الطبقة، وقطعت جميع الطرقات المؤدية إلى المنطقة، وشرعت بعمليات البناء.
وأكد ناشطون محليون، وفق الصحفي "نجم الدين"، أن القوات الأمريكية تنوي التمركز في مدينة الطبقة الإستراتيجية، واتخاذها قاعدة عسكرية طويلة الأمد على الأراضي السورية.
وفي الحد الغربي لمحافظة الرقة، على حدودها مع حلب، تسعى إيران لتشكيل ميليشيا طائفية جديدة خالصة الولاء لها، في مدينة "مسكنة"، المتاخمة لحدود الرقة، ومن هناك يكون التمدد إلى القرى والبلدات الغربية للقرة متاحاً، ما يسمح بالتدخل مستقبلا في رسم المستقبل السياسي للمنطقة.
ويبقى السؤال عمن سيتدخل في المستقبل القريب ويضع موطئ "قاعدة" ليزداد الغموض والاشتباك في المنطقة، حيث يدور سؤال عن روسيا وغيابها عن المشهد هناك حتى الآن، كما أن لتركيا مصالح تخص أمنها القومي.
الصحفي السوري "عدنان عبد الرزاق" رأى أنه عند الحديث عن الرقة فإن من أولويات الطرح، الإشارة إلى عمليات القتل الجماعي التي يتعرض لها المدنيون هناك، بحجة مكافحة الإرهاب، لدرجة استخدام أسلحة محرمة دولياً، وبحسب ما أقرت واعترفت صحف أمريكية.
وأشار الصحفي عبد الرزاق خلال حديث خاص لبلدي نيوز، إلى ما يمكن أن يتمخض عن الحرب، من تغيير ديموغرافي، سواء كردي بعد اعتماد مبدأ "الأرض لمن يحررها" من قبل البعض، أو الشيعي عبر استكلاب طهران للحصول على ممر يربط حلمها النكوصي بما يسمى هلال شيعي .
وفيما يخص التسابق نحو الرقة، رأى الصحفي عبد الرزاق "أن هناك تسابقاً دولياً لفرض أمر الواقع على الأرض، سواء من قبل الولايات المتحدة التي أتت بربع الساعة الأخيرة، لتؤسس لقواعد ومنصات صواريخ، أو لتدرب وتدعم من يمثلها ويبقيها في منطقة الجزيرة .
بالوقت نفسه، رأينا قوات بشار الأسد، مدعومة بميلشيات إيرانية وعراقية، تحاول التقدم للسيطرة على المعابر، وأهمها التنف، في محاولة لاسترجاع النشاط التجاري وقطع الطريق على التواجد الأجنبي" .
وخلص "عبد الرزاق" للقول: "يبدو أن اقتسام النفوذ بدأ يتجلى على الأرض السورية أخيراً، ولعل في صمت واشنطن على ما يجري جنوبي سوريا ودرعا خاصة، يصب بنفس التفاهم عن صمت موسكو لما تخطط له واشنطن بشمال شرق سورية .مشيرين لأهمية منطقة الجزيرة السورية، ففضلاً عن كونها منطقة حدودية مع العراق والأردن، هي خزان سوريا النفطي والغذائي والمائي، وما يخطط من احتلالها أو حتى منحها لمن يسيطر عليها، إنما يؤسس لديمومة صراع بسوريا، قد لا ينتهي بعقود" .