بلدي نيوز – (منى علي)
قال مسؤول أمريكي ووزارة الدفاع (البتاغون)، أمس الثلاثاء، إن البيت الأبيض وافق على إمداد مقاتلي "وحدات حماية الشعب" الكردية في سوريا بالسلاح لدعم عملية استعادة مدينة الرقة من تنظيم "الدولة"، على الرغم من معارضة أنقرة الشديدة للخطوة.
وعلى الرغم من تطمينات واشنطن لحليفتها أنقرة، إلا أنها عملياً تدعم عدوها الأكبر، ميلشيا "قسد" و"وحدات حماية الشعب"، الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً، ولم تأخذ إدارة ترامب وقبلها إدارة سلفه أوباما بخطط عسكرية قدمتها تركيا لتحرير الرقة من دون مشاركة القوات الكردية الانفصالية، وبدل ذلك وقفت حائلاً دون السماح لقوات "درع الفرات" السورية المدعومة من تركيا بتحرير مدينة منبج بريف حلب والتي تُعتبر بوابة للعبور إلى غرب الفرات باتجاه الرقة.
وأبدى وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس تفاؤله أمس، بعد مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع التركي في شأن قتال تنظيم "الدولة"، ولكنه لم يكشف النقاب عن إحراز أي تقدم لتسوية خلاف في شأن دعم الولايات المتحدة للمقاتلين الأكراد. واعترف ماتيس بوجود مأزق، ولكنه أشار إلى ثقته في أن واشنطن وأنقرة ستتجاوزان هذا المأزق. وأوضح قائلاً: "ولكن سنحل ذلك..الحرب أحياناً لا تعطيك كل الخيارات الجيدة. هذه طبيعة الحرب. إنه ليس موقفا جيدا".
وكانت تقارير صحفية قالت إن "معركة الرقة" تبقى معلقة بانتظار ما ستسفر عنه نتائج زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى واشنطن ولقائه الرئيس ترامب، في 16 من أيار/مايو الحالي، إلا أن استباق ترامب الزيارة بالموافقة على تسليح الأكراد الانفصاليين، تعطي مؤشراً سلبيا، وفق محللين.
فما تأثير هذه التجاذبات على معركة الرقة ومصير سوريا ووحدة أراضيها التي تصر واشنطن على إبداء احترامها لها؟!
الصحفي السوري "إياد عيسى" قال إن "القرار الأمريكي بتسليح الوحدات الكردية، لم يتخذ فقط قبيل زيارة الرئيس أردوغان إلى االولايات المتحدة، بل بالتزامن مع وصول وفد تركي بالفعل إلى واشنطن أمس مكوّن من رئيس هيئة الأركان العامة خلوصي أكار، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن، ورئيس جهاز الاستخبارت هاكان فيدان، بهدف ترتيب زيارة أردوغان منتصف الشهر الجاري، واجتمع الوفد مع مستشار الأمن القومي هربرت رايموند ماكماستر، ما يعني رسالة شديدة الوضوح مفادها أن الولايات المتحدة تفضل التحالف مع الانفصاليين الأكراد لتخليص الرقة من قبضة داعش، وأنها غير معنية بالملف الذي يحمله الوفد التركي الخاص بتنظيمي )بي كي كي) و(حزب الاتحاد الديمقراطي)، وأعمالهما الإرهابية في تركيا وسورية".
وأضاف الصحفي "عيسى" في حديث خاص لبلدي نيوز: "الواقع أن الموقف الأمريكي لم يكن مفاجئاً لأحد ومنهم أنقرة، التي تدرك تماماً أن الأكراد سيفرضون إدارتهم على الرقة، وهو ما يمهد في المستقبل إلى خلق كيان كردي جديد، على غرار شمال العراق، وأن هؤلاء لن يسلموا إدارة الرقة للعرب كما يدعون هم ومن خلفهم واشنطن، خصوصاً أن (الدولة العميقة) في الولايات المتحدة تعتمد في سياساتها مبدأ منح الأكراد (كيانات) تحت مسمى الفيدرالية".
ورأى "عيسى" أن السؤال الأهم إزاء الأحداث الراهنة هو "ما الذي ستفعله تركيا لمواجهة أكبر وأخطر تحدٍ لأمنها القومي، بعد ما بات بي كى كي وذراعه السوري وحدات حماية الشعب الكردية، يسيطران على أكثر من 400 كم على امتداد المناطق الحدودية وتمتد من قرب بلدة الدرباسية شمال الحسكة شرقاً، وحتى عفرين بريف حلب غرباً، وهل ستكتفي بسياسة التصريحات النارية التي اعتمدتها منذ اندلاع الثورة السورية، والتردد بالمقابل باقتحام الميدان السوري عسكرياً؟ وهي السياسة التي كلفتها الكثير، فيما تدخل الإيرانيون والروس والأمريكيون ليغيروا الوقائع على الأرض تحقيقاً لمصالحهم، وعلى حساب المصالح التركية بالدرجة الأولى". وفق الصحفي "عيسى".
ومع زخم التصريحات التركية التي صدرت اليوم الأربعاء، عن الرئيس أردوغان ووزيري خارجيته ودفاعه، متمنين على إدارة ترامب تغيير توجهاتها قبل زيارة الرئيس التركي لواشنطن، ومشيرين إلى أن تسليح الانفصاليين الأكراد "بحد ذاته أزمة"، تحدثت مصادر صحفية عن دخول معدات وعتاد أمريكي بالفعل للقوات الكردية، وهو ما يدعمه قول المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة" اليوم الأربعاء، إن واشنطن قد تبدأ "سريعا جدا" تسليم بعض الأسلحة والمعدات لمقاتلي "وحدات حماية الشعب" الكردية في سوريا.