بلدي نيوز – (منى علي)
أظهر المؤتمر الصحفي لوزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسعودي عادل الجبير اليوم الأربعاء، هوة ساحقة في التعاطي مع القضية السورية بين الجانبين.. لافروف اعتبر كل شيء يحدث في سوريا شرعيا و"الحرس الثوري" و"حزب الله" ضيوفا بدعوة من "حكومة الأسد الشرعية".. والتغيير الديمغرافي اتفاقات طبيعية لتقليل الضحايا!
بينما عبر الجبير عن سياسة بلاده بكل وضوح إزاء الوضع السوري، معتبراً "حزب الله" و"الحرس الثوري" ميليشيات إرهابية، ونظام الأسد فاقداً للشرعية بعد قتل أكثر من نصف مليون سوري.
اللافت كان الموقف الروسي الذي عاد إلى المربع الأول، وتراجع عن كل التنازلات أو شبه التنازلات التي أبداها عبر المسيرة السياسية الشائكة، لينسف كل الجهود التي بذلتها الدول ومجلس الأمن للوصول إلى حل سياسي لما يسمونه "الأزمة السورية".
وبدل تقديم تنازلات ضرورية لا يتم الحل السوري بدونها، لجأ نظام بوتين إلى استيعاب الدول الحليفة أو الصديقة للثورة السورية، من خلال إشراك بعضهم في مفاوضات "أستانا"، وهي الخط التفاوضي الذي ابتدعته موسكو، للالتفاف على "جنيف" والاستفراد بالحل، إلا أنها ما لبثت أن وسعت الدول الراعية أو المراقبة لتلك المفاوضات لإضفاء شرعية عليها.
وكان وزير الخارجية الكازاخستاني زار منذ يومين السعودية وقطر، وأعلن في وقت سابق، أنه من المهم بالنسبة لبلاده توسيع دائرة الدول المراقبة على عملية أستانا، وأنه تم تناول مسألة إشراك الاتحاد الأوروبي ودول عربية، مثل السعودية وقطر، في هذه العملية.
الكاتب السياسي السوري د. عبد القادر منلا، رأى أن خلافات الدول حول الملف السوري لا تعدو كونها تبادل أدوار، مضيفاً: "آن لنا أن نعرف أن نظام الأسد لا يسقط بالتصريحات ولا حتى بحرب تشن ضد بعض قواعده أو بعض من ترسانته العسكرية"..
وعن الموقف الأممي قال د. منلا: "يمكن اختصاره برسالة التهنئة التي أرسلها الأمين العام الجديد للأمم المتحدة للأسد والتي هنأه فيها بعيد الجلاء، وضمنها أيضاً عبارات اضحة تدل على ماهية موقف المنظمة من نظام الأسد، فضلاً عن مباركة الأمم المتحدة لعمليات التهجير والتغيير الديموغرافي التي تتم في العلن"..
وخلص الكاتب السوري "منلا" للقول إن "قراءة الواقع تدل بوضوح على أن مشروع تقاسم سورية من القوى الدولية هو الأكثر رجوحاً، وأن الإبقاء على الأسد هو الورقة الضامنة لمنح هذا المشروع شرعيته.. أما الشعب السوري فسوف يتعرض لمزيد من الإنهاك ومزيد من القتل والتهجير لأنه العقبة الوحيدة أما نفاذ الخطة".
التباين الروسي – السعودي، لا يبدو وكأنه يصب في مصلحة الثورة السورية، إذ أن روسيا وإيران وحلفاءهما ينفذون أجنداتهم على الأرض السورية بالقوة وفي العلن، ويحتلون أراضي ومساحات واسعة من الأرض السورية كما يحتلون القرار السياسي. بينما تكتفي الدول الحليفة للثورة بإطلاق التصريحات وتقديم بعض المعونات والخيام للمشردين!
وبعد سبع سنوات من القتل والانتهاكات، لم تتخذ تلك الدول موقفاً حاسما من داعمي الأسد، بل على العكس تقول الإحصاءات والأخبار إن مشتريات الدول العربية من الأسلحة الروسية في تصاعد، كما أن العلاقات السياسية تبدو في أحسن حال!.