بلدي نيوز – (منى علي)
تصر تركيا أكثر من أي وقت مضى على إنشاء مناطق آمنة في الشمال السوري، مدعومة بالتفاهمات التي حصلت بينها وبين الجانب الروسي، وكذلك بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه إقامة مناطق آمنة في سوريا، بتمويل خليجي. وتنظر تركيا إلى المناطق الآمنة كضرورة للأمن القومي التركي، كما صرح مسؤولوها غير مرة، لإبعاد خطر المنظمات الإرهابية عن حدودها وحماية ولاياتها الجنوبية من هجمات تنظيم "الدولة" والميليشيات الكردية الانفصالية. وبعد تحرير "الباب" من قبل فصائل الجيش الحر مدعومين بقوات خاصة تركية، أصبح السؤال عن حاضر ومستقبل هذه المناطق التي وقعت تحت السيطرة التركية، أكثر إلحاحاً، فالمضي قدما في المشروع يتطلب إثبات كفاءة ونجاح في إدارة مدينة الباب ومناطقها حيث يقطن أكثر من 300 ألف مدني.
وبالفعل فقد بدأ سكان الباب اليوم الاثنين بالعودة تدريجياً إلى منازلهم، في الأحياء التي انتهى الجيش الحر من تمشيطها وتنظيفها من الألغام التي زرعها تنظيم "الدولة"، إلا أن سيطرة قوات النظام على بلدة "تادف" الملاصقة، وإمكانية نشوب معارك جديدة بين قوات "درع الفرات" وقوات النظام في محيط الباب، كما حدث يوم أمس، يشي بأن المنطقة ما زالت على صفيح ساخن، وأن الحديث عن عودة الخدمات والتأهيل يبدو متعجلاً.
وهو ما ذهب إليه الصحفي السوري، أيمن محمد، إذ رأى أن تركيا "لن تتمكن من إعادة الحياة إلى مدينة الباب على الأقل خلال هذه الفترة، كون أن قوات درع الفرات المدعومة تركياً أصبحت على تماس مباشر مع قوات النظام في مدينة تادف التي تبعد بضعة كيلومترات عن الباب، ومساعي النظام لوصل المناطق التي يسيطر عليها حاليا بمناطق سيطرة الوحدات الكردية في مدينة منبج، حيث باتت المسافة الفاصلة بين الطرفين حوالي ثمانية كيلومترات، بعد انسحاب تنظيم (الدولة) من المناطق الواقعة تحت سيطرته وتسليمها للنظام دون قتال".
وأعرب الصحفي "محمد" رئيس تحرير بلدي نيوز في حديث خاص عن اعتقاده بأن "ما بعد الباب هو المحطة الأبرز لعملية درع الفرات، بحكم أن النظام والوحدات الكردية حلفاء منذ أكثر من أربع سنوات، ويعملان بتنسيق كامل في كل من محافظة الحسكة ومدينة حلب وريف حلب الشمالي وحاليا في ريفها الشرقي، وهناك معلومات تفيد أن الوحدات الكردية هي من تتقدم للمناطق التي ينسحب منها تنظيم (الدولة) تحت راية نظام الأسد في محيط مدينة الباب بهدف الوصول إلى منبج، ما يعني أن الهدف التركي الأبرز بمنع وصل مدينتي عفرين بعين العرب لم يتحقق ما دام أن النظام يسهل للميليشيات الكردية وصلها عن طريق مناطق سيطرته".
وحول عودة آمنة للمدنيين والخدمات الضرورية لحياتهم، أضاف "محمد": "لا يمكن لدرع الفرات إعادة المدنيين وتأمين عودتهم في ظل تحالف النظام وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، كما لا يمكن للعملية أن تنجح بفرض منطقة آمنة دون السيطرة على مدينة منبج التي تعتبر حجر الأساس للمنطقة الآمنة شمال سوريا".
وعن مصير المنطقة الآمنة والعقبات التي تعترضها، يخيم رئيس تحرير بلدي نيوز بالقول: "إفشال العملية برمتها هدف مشترك للطرفين بدعم روسي أمريكي من خلال دعم تمدد النظام باتجاه مدينة منبج لمنع درع الفرات من تحرير المدينة. وحتى في حال قررت تركيا التوجه نحو منبج ستنسحب الوحدات الكردية من المدينة بشكل وهمي وتعلن تسليمها للنظام".
تجربة تركيا وقوات "درع الفرات" في إدارة المناطق المحررة في ريف حلب الشمالي، أثبتت نجاعة وفاعلية، فمدينة جرابلس قطعت شوطاً كبيراً في إعادة تأهيل بناها الأساسية تعليميا وأمنيا وصحيا.. وهو ما يوفر حاضنة شعبية لـ"درع الفرات"، وقناعة دولية بجدوى "المناطق الآمنة" وفاعليتها.