بلدي نيوز – (أحمد عبد الحق)
شكل تطور الأحداث في الثورة السورية التي بدأت كحراك سلمي، سرعان ما تطورت للمسلحة، بدأت بتشكيل كتائب من الجيش الحر وحركة الضباط الأحرار، تلاها ظهور تشكيلات عديدة متنوعة الإيديولوجيات الفكرية والدينية، مع تشتت فصائل الجيش الحر وظهور العشرات من هذا المكون كلٌّ له كيانه الخاص، مما ساهم في تعقيد الثورة السورية، وزاد في تشتت كلمة الثوار، ثم أوصلهم لمرحلة التصادم بين الأفكار والأهداف والإيديولوجيات التي تجمعت في بقعة جغرافية واحدة.
ولطالما نادت الفعاليات المدنية في مختلف المناطق المحررة بضرورة توحد فصائل الثورة السورية في كيان واحد، وتشكيل قوة عسكرية وسياسية موحدة، تكون فاعلة بشكل حقيقي في مواجهة كل ما يدبر للثورة السورية، لاسيما بعد تكاتف كل قوى العالم ضد الثورة والشعب السوري، وتراجع الثوار في مناطق عدة كان آخرها حلب.
كل هذه الدعوات لم تلق آذانا صاغية من قبل قادة الفصائل، واقتصرت على إعلانات وتأييد لمطالب الجماهير، تلاها ظهور طروحات عديدة للاندماج بين الفصائل، ثم تقسم هذه الطروحات بين ما سمي بالفصائل المعتدلة، والفصائل المتشددة، لتعود وتفشل كل هذه الطروحات وتستمر حالة التشرذم التي تعاني منها فصائل الثورة العسكرية.
ومع استمرار حالة التشرذم وتجمع العشرات من الإيديولوجيات في بقعة جغرافية صغيرة كإدلب، سعى النظام وحلفاؤه جاهدين لجمع هذه المكونات في هذه البقعة، بدأت الصراعات بين الفصائل تطفو على سطح الأحداث الميدانية من جديد، بدأت بين الفصائل الإسلامية وفصائل الجيش الحر، تم انتقلت بين الفصائل المسماة بالإسلامية من جديد، كان آخرها قبل أشهر بين حركة أحرار الشام وجند الأقصى.
ومع عودة الصراع للواجهة بدأت عمليات الاصطفاف بين مكونات الثورة كلٌّ لصالح طرف من المتصارعين، لتتوسع دائرة الصراع وتشمل معظم الفصائل، حيث باتت جميع الفصائل في صراع واحد، له قطبان رئيسيان الأول أحرار الشام والثاني "جبهة فتح الشام"، مع أن الخلاف ليس بين الطرفين مباشرة، ولكنهما كقوتين كبيرتين في الساحة هما من تقودان الحراك المسلح بشكل أو بآخر.
ومع سيطرة "جبهة فتح الشام" على مقرات جيش المجاهدين في حلب، وإعلانها حرباً ضد كل من شارك في مفاوضات "أستانا"، أحست العديد من الفصائل كصقور الشام وجيش الإسلام باقتراب مهاجمتها، فكان لابد من التحالف والتكتل، حيث بادرت العديد من الفصائل أبرزها كتائب ثوار الشام، وعدة كتائب من جيش المجاهدين، وكتائب أخرى من جيش الإسلام لإعلان اندماجها ضمن حركة أحرار الشام، باحثة عن ملاذ يقيها غضبة "فتح الشام" التي تعمل على إنهاء الجميع، فيما يستمر الصراع العسكري بين "فتح الشام" من جهة وصقور الشام وجيش الإسلام، فيما اتخذت أحرار الشام وفيلق الشام وضع الوسط مسمية نفسها "قوات الردع والفصل" بين المتخاصمين.
هذه التغيرات في وضع الساحة في الشمال ستفضي حسب مراقبين لاندماجات كبيرة بين مكونات الساحة العسكرية، من خلال لجوء كل من المهددين للانصهار ضمن فصيل قادر على حمايته كأحرار الشام أو "فتح الشام"، وبالتالي سيحقق الاندماج بالقوة، ويحقق ما عجزت عنه الفصائل في وقت السلم، لتجبر على الرضوخ وقبول الاندماج والتخلي عن الفصيل للمحافظة على عناصرها وسلاحها من الزوال على يد أحد الفصائل الكبرى في الساحة.