بلدي نيوز – (محمد خضير)
أعلن رئيس "اتحاد غرف التجار" ورئيس "غرفة تجارة دمشق"، غسان القلاع، أن الطبقة الوسطى تكاد تتلاشى في سوريا، مضيفا أنها "مستمرة بالذوبان".
جاء ذلك في ندوة أقيمت أمس الثلاثاء، بالتعاون بين الغرفة، وجمعية العلوم الاقتصادية، وجامعة دمشق، حسب موقع "الاقتصادي" الموالي للنظام.
وبيّن رئيس "جمعية العلوم الاقتصادية" كمال شرف، كانت تشكل من 60 إلى 80% من التركيب السكاني في سوريا، موضحا أنها نسبة مشابهة للدول المماثلة في النمو.
بدوره، قال المدرس في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أكرم حوراني، إن نسبة السكان على أساس الوضع الاقتصادي توزعت في سوريا خلال العام 2010 على الشكل التالي (15% في حالة فقر مدقع، 20% من طبقة المستورين، 60% من الطبقة الوسطى، و5% من الأثرياء).
وتضررت الطبقة الوسطى خلال العام 2016، وتراجعت لصالح طبقة الفقر المدقع وطبقة المستورين، وتراجع الدخل القومي السوري 60% وارتفعت الأسعار بنسبة 700 %.
وتناسى القائمون على الندوة، أن أحد أهم أسباب اندلاع الثورة السورية هو هيمنة طبقة الـ5% -التي صنفوها من الأثرياء- على الاقتصاد السوري، أبرزهم آل مخلوف والأسد وشاليش ورجالتهم، وتلاشي الطبقة الوسطى، حيث كان يتقاضى من أطلق عليهم منظمو الندوة "الطبقة الوسطى" 10 آلاف ليرة سورية أي ما يساوي 200 دولار كراتب شهري، علما أن الموظفين في القطاعين العام والخاص يعتبرهم النظام من الطبقة الوسطى.
وتشير تحليلات اقتصادية إلى أن الطبقة الوسطى في سوريا تلاشت منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة.
وكانت نشرت صحيفة "الحياة" تقريرا اقتصاديا حول التحولات في الطبقة الوسطى، وقالت "كمثيلاتها في البلدان الأخرى، لا تشكّل الطبقة الوسطى في سورية كتلة متجانسة من حيث التكوين والمنبت الاجتماعي، وهي أشبه بخليط من الموظفين والأطباء والمهندسين والمثقفين والمعلمين والحرفيين، الذين تجمعهم صفات مشتركة كالقدرة على تحصيل دخل يمكّنهم من العيش في شكل مكتفٍ وتغطية كلفة الاستهلاك الأساسية، وكونهم أكثر فئات المجتمع تقبلاً للتغيير والتجديد وتطلّعاً الى المشاركة في الشأن العام، وأقلّهم تمسكاً بالعادات والتقاليد، وإهمالاً لقيم التعليم والعمل، لكن تصاعد العنف المفرط طيلة سنوات ترك آثاراً بالغة في واقع هذه الطبقة ودورها المفترض موضوعيا".
وتضيف: "من التغييب إلى النزوح والهجرة إلى تدهور شروط الحياة، تعددت أشكال النيل من شرائح الطبقة الوسطى السورية في ظلّ استمرار القهر والتنكيل والتدمير، فمن لم تلتهمه آلة القتل أو يختطف أو تغيبه السجون والمعتقلات، حزم أمتعته وانضمّ إلى أمثاله في أرض الشتات، ومن لم يهاجر حاول التكيّف معوزاً مع حياة النزوح في المناطق الأقل سخونة".
وتتابع الصحيفة: "إرحموا عزيز قوم ذل" هو رجاء يستحقه كثر من الميسورين الذين تآكلت مداخيلهم في ظروف استمرار الاقتتال الدموي، وفقدوا استقلاليتهم المادية وانضموا إلى ركب الفقراء، منهم من دمرت بيوتهم ومنشآتهم الحرفية وورشاتهم الصغيرة وفقدوا كل ممتلكاتهم وما ادخروه نتيجة النزوح والتهجير، ومنهم من طحنته الأزمة الاقتصادية المحتدمة وتداعياتها من ركود وانعدام فرص العمل والإنتاج والتسويق، ومنهم من بات عاجزاً عن مقاربة شروط الاستهلاك وتأمين ما يحتاجه، مع الارتفاع المتواتر في الأسعار الذي طاول ليس فقط سلع الحياة الأساسية بل السكن والنقل وتكاليف التدفئة والصحة والتعليم، ولا تغير هذه الحقيقة بل تؤكدها أحوال تزداد صعوبة لغالبية الموظفين والعاملين الذين لا يزالون يقبضون رواتبهم من الدولة.
وتكمل الصحيفة : "يقاس رقيّ المجتمعات ومدى استقرارها باتساع رقعة الطبقة الوسطى، التي تشكل محرك النشاط والاستثمار الاقتصاديين، فكيف الحال حين تتحول إلى عالة تحتاج إلى الدعم والإنفاق عليها، وكيف الحال وقد تراجعت نسبتها بعد خمس سنوات من الصراع الدامي إلى ما يقارب الـ15 في المئة من السكان، في حين أن النسبة الطبيعية لها يفترض أن تتراوح ما بين 60 و80 في المئة كي تمنح المجتمع حالة صحية وحيوية، والقصد أن الطبقة الوسطى تعتبر صمام أمان أي وطن، ومفتاح إعادة إنتاجه، فكلما اتسعت زاد تجانس المجتمع، وكلما تقلصت زادت الهوة بين أبنائه، وقد أفضى تراجع حضورها في البلاد إلى تراجع قدرتها موضوعياً على تخفيف الانقسام المجتمعي السوري، الذي بات يمزق الشعب إلى فئات متناحرة تحدوها صراعات من طبيعة إقصائية تهدّد وجود الوطن ووحدته".
وتختم بالقول: "هي اليوم، أو ما تبقى منها وبعد سنوات الحرب وسطوة السلاح، جماعات مشتّتة ومنكسرة ومنكمشة، وتالياً عاجزة عن الفعل وربما تكتفي بدور المتفرّج المتألم على وطن يطحنه العنف والإقصاء، هذه هي حالة الطبقة الوسطى في سورية التي يشهد لها عادة دورها في التخفيف من حدة الأزمات الوطنية، لمصلحتها في حماية السلم الأهلي والحفاظ على هياكل الدولة ومؤسساتها، ليصحّ الاستنتاج بأن تراجع حضور هذه الطبقة، وانحسار دورها الموضوعي في الصراع المحتدم، كانا أحد العوامل الكثيرة التي تضافرت لتصل بالوضع السوري إلى ما وصل إليه".