واشنطن بوست – (ترجمة بلدي نيوز)
حتى بالنسبة لأولئك الذين يؤيدون الخطة الشاملة للعمل المشترك مع إيران من حيث المبدأ، فإن الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري قد قدما تنازلات وأعذار تسلسلية من أجل "الحفاظ" على الصفقة النووية مع إيران والتي خلقت الكثير من المشاكل.
أولاً: اكتشف الكونغرس تقديم العملة الصعبة كفدية للأميركيين المعتقلين في إيران، ثم جاءت جهود كيري لفتح النظام المصرفي الأمريكي حتى تتمكن إيران من أن تحصل على "منافع" من الصفقة.
وأتبعها كيري بتصرفه كممثل لغرفة طهران التجارية، في محاولة لإقناع الشركات لإنشاء الأعمال في إيران، إلى جانب عدم مواجهة تجارب إيران الصاروخية غير مشروعة، حيث واصلت دعمها للإرهاب، في إجراءاتها الرامية إلى الإبادة الجماعية في سوريا والسجل المشين في حقوق الإنسان، وقد أعطى سلوك الإدارة الأمريكية بالتأكيد كل من إيران والحلفاء السنة الانطباع- بأن إيران هي في مقعد السائق وهي المسيطر!
وقد رأينا يوم الاثنين، كيف أصبحت العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران غير متوازنة، ويوضح المحلل الإيراني عمري سيرين: "الاتفاق النووي عام 2015 ألزم إيران بالحفاظ على ما لا يزيد عن 130 طن مربع من المياه الثقيلة، وهي مواد مستخدمة في إنتاج البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة، ولكن الإيرانيين واصلوا إنتاج الماء الثقيل، بحيث تجاوزت الحد الأقصى في فبراير ونوفمبر، وهي انتهاكات تبتز وظيفياً إدارة أوباما، فإما أن شخصاً ما قد قام بشراء الماء الثقيل الزائد، وسمح لإيران بالانتفاع حرفياً من انتهاك الاتفاق، أو أن الإيرانيين لم يلتزموا رسمياً، مما عرض الصفقة للخطر".
وقد أفادت وكالة أسوشيتدبرس: "إيران ستحصل على شحنة ضخمة من اليورانيوم الطبيعي من روسيا لتعويض تصدير طن من مادة التبريد، في خطوة وافق عليها دبلوماسيون في الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها والحكومات الأخرى التي تسعى للحفاظ على طهران ملتزمة بالاتفاق النووي التاريخي".
وقال اثنان من كبار الدبلوماسيين إن عملية النقل وافق عليها مؤخراً كل من الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى بعد التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران ويتوقع تسليم 116 طن متري (حوالي 130 طن) من اليورانيوم الطبيعي.
ويضيف سيرين: "بدلاً من أن تقوم إدارة أوباما بمراقبة الصفقة لضمان الامتثال، فإنها تساعد إيران على انتهاكها".
وأردف: "هذه كمية تكفي لأكثر من 10 قنابل نووية، ونحن على حد سواء نسمح للإيرانيين بتجاوز حدود المياه الثقيلة في الصفقة - وبعد ذلك نعوضهم باليورانيوم الذي يمكن استخدامه لصنع قنابل، ومن المبرر لحلفائنا التفكير بأننا نعمل على تعزيز مصالح إيران، وليس الغرب".
وقال مارشال ويتمان المتحدث باسم لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية: "ليس هناك أي مبرر لتقديم المزيد من المزايا للنظام الإيراني لأنه فشل في الامتثال بالاتفاق نووي. بدلاً من ذلك، يجب أن يكون هناك ضغوط لوقف سلوكه الخبيث حتى يحترم التزاماته". وأضاف "كان من المفترض أن تكون هذه سياسة الإدارة الأمريكية".
كما ذكرت وكالة رويترز، أن "نواب البرلمان الإيراني قد قرروا توسيع خطط الإنفاق العسكري إلى 5% من الميزانية، بما في ذلك تطوير برنامج الصواريخ طويلة المدى في البلاد التي تعهد رئيس الولايات المتحدة المنتخب دونالد ترامب-بإيقافها.
وكان التصويت قد عزز المؤسسة العسكرية الإيرانية - الجيش النظامي وحرس الثورة الإسلامية فيلق النخبة (الحرس الثوري الإيراني) ووزارة الدفاع - التي تم تخصيص ما يقرب من 2 % إليها من ميزانية 2015، وهو ما يدحض الفكرة التي روجتها إيران وردتها الإدارة الأمريكية أن هذه الصفقة سوف تقوي "المعتدلين" ولن يكون "للمتشددين" اليد العليا في إيران!
حيث إن الصفقة قد مكنت المتشددين (الحرس الثوري)، تماماً كما توقع منتقدي الصفقة، حيث يشير التقرير إلى أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أيد صفقة نووية في العام الماضي مع القوى العالمية لكبح برنامج إيران النووي في مقابل رفع العقوبات الدولية. ومع ذلك، فقد دعا ايران لتجنب المزيد من التقارب مع الغرب، والحفاظ على قوتها العسكرية.
وتملك إيران عدداً من الصواريخ البالستية التي أطلقت منذ عقد الاتفاق النووي، وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على كيانات وأفراد لهم صلة بالبرنامج.
وقال الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون العام الماضي إن إطلاق الصواريخ "لا يتفق مع الروح البناءة" من الاتفاق النووي، لكنه لم يذكر ما إذا كان قرار الأمم المتحدة قد انتهك.
وكأن ذلك لم يكن كافياً، فقد خلص الأمين العام إلى أن "إيران قد انتهكت حظر الأسلحة عن طريق توفير الأسلحة والصواريخ لجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية، وفقاً لتقرير سري اطلعت عليه رويترز يوم الأحد، ومن المقرر مناقشته من قبل أعضاء البرلمان في 18 كانون الثاني – حيث تتهم فرنسا إيران بشأن شحنة الأسلحة التي ضبطت في شمال المحيط الهندي في مارس، ومن المرجح أنها متجهة للصومال أو اليمن".
ومرة أخرى، فإن إدارة أوباما كانت بكماء عندما يتعلق الأمر بتجاهل انتهاكات إيران الصارخة للالتزامات الدولية.
ومع أن فريق ترامب قد عبر بشكل واضح أنه يعتزم اتخاذ نهج مختلف تجاه إيران إلا أن "تمزيق الاتفاق في يوم واحد" هو أمر غير وارد، وسلوك إيران في الآونة الأخيرة وإذعان فريق أوباما ساعد على توحيد الكونغرس، الذي مرر قوانين للعقوبات الحالية– من شأنها عكس تنازلات أوباما، والبدء في تنفيذ الصفقة وتشديد الضغوط على إيران، ولكن مع عقبة واحدة: ترامب الذي يدرك أن روسيا هي الحليف الإيراني الأهم والذي سيعارض بشكل شبه مؤكد عودة العقوبات.
ولذلك على ترامب الاختيار بين التعامل بشدة مع إيران أو الاستمرار في ثناء ومديح فلاديمير بوتين.
وقد يكون الامتياز الأحدث الذي سلمه فريق أوباما الأخير بالنسبة لإيران لوقت طويل - والقشة الأخيرة بالنسبة للديمقراطيين الذين اضطروا لدعم سياسة خرقاء لرئيس ديمقراطي!