تأثير الحرب على المياه السورية بات مرئياً من الفضاء! - It's Over 9000!

تأثير الحرب على المياه السورية بات مرئياً من الفضاء!

ميدل إيست آي – (ترجمة بلدي نيوز)

فيما يكافح العديد من السوريين للحفاظ على الاحتياجات الأساسية من المياه، يقول الباحثون إن الزراعة في جنوب سوريا قد انخفضت بشكل كارثي وأن الصراعات حول المياه تزداد في سوريا.

ففي معركة السيطرة على وادي بردى، وهي منطقة يسيطر عليها الثوار شمال غرب دمشق والتي تقصف من النظام السوري وتعتبر مصدر معظم المياه في دمشق، خمسة ملايين شخص في العاصمة والمناطق المحيطة بها مهددون بقطع إمداداتهم من مياه الشرب.

في الشمال، تضيق القوات الكردية الخناق على سد الفرات، وهو أكبر سد في سوريا ومعقل رئيسي لتنظيم "الدولة" (IS).

في حلب، أكبر المدن السورية من حيث عدد السكان، دمرت سنوات من القتال البنية التحتية للمياه وسممت الآبار.

وبينما يستمر القتال وأعداد متزايدة من الناس يناضلون من أجل الحفاظ على الاحتياجات الأساسية من المياه، فإن تغيرات أكثر عمقاً تحدث في مجال الهيدرولوجيا (علم المياه).

كارثة المياه مرئية من الفضاء

فقد وجدت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا أن الحرب الجارية قد تسببت بتغيير جذري في تدفقات الأنهار وتوفر المياه في كل من سوريا وعبر الحدود في الأردن.

الدراسة، التي تركز على حوض نهر اليرموك الذي يشمل مناطق في كل من جنوب سوريا وشمال الأردن، تقول إن التغييرات في ممارسات إدارة المياه في سوريا خلال السنوات الأخيرة كبيرة جداً بحيث يمكن رؤيتها من الفضاء.

الباحثون، لم يكونوا قادرين على جمع البيانات على أرض الواقع بسبب الحرب، ولكن صور الأقمار الصناعية المستخدمة قامت عن طريق محرك "جوجل إيرث" بتحليل وقياس استخدام المياه وتخزينها وتدفق معدلات النهر في المنطقة.

ووجد الباحثون أن هناك تراجعاً كارثياً في النشاط الزراعي في جنوب سوريا، حيث إن كمية سقي الأراضي الزراعية تقلصت بنحو 50 %. وقدرت الدراسة أيضاً أن المياه المخزنة في أكبر 11 خزاناً يسيطر عليها السوريون في حوض نهر اليرموك تقلصت بمقدار النصف على مدى السنوات الثلاث الماضية.

ستيفن غورليك، وهو أستاذ في كلية ستانفورد للأرض والطاقة والعلوم البيئية وأحد واضعي الدراسة، يقول: "أدت الأزمة السورية إلى انخفاض الأراضي الزراعية في جنوب سوريا، وفي طلب المزارع لمياه الري وإلى تغيير جذري في طريقة إدارة السوريين لخزانات المياه".

وفي مرحلة أو أخرى خلال الصراع السوري، سيطرت قوات الثوار على الكثير من حوض اليرموك، وتقول الدراسة إنهم كانوا يفتقرون إلى الخبرة اللازمة لتشغيل شبكات المياه في المنطقة، وخاصة الخزانات الخاصة وقد تم إدارتها بشكل سيىء أو تم التخلي عنها تماماً.

وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة أن ما يزيد عن 369،000 شخص - معظمهم من المزارعين - نزحوا من الجزء السوري من حوض اليرموك في السنوات الأخيرة نتيجة للحرب، رغم أن هذا الرقم لا يشمل الأعداد الكبيرة للاجئين غير المسجلين الذين هاجروا إما إلى المناطق الحضرية داخل سوريا أو عبر الحدود إلى الأردن.

نعمة للأردن

وتقول دراسة ستانفورد إن الأردن بطريقة ما- والتي جادلت لسنوات عديدة مع سوريا حول أحقيتها بحصة أكبر من الموارد المائية في حوض اليرموك – قد استفادت من الانخفاض الحاد في استخدام المياه في جنوب سوريا.

ويشير الباحثون إلى أنه نتيجة الجفاف الذي طال أمده في المنطقة، وكذلك التخلي عن نطاق واسع من الزراعة المروية في جنوب سوريا، أدت إلى زيادة كمية المياه التي تتدفق عبر الحدود إلى الأردن لأكثر من ثلاثة أضعاف في السنوات الثلاث الماضية - وهي واحدة من أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه في العالم-.

ومع ذلك، تشير الدراسة إلى أن الفائدة التي تعود على الأردن محدودة، يقابلها إلى حد كبير احتياجات من المياه لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يعيشون الآن في الأردن.

سوء الإدارة وليس تغير المناخ

وفي حين أن الحرب في سوريا قد أدت إلى العديد من المشاكل في إمدادات المياه، يقول محللون إن القطاع يعاني منذ سنوات، إذا لم يكن لعقود من سوء حاد في الإدارة. تقول فرانشيسكا دي شاتيل، الباحثة في المياه في الشرق الأوسط: "بينما يساهم تغير المناخ في تفاقم آثار الجفاف، فإن المبالغة بأهميته هو إلهاء غير مفيد ويحول الانتباه بعيداً عن المشكلة الأساسية".

ففي عهد حافظ الأسد، تم منح المزارعين إعانات للوقود والأسمدة ليس فقط لشراء مكاسب سياسية في الريف، ولكن أيضاً لجعل البلاد مكتفية ذاتياً في كثير من السلع، ولكن هذه الطريقة أدت إلى استنزاف الأراضي وجفاف الموارد المائية في العديد من المناطق.

بشار الأسد كان أكثر تركيزاً على الحضرية من والده، فخفض الإعانات العديدة للقطاع الزراعي وفضل البرامج الاقتصادية الموجهة نحو السوق على النمط الغربي، مع عواقب خطيرة في كثير من الأحيان على المناطق الريفية.

وعلى الرغم من أن بعض المعلقين قد أشاروا إلى أن الجفاف الشديد في المنطقة ولفترات طويلة – والذي كان في جزء كبير بسبب تغير المناخ - كان سبباً رئيسياً للصراع في سوريا، يقول محللون آخرون إن الاضطرابات في المناطق الريفية يرجع أكثر إلى فشل مزمن في السياسات الزراعية للحكومات المتعاقبة، والبيروقراطية والفساد في الأنظمة السياسية.

وتضيف دو شاتيل، خبيرة المياه في الشرق الأوسط، والتي عملت ميدانياً في مناطق واسعة في الريف السوري قبل الصراع، إن سوء إدارة الموارد المائية من قبل الأسدين (حافظ وبشار) هو أمر أساسي لفهم سبب أزمة المياه الآن.

وأردفت: "علاوة على ذلك، إن التركيز المبالغ فيه بشأن تغير المناخ ينقل عبء المسؤولية بتدمير الموارد الطبيعية في سوريا بعيداً عن الحكومات السورية المتعاقبة منذ عام 1950، ويسمح لنظام الأسد بوضع اللوم على عوامل خارجية لفشلها".

مقالات ذات صلة

الحكومة الإيطالية تقنع الاتحاد الأوربي بتعيين مبعوث له في سوريا

محافظ اللاذقية: بعض الحرائق التي حدثت مفتعلة

النظام يحدد موعد انتخابات لتعويض الأعضاء المفصولين من مجلس الشعب

خسائر لقوات "قسد" بقصف تركي على الحسكة

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي