ذا دنفر بوست – (ترجمة بلدي نيوز)
حظيت معركة حلب باهتمام العالم أجمع، لكنها ليست الجبهة الوحيدة النشطة في جميع أنحاء سوريا التي مزقتها الحرب، فأحد أهم الأهداف القادمة لقوات بشار الأسد ربما يكون قلب مناطق المعارضة، في المدينة المجاورة "إدلب".
إدلب والتي تقع غرب حلب تعتبر معقلاً للثوار السوريين وفيها حالياً عشرات الآلاف منهم ممن تم إجلاءهم من مناطق أخرى في البلاد، مما يجعلها مسرحاً أكثر دموية من حلب.
كما أن المدينة لديها صلات مباشرة مع الحدود التركية، وتقع على بعد بضعة كيلومترات الى الشمال من حماة، وهي محافظة وسطى ونقطة أساسية في الدفاع عن معاقل الأسد الساحلية والقواعد العسكرية الروسية القريبة.
ورداً على سؤال إلى أين سيتجه لاحقاً، اقترح الأسد أن إدلب ستكون على رأس أولوياته، بعد تحصين محيط مدينة حلب، حيث قال في مقابلة مع وسائل الإعلام الروسية هذا الأسبوع: "تحديد المدينة التي ستأتي بعد ذلك يعتمد على المنطقة التي تحتوي على أكبر عدد من الارهابيين والتي توفر للمدن الأخرى فرصة الدعم اللوجيستي"!
وأضاف: "في الوقت الحالي، هناك علاقة مباشرة بين حلب وإدلب بسبب وجود جبهة "فتح الشام" في الداخل وعلى مشارف حلب وإدلب"، في إشارة إلى فرع القاعدة، المعروف سابقاً باسم جبهة النصرة، وأردف أن قراره حول ما سيأتي بعد ذلك سوف يتم من خلال مناقشات مع حلفائه الروس والإيرانيين.
ففي النهاية كان فقدان الحكومة السورية لجسر الشغور، غرب المحافظة ، ومعها كل إدلب، في صيف عام 2015، ما دفع روسيا للتدخل لدعم قوات الأسد، وفي نهاية المطاف حولت زخم الحرب مرة أخرى لصالح الأسد.
هل تصبح إدلب قندهار؟
وعلى مدى العامين الماضيين، سعى الأسد لفرض سياسة الحصار والهدن المحلية لإجبار الثوار في كافة مناطق المعارضة السورية على الاستسلام، وقد تم ترحيل الآلاف من الثوار وأنصار المعارضة إلى إدلب -المنفى القسري الذي يعتبره كثيرون محاولة مدروسة لجمع المقاتلين في مكان واحد- حيث يمكن لاحقاً القضاء عليهم.
وقد رحبت المحافظة بالآلاف من المقاتلين الإسلاميين -بدرجات متفاوتة من الفكر المتطرف- والذين تقاربت عائلاتهم مع الأهالي من وسط مدينة حمص وضواحي دمشق، بعد الاستسلام للقوات الحكومية، وأصبح مشهداً مألوفاً أن ترى الرجال يتلقون استقبال الأبطال وهم يترجلون من الحافلات الخضراء في إدلب مع البنادق على أكتافهم، بعد أن أجبروا على مغادرة البلدات والمدن المحاصرة والمدمرة.
يقول إبراهيم حميدي، الصحفي الذي يغطي الشؤون السورية لصحيفة الحياة: "إن الحكومة السورية تريد إعداد الناس، من الناحية النفسية، لفكرة أن إدلب هي قندهار سوريا"، حيث كان يشار إلى إقليم قندهار في أفغانستان، كقاعدة لحكومة طالبان المتشددة عام 1996-2001، واعتبر أن وجود هذا العدد الكبير من المسلحين الإسلاميين سيسهل على الحكومة وحلفائها تبرير هجومهم الواسع.
فمحافظة إدلب لديها التركيز الأقوى من الثوار، ووفقاً لمعهد دراسات الحرب، تضم المدينة أكثر من 50،000 مقاتل في إطار مظلة جيش الفتح، التابع لتنظيم القاعدة.
كما إن ادلب واحدة من المناطق القليلة في سوريا حيث لا وجود لتنظيم الدولة الإسلامية أو للنظام السوري فيها، فيما عدا قريتين شيعيتين هما "الفوعة وكفريا"، كما أن قربها من الحدود التركية، أحد الرعاة الرئيسيين للثوار السوريين يعني الوصول إلى كل شيء تقريباً - بما في ذلك الأسلحة والإمدادات الأخرى، بالإضافة لقربها من محافظة اللاذقية الساحلية، معقل الحكومة.
يقول يزيد صايغ، وهو زميل بارز في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت: "النقطة الرئيسية في معركة إدلب سيكون الدور الذي ستلعبه تركيا، فالمعارضة ستبقى على قيد الحياة طالما الإمدادات مستمرة ومتجددة من تركيا".
وأضاف: "إذا قررت تركيا لأسباب مختلفة -وربما كجزء من التفاهم مع روسيا- للحد من هذه المساعدة، فالحدود التركية مع إدلب ستصبح مثل الحدود الأردنية مع درعا، حيث المعارضة المسلحة لديها قدرة ضئيلة جدا لأي عمل مستقل أو حتى للبقاء على قيد الحياة على المدى الطويل".
كما أن أعضاء من المعارضة يخشون من أن الحكومة الروسية والطائرات الحربية في نهاية المطاف ستقصف بشكل مكثف إدلب بحجة أنها معقل المتطرفين المرتبطين بالقاعدة، وربما يجعل هذا القوى الغربية أكثر ميلاً إلى غض الطرف عن حملة عسكرية واسعة النطاق تستهدف المحافظة، فمنذ يوليو 2015، استهدفت الطائرات الأمريكية بعضاً من أهم الشخصيات البارزة في تنظيم القاعدة في غارات على إدلب، من ضمنهم: الكويتي "محسن الفضلي"، والسعودي "صنفي النصر" والمصري "أحمد سلامة مبروك"، والذي قتل في أوائل أكتوبر، وقد قيل أنهم ينتمون الى ما يسميه مسؤولون أمريكيون مجموعة "خراسان"، والتي تصفها واشنطن كفرع داخلي لتنظيم القاعدة الذي يخطط لهجمات ضد المصالح الغربية.
يقول حسن دوغيم وهو واعظ سوري مقره في تركيا وباحث من إدلب، والذي أمضى معظم حياته هناك حتى العام الماضي: "إن النظام السوري يسعى لجعل إدلب كالرقة ، فهي العاصمة الفعلية لتنظيم الدولة الإسلامية وتخدم مدينة إدلب وظيفة مماثلة لتنظيم القاعدة".
ويضيف دوغيم "إن الحكومة السورية تأمل بوجود هذا العدد الكبير من المسلحين من مجموعات مختلفة أن يؤدي ذلك للاقتتال الداخلي، ولكن على الرغم من تدفق المقاتلين مثل هذه المواجهات كانت نادرة".
فيصل عيتاني، وهو زميل مقيم في المجلس الأطلسي، يوافق على ذلك بالقول "من خلال خلط السكان النازحين مع المتشددين، فإنك تحصر المشكلة في مكان واحد، ومتى حدث ذلك لن يجد النظام السوري أي صعوبة لاستهداف المدينة ولن يكون هناك أي ضجة على الصعيد الدولي!".