بلدي نيوز – (نور مارتيني)
ما يزال مصير القسم الشرقي المحاصر من مدينة حلب مجهولاً، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الحصار المتواصل، وفي ظل إحجام المجتمع الدولي عن تأمين أبسط متطلبات الحياة، فضلاً عن التدمير الكامل لكافة النقاط الطبية والمشافي، ناهيك عن استهداف المدارس وتدمير البنية التحتية بشكل كامل في المدينة.
في ظلّ هذه الظروف الإنسانية بالغة الصعوبة، يواجه قرابة 350 ألف نسمة، خطر الموت جوعاً، نتيجة الحصار المطلق، والتضييق على دخول المواد التموينية والإغاثية، إلى القسم الشرقي المحاصر من حلب.
وقد أثار تقدم النظام في الجبهة الشرقية من مدينة حلب عدة تساؤلات حول طبيعة المعارك العسكرية القادمة، وما يهدف إليه النظام من خلالها، ومدى قدرة الثوار على صد الهجوم وامتلاك زمام المبادرة من جديد، بعد توقف المعارك في الجبهة الجنوبية والغربية من المدينة، والتي لم يكتب لها النجاح في تحقيق اختراق وفك الحصار عن الأحياء الشرقية.
فيما لوحظت حركة نزوح واسعة شهدتها أحياء الهلّك والشيخ فارس والصاخور والحيدرية في الجزء المحاصر من مدينة حلب، وذلك إثر سيطرة قوات النظام على مساكن هنانو وعلى غالبية حيي هنانو شرقي والصاخور.
تحت وطأة هذه الظروف العصيبة، اضطرت بعض العائلات إلى مغادرة مناطق إقامتها في الأحياء المحاصرة، باتجاهات عشوائية، غير أن المخاوف تكتنف مصير هذه العائلات نتيجة انقطاع التواصل معها، وهو ما يفتح الباب واسعاً على مدى جدّية أية مبادرة من طرف النظام.
وحول هذه المخاوف، يقول الناشط الإعلامي أبو نزار الحلبي "لقد غادرت حوالي 70 عائلة من المناطق المحاصرة، نتيجة نجاح النظام في التسلل إلى المدينة المحاصرة، فوصلت هذه العائلات إلى مناطق سيطرة النظام".
ويوضح "الحلبي" ان العائلات المفقودة "لم تذهب طواعية إلى مناطق سيطرة النظام، فبعضها ألقي القبض عليه، بينما انتقل آخرون طواعية إليها".
وأضاف الإعلامي "هنالك بعض العائلات ممن لديهم أقرباء في الجيش أو الأمن، أو هم أساساً متواجدون في مهام أمنية في القسم الشرقي المحاصر من مدينة حلب، فهؤلاء لم يتعرّضوا لأي مكروه"، ويتابع قائلاً "أما باقي العائلات فقد تم اقتيادهم إلى جهة مجهولة بعد سحب جميع أجهزة التواصل منهم، ولذلك فمصيرهم بات مجهولاً تماماً".
فيما يوضح العميد المنشق زاهر الساكت "من المستغرب أن يصدق الناس هذا النظام السافل، بعد كل ما رأوا منه من انتهاكات لحقوق الإنسان، وممارسات يندى له الجبين"، مؤكّداً على أن "ما يجري هو مجرد تمثيلة قذرة تتم للتأثير على الرأي العام فقط، أما الحقيقة فمغايرة لما يعرض على شاشات التلفزة تماماً".
ويرى العميد "الساكت" أن "هذه المشاهد التي تعرض من تقديم ورود أمام المحافظ والمفتي "أحمد حسون" هي عبارة عن تمثيلية للإيقاع بالناس وحثهم على تصديق روايات النظام، وما سيجري بعدها مختلف تماماً"، ويتابع قائلاً "صحيح أننا لم نكن هناك، ولكننا نعرف تماماً أن هذه العائلات ستؤخذ للتحقيق وفي غرف التحقيق كل شيء مباح في سبيل الحصول على اعترافات، فالنساء قد يواجهن الاغتصاب، أما الرجال فأنا أجزم بأن الرجال بين أعمار 17 إلى 55 ستتم تصفيتهم بشكل مطلق".
كما ناشد العميد "زهير الساكت" من أطلقوا معركة فك الحصار عن حلب بالثبات وأن يكونوا "جادين في مسعاهم، من أجل إنقاذ المدنيين المحاصرين".
حلب اليوم تواجه خطر محرقة حقيقية، سيما وأن النظام يواصل تقدّمه في أحيائها الشرقية، وفي غمرة هذه الأحداث المتسارعة، المترافقة مع غطاء ناري كثيف من قبل سلاح الجو، تتفاقم المخاوف حول ما يمكن أن يقوم به النظام من ممارسات للانتقام من الأهالي الذين أضنتهم الحرب وأنهكهم الجوع.