ميدل ايست أوبزرفر – (ترجمة بلدي نيوز)
زار مجموعة من ضباط الجيش المصري ميناء مدينة طرطوس في سوريا يوم الثلاثاء الماضي للقيام بتدريبات مع مستشارين عسكريين روس بالقرب من خطوط الجبهة مع تنظيم الدولة، كما ذكرت صحيفة المصدر للأنباء (AMN)، الموقع الإخباري المهتمّ بالشأن السوري.
كذلك زعمت الصحيفة نقلاً عن بعض المحليين بأن الضباط المصريين كانوا برفقة العسكريين الروس لدى وصولهم إلى طرطوس يوم الثلاثاء، ومن الجدير بالذكر بأن رئيس مكتب الأمن الوطني للنظام السوري -علي مملوك قد قام بإجراء زيارة رسمية إلى القاهرة في أكتوبر 2016 حيث التقى مع الجنرال خالد فوزي، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية وكذلك مع غيره من كبار المسؤولين الأمنيين في البلاد.
كما ذكرت وكالة أنباء "سانا" التابعة للنظام بأن "الجانبين اتّفقا على تنسيق المواقف السياسية"، مشيرة إلى أنهم قرروا أيضاً "تعزيز التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب".
وبالإضافة إلى ذلك، فقد أعلنت مصر مؤخراً بأنها ستقوم بمساعدة نظام الأسد في حصاره على مدينة حلب من خلال المساعدة في تقديم المساعدات، كما ذكرت صحيفة "العربي الجديد".
وفي الواقع، لم تؤكّد أي من القوات المسلحة المصرية والروسية والسورية هذه التقارير، ومع ذلك فإذا ما كان هذا صحيحاً، فإن من شأن تلك الإجراءات أن تضاعف بالتأكيد من أوجه الخلاف ما بين مصر وداعمها المالي الرئيسي- المملكة العربية السعودية إزاء الملف السوري، فلقد مرّت العلاقات السعودية المصرية بتوتّرات خطيرة نتيجة تصويت مصر لصالح مشروع القرار الذي دعمته روسيا في مجلس الأمن الدولي حول سوريا، الأمر الذي واجه معارضة المملكة العربية السعودية، ونتيجة لذلك فقد أغضب موقف مصر الداعم الخليج الرئيسي لها، والذي أدان تصويت مصر واصفاً إياه بالموقف "المؤلم".
وبعد التصويت، وصف السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلّمي الموقف المصري بأن "من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الإجماع العربي من موقف الوفد المصري"، وقال أيضاً بأنه يشعر بالشفقة على تلك الدول التي صوتت لصالح القرار الروسي، مؤكداً أن بلاده ستواصل دعمها للشعب السوري بكل الوسائل المتاحة.
وبعد يومين من ذلك التصويت، أعلنت شركة النفط المملوكة من قبل المملكة العربية السعودية -أرامكو- وقفها لتوريد المنتجات النفطية إلى مصر، وأثار ذلك التوقف المفاجئ حملة إعلامية مصرية شديدة ضد المملكة العربية السعودية، حيث تم النظر للأمر على أنه قرار سياسي، وعلى الجانب الآخر انتقد الصحافيون السعوديون والإعلاميون النظام المصري وألقوا باللوم على المملكة لما صفوه بـ"السخاء المالي" المتدفّق على نظام السيسي.
وقد تم تتبّع تلك التحولات في السياسة المصرية والتقارب تجاه روسيا في الآونة الأخيرة من قبل عدد من المراقبين، ففي أعقاب الانقلاب العسكري للسيسي في عام 2013 ضد الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي في مصر، ازدهرت العلاقات المصرية الروسية على مستويات مختلفة، وبدأ البلدان مؤخراً توسيع التعاون فيما بينهما على مختلف مستويات مصالحهما المشتركة، فقد فتحت مصر سوقها بشكل واسع على الواردات الروسية بشكل غير مسبوق، وعادت مصر لاستيراد القمح من روسيا بعد تخلّيها عن سياستها التي أدت إلى النزاع التجاري بين البلدين منذ شهور ولكن سرعان ما تراجعت عن ذلك بإعلانها عن توقيع اتفاق للعودة إلى سياستها القديمة التي تسمح للمعايير الدولية بالوصول إلى 0.05٪ من استيراد شحنات القمح.
كما وافقت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية أيضاً على 13 "مسلخ" روسي للبدء في استيراد اللحوم والدواجن منها في 7 أكتوبر 2016، تلك الخطوة كانت الأولى من نوعها، في حين أن مصر لم تكن أبداً قد استوردت أي سلع مماثلة من روسيا من قبل، ويرى خبراء بأن تلك السياسات كانت خطوة نحو تحسين العلاقات السياسية ما بين مصر وروسيا من قبل دعم العوامل الاقتصادية.
وعلى الصعيد العسكري، عقدت روسيا ومصر أولى تدريباتهم العسكرية المشتركة على الإطلاق في منتصف أكتوبر/تشرين الأول في عام 2016، وبالإضافة إلى ذلك، فقد وقعت الدولتان عدّّة صفقات للسلاح خلال عهد السيسي، كما وقّعت القوات المسلحة المصرية في وقت سابق صفقة أسلحة مع الشركة الروسية للأسلحة -روسوبورون إكسبورت- لشراء وتسلّم 46 طائرة هليكوبتر هجومية.
وقال العقيد المتقاعد فيكتور موراخوفسكي بأن موسكو والقاهرة قاما مؤخراً ببناء علاقة وثيقة جداً من الدعم والثقة، مضيفاً بأن: "ذلك يتّضح من خلال شراء مصر لحاملات طائرات الهليكوبتر الفرنسية -ميسترال- والمزوّدة بمعدات روسية سابقة التثبيت، والتي كانت معدة أصلاً للجيش الروسي".
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، توجّه وفد عسكري مصري رفيع المستوى إلى روسيا لعقد اجتماعات ومناقشات حول التعاون العسكري الثنائي بين البلدين، وضمّ الوفد العسكري المصري إلى روسيا كلّاً من وزير الدفاع صدقي صبحي ووزير الصناعات الحربية محمد العصّار.
وكان هذا الاجتماع هو الثالث من نوعه الذي عقدته اللجنة العسكرية المصرية الروسية، حيث عُقِدَ الاجتماع الأول في فبراير/شباط الماضي عندما زار وفد عسكري روسي القاهرة، في حين كان اللقاء الثاني في روسيا برئاسة العصّار.
وخلال تلك الزيارة، قال وزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف على هامش المنتدى العسكري التقني الدولي لعام 2016: "إن روسيا تدرس فرصة بدء خدمة المعدات العسكرية في مصر وكذلك توطين الإنتاج الحربي في ذلك البلد"، كما التقى وزير الصناعة والتجارة الروسي مع وزير الدفاع المصري صدقي صبحي ووزير الإنتاج الحربي محمد العصار في منتدى الجيش الدولي لعام 2016.
إن المنتدى العسكري التقني الدولي لعام 2016 افتتح خارج موسكو، جامعاً ما بين الصناعات الدفاعية وممثلي البحوث الروسية، ووفوداً من 80 دولة، حيث سلّط الضوء على أحدث التطورات في مجال الأسلحة والعربات العسكرية والتكنولوجيا لخمسة أيام.
وإذا ما تم تأكيد الأنباء التي تحدثت عن إرسال ضباط مصريين إلى سوريا، في ضوء التقارب الروسي المصري، فمن المرجح أن يثير ذلك الأمر تساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة، وتأثيرها على مستقبل العلاقات ما بين مصر ودول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية !!