بلدي نيوز – (نور مارتيني)
على الرغم من تبلور ملامح "سوريا المفيدة" التي تحدّث عنها بوتين، بشكل تقريبي، خاصة مع تسارع الأحداث في الشمال السوري، وموجة المصالحات والهدن التي غيرت ديموغرافية جنوب ووسط سوريا إلى حد كبير، إلا أن مصير مدينة "الرقة" ما يزال مثار جدلٍ، سيما وأن معركة الموصل مؤخراً قد هيأت لرؤية جديدة للمنطقة، تنطلق من تجميع عناصر تنظيم "الدولة" في مدينتي الرقة ودير الزور، تمهيداً لإنهائه.
وفي آخر التطورات المتعلقة بمصير الرقة، قال وزير الدفاع الأمريكي "آشتون كارتر" إن التحالف بدأ باتخاذ خطوات فعلية لتطويق مدينة الرقة السورية وعزلها للقضاء على معاقل التنظيم.
في السياق ذاته، أعرب الوزير الأميركي عن شعوره بالرضى عن الحملة على تنظيم "الدولة" في الموصل، وقال إنها وصلت إلى نقطة جيدة من خلال التعاون مع القوات العراقية وقوات "البيشمركة".
فيما قال وزير الدفاع الفرنسي إن الدول الأعضاء بالتحالف، ناقشت الخطوة المقبلة والمتمثلة في استعادة الرقة، مشدداً على أن الأمر "يمثل هدفاً استراتيجيا أسوة باستعادة الموصل"، وأضاف "لودريان" أن الهزائم لحقت بتنظيم "الدولة" في مناطق عديدة في سوريا، كما تم فرض قيود وعزلة على مسلحي التنظيم.
من جهته، أوضح الرئيس الفرنسي في وقت سابق قائلاً "نحن الآن على مشارف الموصل، التي جعل منها تنظيم داعش عاصمة لخلافته المستحيلة، كيف سننتصر؟ يجب على الجيش العراقي والبشمركة أن يتحدا، إضافة إلى ما نقدمه نحن، في التحالف الدولي"، وأردف: "علينا التحلي بالحذر والمسؤولية، لأن تنظيم داعش، وهو يخسر أراضي، قد يفكّر في ارتكاب هجمات. كما أنه علينا أن نفكر في ما يمكننا أن نفعله في الأسابيع القادمة. وأقصد مدينة الرقة".
كلّ هذه التداعيات تؤكد أن أياماً عصيبة تنتظر مدينة الرقة، خاصة بعد أن قامت قوات التحالف بإلقاء منشورات تحذيرية يوم الخميس الفائت، داعية الأهالي إلى مغادرة المدينة.
حول موعد انطلاق معركة الرقة ومدى جدواها، يقول الصحفي السوري "مرهف دويدري": "أتوقع أن معركة الرقة لن تكون قريبة، خاصة وأن معركة الموصل ضد تنظيم الدولة مازالت في مراحلها الأولى، وإلى الآن لم نر انتصارات واضحة للقوات المشاركة في معركة الموصل، قد تكون حجر ارتكاز لتحرير الموصل"، ويؤكد"دويدري" أنّ "كل المؤشرات تدل على أنها معركة طويلة، وبالتالي أعتقد أن معركة الرقة مؤجلة، قد لا تكون حتى إنهاء معركة الموصل، ولكن على الأقل لتحقيق نصر كبير في مجريات المعركة".
كما يرى الصحفي "مرهف دويدري" فيما يتعلّق بموضوع القوات التي يمكن مشاركتها في معركة الرقة أن "الولايات المتحدة بدأت تقتنع بأن قوات سوريا الديمقراطية، التي ترفض تركيا مشاركتها لن تكون قادرة على الانتصار بسهولة، بسبب ضلوع هذه القوات بعمليات تطهير عرقي، ما سيجعل أهالي محافظة الرقة يختارون السيئ (تنظيم الدولة) بدل من الأسوأ (وحدات حماية الشعب)"، موضحاً أنه في هذه الحال "لن يكون هناك انتفاضة من داخل أهالي الرقة، إلا في حالة كان الجيش الحر هو رأس الحربة في هذه المعركة، وهو ما سيساعد على تحقيق انتصارات صادمة للتنظيم في بداية المعركة"، لافتاً إلى أنه "من الممكن أن تكون تركيا قد استطاعت إقناع المجتمع الدولي والتحالف الدولي بقوات الجيش السوري الحر، وقدرته على خوض هذه المعركة، خاصة وأن معاركه في درع الفرات أكدت على قدرته على تحرير المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة، دون القيام بأي انتهاكات بحق السكان".
أما عن مآلات معركة الرقة، فيرى الصحفي "دويدري" أنه "بكل الأحوال، لن تكون معركة الرقة سهلة، ولن تنتهي خلال أشهر قليلة، خاصة وأن تنظيم الدولة لديه القدرة على الذوبان والتشكل من جديد، وهو ما سيحوّل المعركة إلى معركة استنزاف طويلة، ستكون التفجيرات هي لسان حالها، وربما ظهور مبايعات جديدة، أو انشقاقات داخل جسد التنظيم، ما سيجعل إنهاء التنظيم بشكل كامل مهمة صعبة جداً".
معركة الموصل التي انطلقت قبل بضعة أيام، بدأت تبدّد أحلام تنظيم "الدولة" في السيطرة على المنطقة وتحويلها إلى "قندهار" جديدة، ولكن فيما يبدو أن مدنيي الرقة على موعد مع شتاء ساخن، أعلن عنه التحالف الدولي اليوم، بالتزامن مع إعلان بريطانيا موافقتها على استئناف تدريب مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة.
