بلدي نيوز –(خالد وليد)
عملت وسائل إعلام النظام خلال سنوات الحرب الستة في سوريا، على تفكيك بنية المجتمع السوري، وخلق أسباب إضافية للكراهية والعنف بين مكوناته، وتغذية النزعات والنعرات الطائفية والمناطقية والعرقية.
فالمئات من الفيديوهات التي نشرتها قنوات النظام الاعلامية المختلفة، والتي سعت خلالها لاستخدام شبيحتها من مختلف المناطق التي تسيطر عليها، بهدف الترويج لأفكار من قبيل، أن جميع المدنيين في مناطق سيطرة النظام، هم من المؤيدين والداعمين له، في حين أن المناطق التي خرجت على النظام هي مناطق متخلفة، وأهلها من المجرمين والإرهابيين، حيث تعمل الماكينة الإعلامية للنظام على إظهار المدنيين وهم يطلبون من النظام وجيش النظام إبادة المدنيين في مناطق الثوار، وتدميرها وتسويتها بالأرض، وقتل الجميع فيها، من مدنيين و"مسلحين"، باعتبار المدنيين هم الوسط الحاضن "للإرهاب".
فيتجاهل النظام قصاداً وجود نسبة كبيرة من السكان في المناطق التي يسيطر عليها، من المقموعين خوفاً وقهراً، فبداية بالأشخاص العاجزين عن الخروج من مناطقه لأنه ليس لديهم أي مكان يذهبون إليه في المناطق المحررة، إلى الأشخاص الذين يخشون على حياتهم وحياة عوائلهم من قصف النظام وروسيا وإيران في مناطق الثوار، إلى الأشخاص الذين لا يملكون مصدر للدخل سوى رواتبهم ووظائفهم، والتي سيقطعها النظام بمجرد خروجهم من مناطقه، يستغل النظام فكرة وجود مدنيين في مناطقه، للقول بأنهم مؤيدون حتى العظم، وهم يدعمون النظام ويرضون ما يفعله من جرائم، على الرغم من أن جرائمه في مناطق سيطرته لا تختلف عن جرائمه في المناطق التي يقصفها.
إعلام طائفي
قطاع الاعلام لدى نظام الأسد لا يختلف إطلاقاً عن قطاع الجيش والأمن، فهو يحكم قبضته عليه بشكل كامل، ويحتكره احتكاراً كاملاً، فلا يوجد أي وسيلة إعلام في مناطقه إلا ومؤيدة للنظام.
فالنظام يوظف شخصيات طائفية موالية له لأقصى حد في مجال الاعلام، تتبع لطائفة النظام، أو الأشخاص من الطوائف الأخرى، الذين ثبت ولائهم القطعي له، حيث يستخدم النظام شخصيات لبنانية وإيرانية وعراقية كخبراء إعلاميين، يوجهون إعلامه وفق ما يريده وتأمر به إيران وروسيا.
فيستخدم النظام إعلامه لبث الطائفية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، عبر إظهار أشخاص من أحياء أو بلدات معينة في المدن التي يسيطر عليها، ما يعطي انطباعاً أن أهالي هذه المنطقة أو الطائفة في هذه المنطقة ككل مؤيدون للنظام وداعمون له.
فمثلا يستخدم النظام شبيحته في حلب الغربية (التي يسكن فيها نسبة معتبرة من الأرمن والمسيحيين)، لإظهار أن جميع سكانها فرحون بالقصف والمجازر التي تحدث في حلب الشرقية، لا بل يطلبون من النظام وروسيا استخدام كل ما لديهما من سلاح "لإراحتهم من الارهابيين"، الذين هم حسب شبيحة النظام جميع سكان حلب الشرقية (التي يسكنها السنة فقط).
فنشر تلفزيون قناة "سما" الموالية تقريراً، أظهر فيه ثلاثة أشخاص يعيشون في أحياء حلب الغربية، يطالبون فيه الطيران الروسي والنظام بإبادة حلب الشرقية بالكامل.
إضافة لإظهار الكثير من رجال الدين مختلفي المذاهب والأديان، وهم يؤكدون أن النظام "مؤيد إلاهياً"، حيث يختار النظام شبيحته من الكهنة ورجال الدين حسب الرسالة المقصودة، بإظهارهم كممثلين دينيين ومناطقيين عن الطائفة أو الديانة التي يمثلونها، في مشهد يسعى النظام لاستخدامه لترسيخ فكرة تأييد ودعم الأقليات في جرائمه ضد السوريين.
الرقص على دماء السوريين
كنانة علوش التي رقصت على جثث السوريين في أكثر من منطقة، وتباهت بقتلهم، وأخذت صور السيلفي مع جثث الشهداء الذين قتلتهم قوات النظام، ونشرتها على حسابها في موقع فيسبوك، ذاتها من أجرى التقرير الذي طالب فيه الأشخاص الثلاثة بإبادة حلب الشرقية.
ما يعني أن مثل هذه الأعمال هي أعمال منظمة ومنهجية، وتعتبر امتداداً لسلوك النظام منذ استلامه السلطة، حيث يستخدم النظام التمييز المناطقي والعشائري والعقائدي، ويستثمره في تجزئة مكونات الشعب بهدف السيطرة عليه وعدم السماح للسوريين المقهورين بالتوحد في مواجهته، وزرع الشك والريبة في قلوب السوريين، وتحويل أي شخص ليس من نفس المنطقة أو العشيرة أو الطائفة إلى "مخبر محتمل"، وأي انتقاد للنظام يصدر من قبله يعتبر محاولة توريط للشخص المستمع نتيجتها لا تحمد عقباها.