بلدي نيوز - (علي حاج أحمد)
الحرب المستمر من قبل النظام السوري وحلفائه ضد المدنيين، وبعد التدخل الروسي في أواخر سبتمبر 2015 واستهدافه للقرى والمدن السورية، أجبر السكان إلى ترك منازلهم وقراهم ومدنهم وأعمالهم، لينتهي بهم المطاف إلى السكن في خيم لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، ففي إحصائية المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بلغ عدد المشردين من قراهم ومدنهم جراء الحرب، 7.2 مليون نازح (داخل سوريا).
المنظمات الإغاثية العربية منها والعالمية، كان لها الفضل في حماية آلاف العائلات السورية من الموت جوعاً، لا سيما تركيا التي كان لها الدور الأكبر في هذا المجال وصاحبة الفضل الأول، الذي حمى الملايين السوريين من التشرد والموت جوعاً، لما تقدمه على الدوام من مساعدات إنسانية أنقذت حال الكثيرين.
المشكلة لم تنتهي عند هؤلاء النازحين فهناك آلاف النازحين الذين يسكنون في مخيمات صغيرة، في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي لم تصلهم أي مساعدات، من قبل المنظمات الإنسانية الدولية، لصعوبة تنقلها بحرية بين أماكن تواجد النازحين حيث لا يمكن ضمان سلامة دخولها أو خروجها، في ظل القصف المستمر، ما حرم أهالي هذه المخيمات من حقوقهم المكفولة بالقانون الدولي الإنساني، حيث لا تتوفر فيها شروط المتانة والأمان والحماية، أو أي من المستلزمات الضرورية، كالطعام والماء والمساعدات التي تصلها بالكاد تسد رمقهم، ولقد تفاقمت أزمة هذه المخيمات في الآونة الأخيرة، نتيجة المعارك الدائرة في ريف حماة الشمالي.
الأمر الذي أدى إلى تضاعف أعداد هذه المخيمات، (أبو موسى) أحد النازحين من بلدة حلفايا بريف حماة الشمالي، يقيم في مخيم صغير في ريف إدلب الجنوبي، مع زوجته وأطفاله الأربعة وجميعهم تحت سن العشر سنوات، وهذا المخيم متاخم لريف حماة الشمالي، حدثنا (أبو موسى) عن نزوحه قائلاً: "عندما اشتدت المعارك في ريف حماة الشمالي، بدأ النظام بالانتقام من أهالي مدينة حلفايا، بعد أن تمكنت فصائل الثوار من تحريرها من قوات الأسد وشبيحته، وكثف الطيران الروسي وطيران النظام من قصفه للمدينة مستهدفاً منازل المدنيين، الأمر الذي دفع جميع أهالي المدينة البالغ عددها 30 ألف نسمة إلى الخروج منها، خرجنا بلباسنا فقط وتركتنا ورائنا أرزاقنا وأعمالنا وبيوتنا بما فيها، وأطفالنا تركوا مدارسهم، وتوزع الأهالي على المخيمات وقرى ريف إدلب".
ويضيف أبو موسى: "لقد اخترت هذا المخيم لعدة أسباب وأهمها ليس لدي المال لكي أستأجر منزلاً في احدى القرى، ولقرب هذا المخيم على مدينة حلفايا ليتسنى لي الذهاب إلى المدينة لأطمئن على المنزل بين الحين والأخرى، إلا أن هذا المخيم تنعدم فيه جميع مقومات الحياة، حتى الخيم مهترئة ونحن على أبواب فصل الشتاء والأمطار، واذا بقي الحال عما هو عليه سوف يكون وضعنا مأساويا للغاية".
من جانبها أضافت (أم موسى) بقولها: "حتى الماء أصبح حسرة، يوجد في المخيم خزانات ولكنها دوماً فارغة، وعندما يتم تعبئتها ماهي إلا بضع ساعات حتى يصبح غير قابل للشرب بسبب حرارة الشمس، الأمر الذي جعلنا يومياً نذهب مسافة بعيدة مشياً على الأقدام لتعبئة ماء للشرب من أحد الآبار".
كذلك تحدث (إبراهيم الحموي) وهو أحد العاملين في مجال الاغاثة لبلدي نيوز، حول الوضع الانساني في المنطقة بقوله: "الآلاف تدفقوا الى الريف الجنوبي لمحافظة إدلب، والمحاذي لريف حماة الشمال خلال الشهرين الماضيين، وتضاعف أعداد النازحين أدى إلى نقص في المساعدات، وتم بناء مخيمات مؤقتة لهم داخل القرى، وبين الاراضي الزراعية".
حال عائلة (أبو موسى) هي الحالة نفسها لجميع سكان هذه المخيمات المنسية، فهم يعيشون حياة مريعة في هذه المخيمات، التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، ويستمعون في الوقت ذاته إلى أصوات الطائرات وقذائف المدافع التي تستهدف مدنهم وقراهم.