واشنطن بوست -(ترجمة بلدي نيوز)
إن حملة ترامب تفتقر لسياسة واضحة بشأن كيفية إيقاف الأزمة الإنسانية في سوريا، دونالد ترامب وزميله في الانتخابات، حاكم ولاية إنديانا -مايك بنس، لا يتفقان حول مسار سياستهما، ولكن الأمر الأكثر أهمية من المناظرة الرئاسية ليلة الأحد هي أن ترامب لا يدرك الحقائق الأساسية لهذا الوضع، كما أنه لا يفهم تاريخ الصراع، ولا يبدو بأنّه فَضولٌ بما فيه الكفاية لمعرفة ذلك.
في صباح اليوم الاثنين، كانت حملة ترامب في وضع التفاف حول الحقائق في محاولة للتظاهر بأن ترامب وبنس لا يختلفان بشكل علنيّ حول ما إذا كان ينبغي أو لا ينبغي على الولايات المتحدة النّظر في استخدام القوة العسكرية ضد نظام بشار الأسد لوقف مذابح المدنيين في حلب، ففي برنامج نيو داي على شبكة السي إن إن، طلبت مديرة الجلسة مارثا راداتز، من (الإي بي سي نيوز) من ترامب مراراً الإجابة على ذات السؤال الذي أجاب عنه بنس، وهو حول ما يمكن لترامب القيام به حيال الأزمة الإنسانية في مدينة حلب، وهل ينبغي للولايات المتحدة أن تكون على استعدادٍ لاستخدام القوة العسكرية ضد نظام الأسد من أجل وقف القصف هناك؟ في مناظرته، قال بنس بوضوح بأنه يؤيّد مثل هذه السياسة.
وقال ترامب خلال المناظرة : "كلانا لم نتكلم في الموضوع بعد، وأنا أعارض، أعارض هذا الأمر كلياً "و أعتقد بأن علينا التركيز على تنظيم الدولة، إذ أن علينا أن نقلق بشأن تنظيم الدولة قبل أن نفكر في التورط بالأمر بشكل أكبر"، إن ترامب وبنس يختلفان حول سوريا، كما هو حالهما في العديد من قضايا السياسة الخارجية، وليس أقلها حول ما إذا كان غزو واحتلال العراق فكرة جيدة أم لا (على الرغم من تأييد ترامب للأمر في وقت سابق).
إن رواية ترامب لتاريخ تورط الولايات المتحدة في سوريا وشرحه للأوضاع الراهنة مليئة بالأخطاء، إذ بدأ القول بأن هيلاري كلينتون كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الأمريكية عندما قام أوباما باتخاذ قراره بعدم فرض "خطّه أحمر" بعد استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية لقتل أكثر من 1400 مدني، الأمر الذي حدث في سبتمبر 2013، وذلك بعد عدة أشهر من مغادرة كلينتون لمنصبها.
"لا، لم أكن أشغل أي منصب حينها، كنت قد استقلت"، قاطعته كلينتون في المناظرة، بينما حاول ترامب تغطية فشله بالإشارة إلى اجتماعات كلينتون مع الإدارة بعد تركها لمنصبها والتكهّن بأنها أثّرت على قرار أوباما، حيث قال: "لقد كنتِ على اتصال دائم مع البيت الأبيض، وربما للأسف، كان أوباما لا يزال يستمع إليك".
ويبدو أن ترامب لا يعلم بأن أوباما تجاهل نصيحة كلينتون حول سوريا في عام 2012 وحتى بعد ذلك، عندما دعت كلينتون لتوفير المزيد من الأسلحة للثوار السوريين ولفرض مناطق آمنة داخل سوريا، إن ترامب وبنس باتوا الآن يقولون بأنهم يؤيّدون مناطق آمنة، وبعد ذلك قال ترامب بأنه لم تكن هنالك من طريقة لمعرفة من هم الثوار السوريون حقاً، على الرغم من أنه بدا وكأنه على يقين بأنهم أسوأ من نظام الأسد، إذ قال ترامب: "إنها تتحدث لصالح الثوار"، مضيفاً "إنها لا تعرف حتى من هم الثوار حقاً، كما تعلمون في كل مرة نقوم بتبنّي أولئك الثوار، سواء أكان ذلك في العراق أو في أي مكان آخر، ونقوم بتسليحهم، تعلمون ماذا يحدث بعد ذلك، يصبحون في نهاية المطاف أسوأ من الأنظمة".
لقد أنفقت الحكومة الأمريكية وحلفائها في سوريا سنوات في تطوير اتصالاتها مع عشرات من الجماعات المعارضة، وفي الوقت الذي حاولت فيه راداتز أن تخبر ترامب بأن وقته كان قد انتهى، أصرّ ترامب على الاستمرار في سلسلة من الأكاذيب حول ما يحدث في سوريا، إذ قال: "أنا لا أحب الأسد على الإطلاق، ولكن الأسد يقاتل تنظيم الدولة، كما أن روسيا تقاتله أيضاً، وكذلك بالنسبة لإيران، لقد أصبح هؤلاء الثلاثة الآن متعاضدين معاً، وذلك بسبب ضعف سياستنا الخارجية".
في الواقع، لقد تجنّب الأسد وشركاؤه إلى حد كبير قتال تنظيم الدولة، إذ قاموا عوضاً عن ذلك بضرب المعارضة الأقرب إلى أراضيها، ومهاجمة المناطق المدنية التي تقع تحت سيطرة المعارضة، كما أن تحالف الأسد وإيران وروسيا ليس بالأمر الجديد، بل كان متواجداً على مدى عقود.
وجاء الخطأ الأكثر إثارة للصدمة، بعدما تفوّه ترامب بإجابته حول سوريا عندما سألته راداتز حول اعتقاده بشأن ما سيحدث إذا ما سقطت حلب في أيدي النظام؟، إذ أجاب: "أعتقد بأنها سقطت في الأساس، لقد سقطت أساساً"، هذه كانت إجابته قبل أن يقوم سريعاً بتغيير الموضوع ليتساءل بصوتٍ عالٍ حول السبب الذي يمنع الحكومة العراقية من شنّ "هجوم خاطف" لتحرير الموصل، ثاني أكبر مدن العراق.
إن نظام الأسد وشركاؤُه الروس يقصفون شرق حلب بلا هوادة في كل يوم باستمرار، في حملة وحشية هي الأعنف لسحق المعارضة تحت حصار همجيّ لترويع السكان المدنيين، و الحكومة الأمريكية والخبراء الدوليين يتفقون على أن نظام الأسد وروسيا يقومان بارتكاب جرائم حرب هناك.
إن إنكار ترامب لعدم وجود أي أمل لأهل مدينة حلب لمقاومة هذا الهجوم الدموي، وغضّه الطرف عن الفظائع الجارية هناك، ربما لم يكن من المصادفة كما هو الحال أن يتابع وصف ترامب للوضع في سوريا إلى حد كبير خط الدعاية الحكومية الروسية، إن ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديهما تقريباً ذات النظرة العالمية.
خلاصة القول هي أن ترامب لا يفهم الحقائق الأساسية حول أزمات الشرق الأوسط، وإنه يرفض بعناد التعلّم والاطّلاع بشكل أكبر، إن هذا هو أكثر إثارة للقلق حتى من دفاعه عن السياسة التي من شأنها أن تجعل من هذه المشاكل في الواقع أمراً أسوأ.
-جوش روجين: الكاتب في قسم الآراء العالمية في صحيفة واشنطن بوست، يكتب عن السياسة الخارجية الأمريكية ومسائل الأمن القومي.