وول ستريت جرنال –(ترجمة بلدي نيوز)
دعا عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي جون ماكين لاستهداف الطائرات السورية وتقديم المزيد من الدعم لجماعات المعارضة المسلحة في سوريا، وذلك في مقال كتبه في صحيفة وول ستريت جورنال الاميركية، حيث ذكر فيه:
كتب المؤرخ الروماني تاسيتوس، نقلاً عن عدو لروما حول فتوحاتها الوحشية "إنهم يقومون بجعل الأرض قافرة ومن ثم يدعون للسلام"، ويمكن أن يقال الشيء نفسه اليوم حول بشار الأسد وحليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا.
"في هذه اللحظة، إن قوات النظام السوري والقوات الروسية، جنباً إلى جنب مع مقاتلي الميليشيات الإيرانية وحزب الله، يستعدون لإنهاء حصارهم على مدينة حلب، إذ قيل لـ 275،000 شخص متبقّين في المدينة بأن عليهم إخلاؤها، إن الآلاف سيقومون بفعل ذلك مُرغمين على أن يصبحوا لاجئين، في حين أن النفوس المسكينة التي ستختار البقاء في حلب ستعاني مستوى دموياً متصاعداً من التفجير والقصف والاستهداف العشوائي عديم الشفقة، وعندما يقوم الأسد وبوتين وحلفاؤهم بذبح كل من يقف في طريقهم، سيقومون حينها بإعلان "السلام" في رمال دامية من صحراء سوريا.
إن انهيار آخر اتّفاق لوقف الأعمال العدائية لم يكن مستغرباً على الإطلاق، فقد فشل كما فشلت كل جهود إدارة أوباما السابقة للتعاون مع روسيا في سوريا، وذلك بسبب واحد وصفه ذات مرة وزير الخارجية السابق جورج شولتز حين قال: "إن دبلوماسية غير مدعومة بالقوة ستكون دائماً غير فعّالة في أحسن الأحوال، وخطرة في أسوأ الأحوال"، بينما اتخذ وزير الخارجية الأميركية المقدام الآن خطوة عديمة المعنى بتعليق المحادثات مع روسيا بشأن سوريا.
في الوقت نفسه، فإن الأسد وبوتين يقومان الآن بخلق حقائقهم العسكرية على الأرض في سوريا والتي من شأنها أن تمكنهم من إملاء شروطهم المضمونة في عملية السلام باستخدام المجازر المروّعة، لقد أهلكا جماعات المعارضة السورية المدعومة من الغرب، و ذبحوا عدداً لا يحصى من المدنيين، الأمر الذي عزز من قبضة النظام السوري على السلطة، وحتى أنهما قاما بقصف قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة كانت ستقوم بإيصال المساعدات للمحاصرين، لقد فعلوا كل هذا من دون أي عواقب، وهكذا فإن الحرب ستستمر بطحنها.
في الوقت ذاته فإن روسيا تقوم بنشر منظومة متقدمة مضادة للصواريخ في سوريا للمرة الأولى، في حين أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لا يقوم بإحراز تقدم كبير في الحرب ضد تنظيم الدولة، ولا يمكننا أن ننسى أن ظهور هذه المنظمة الإرهابية هو من إحدى أعراض الحرب السورية، ذلك الصراع الذي سيكون له في المستقبل تأثيراً استراتيجياً كبيراً على الأمن القومي الأمريكي بحد ذاته.
لقد أودت الحرب في سوريا بأكثر من 400،000 شخص، وشرّدت نصف سكان البلاد، وألهبت التوترات الطائفية في منطقة الشرق الأوسط، لكن مع كل السوء الذي نراه الآن في هذا الصراع، فإن ذلك السوء يمكنه أن يصبح أسوأ من ذلك بكثير، وإن هذا لأمر محتمل، فسينتج الملايين من اللاجئين، الأمر الذي سيهدد الاستقرار الإقليمي ويوتّر النسيج الاجتماعي للدول الغربية، كما سيعزّز من التحالف المناهض للولايات المتحدة والمؤلف من روسيا وإيران، كذلك سيقوّض من مصداقية الولايات المتحدة مع أقرب شركائنا الأمنيين في الشرق الأوسط، كما سيوفر لتنظيم الدولة -أو المجموعات التي ستخلفه، أرضاً خصبة للمسلمين المتطرفين، لتجنيدهم وحثهم على القتال، والذين سيكتسبون الخبرة والتجربة الخطيرة من ساحات المعارك.
إن هذا هو المكان الذي يتجه إليه الصراع في سوريا، في حين أن الإدارة الأمريكية لا تزال مفتقرة إلى أي استراتيجية لفعل أي شيء حيال ذلك، إن دبلوماسيتها عديمة الجدوى، في حين لا يبدو بأن لديها أي خطة بديلة.
لن تكون هنالك من خطة بديلة من دون تكاليف وشكوك، ولكن إدارة تحب التظاهر بأن الكونغرس ليس على استعداد لدعم نهج أكثر قوة، بسبب افتقارها إلى الدعم للقيام بعمل عسكري لفرض خط الرئيس أوباما الأحمر في عام 2013، إن هذه لخرافة، ما يعارضه الكثيرون في الكونغرس هو منح السلطة لرئيس متردّدٍ في إجراء ما وعد به وزير الخارجية جون كيري بأنه سيكون ضربات جوية "محددة للغاية" في ظل عدم وجود استراتيجية أوسع لتحقيق المصالح الوطنية للولايات المتحدة في سوريا، إن الولايات المتحدة بحاجة ماسّة الآن إلى تلك الاستراتيجية الأوسع نطاقاً.
يجب أن يبدأ أي نهج بديل بحظر القوة الجوية لنظام الأسد، تلك الميزة الاستراتيجية التي مكّنت نظام الأسد لسنوات من إدامة الصراع من خلال الذبح العشوائي للسوريين الأبرياء، يجب على الولايات المتحدة وشركائها في التحالف إصدار إنذار للأسد بإيقاف طيرانه أو أنه سيقوم بفقدان طائراته، وبأن عليه أن يكون على استعداد لمتابعة ذلك.
وإذا ما واصلت روسيا قصفها العشوائي، يجب أن نوضح لها بأننا سنتخذ الخطوات اللازمة لتعريض طائراتها لخطر أكبر، كما يجب علينا إنشاء مناطق آمنة للمدنيين السوريين وفعل ما هو ضروري لحمايتهم من الانتهاكات التي يرتكبها كل من الأسد وبوتين والقوى المتطرفة، وفي الوقت نفسه، ينبغي علينا تقديم المساعدة العسكرية الحقيقية والمتطورة لجماعات المعارضة السورية المُدقّقة لدينا والتي تحارب النظام، إذ أن السبيل الوحيد لعزل واستهداف المتطرفين في ساحة المعركة هو في جعل الجماعات المعتدلة أكثر قدرة على القتال بنجاح من تلقاء أنفسهم.
لقد أخفق نهج إدارة أوباما في سوريا إخفاقاً ذريعاً، وحان الوقت لوضع استراتيجية جديدة، بما في ذلك ما يلزم المكوّن العسكريّ الذي يمكن أن يحقق هدفاً أكثر واقعية، وهذا سيتطلب بلا شك تكاليف أكبر، ولكن البديل الحقيقي هو أبعد ما يكون عن المجاني: لسنوات وسنوات مستمرة من الإرهاب، والمأساة، والمجازر، واللاجئين، والحرب في قلب الشرق الأوسط، والتي ستستمر في تهديد الولايات المتحدة وزعزعة الاستقرار العالمي".