بلدي نيوز –(غيث الأحمد)
بعد ساعات طويلة من مباحثات لافروف - كيري في موسكو في التاسع من أيلول 2016, اتفق الطرفان الروسي والامريكي على خطة بشأن سوريا على أساسها يتم وقف لإطلاق النار وبدء الهدنة منذ 12 أيلول 2016، ووقف الأعمال القتالية, هدنة استمرت أسبوعاً فقط، حيث أعلن جيش النظام عن بدء الأعمال القتالية من جديد، وجاء توقيت هذا الإعلان بعد غارة الجوية لقوات التحالف على مواقع لجيش النظام في دير الزور..
وهذا يدعنا للسؤال هل ولد الاتفاق ميتاً ؟
- غموض الاتفاق وملابساته : أثار الاتفاق الكثير من الشكوك حول ماهيته ومضمونه, خاصة أنه تم بعيداً عن الاضواء وبعيداً عن مشاركة أو اطلاع حلفاء كلا الجانبين الروسي والامريكي، والرفض والحرص الأمريكي على عدم نشر الاتفاق يثير المزيد من الجدل حول ماهية ومضمون الاتفاق وبنوده، وقد برر ممثل بعثة أمريكا في الأمم المتحدة برفض بلاده إطلاع مجلس الأمن على الاتفاق بقوله " شأن ذلك أن يؤثر على إيصال المساعدات الانسانية " .
وهذا ما أكده أيضاً المندوب الروسي في مجلس الأمن: "إن أمريكا ترفض نشر وقراءة الاتفاق".
فما هي خلفيات الرفض الأمريكي لنشر الاتفاق، وخلفيات الرغبة الروسية بنشر الاتفاق؟
- إن الجزء المسرب من الاتفاق فيما يتعلق بالهدنة ووقف الأعمال القتالية والغارات الجوية، ونزع السلاح عن طريق الكاستيلو، وإيصال المساعدات الانسانية, لا يدعوا لقلق الإدارة الأمريكية من نشر بنود الاتفاق, إذاً ما الذي يدعوا الإدارة الأمريكية للحرص على عدم نشر الاتفاق؟.
من المرجح أن هذا الرفض يتعلق بوجود بنود سياسية لها علاقة بمستقبل سوريا، من حيث شكل وطبيعة الدولة السورية والنظام، وأن نص الاتفاق على إحداث غرفة عمليات مشتركة مع الأمريكان وقوات التحالف، بالإضافة للاتفاق على تبادل المعلومات الاستخبارية, على الأغلب أن هذا البند لا يرضي رجال البنتاغون الذين هم على خلاف مع إدارة أوباما، من جهة التعاون مع الروس في سوريا ومن جهة إدارته للازمة السورية عامة، كما أن الحرص الأمريكي على عدم نشر بنود الاتفاق مع الروس, هو حرص الإدارة الأمريكية على عدم حدوث ردود أفعال من الداخل الأمريكي ومن الحلفاء، قد تؤثر على مجمل العملية الانتخابية وآمال هيلاري كلينتون بالفوز, فهي محاولة لتسيير الأمور إلى ما بعد وصول الرئيس الجديد للبيت الأبيض.
- خلفيات الرغبة الروسية بنشر الاتفاق: إن الاتفاق حتى ببنوده المسربة هو اعتراف بالدور الروسي في سوريا، والمصالح الروسية في سوريا، ووضع الطرف الأمريكي أمام خيار وحيد ألا وهو التعاون معهم، وخاصة في قضية الهجمات على الفصائل المعارضة المسلحة والتي يعتبرها الروس كلها "ارهابية", وما يتطلب ذلك من تعاون عسكري واستخباراتي, لا يرضي رجال البنتاغون, إضافة إلى البنود الغير مسربة ومن الأرجح أنها لا تترك للإدارة الأمريكية القادمة مجالاً واسعاً للتحرك, وهذا يفسر الرغبة الروسية بنشر الاتفاق كإحراج للإدارة الأمريكية من جهة، ولربما التأثير على العملية الانتخابية الرئاسية الأمريكية .
- إذا كانت الغارة الجوية على قوات النظام في دير الزور قد دقت مسمار في نعش الاتفاق، فأن الهجوم الشرس والعنيف للطائرات الروسية والقوات المتحالفة والخاضعة لهم من قوات النظام وميلشيات لبنانية وعراقية وأفغانية، ووحدات الجيش الايراني, على قوات المعارضة في حلب، وعلى سكان حلب وعلى قوافل الإغاثة، قد دفنوا الاتفاق قبل أن يولد، والاستراتيجية الأساسية للروس في هذه المرحلة هي الاستفادة من فترة الأربعة أشهر المتبقية، قبل وصول إدارة جديدة للبيت الأبيض، لتحقيق تغيير في موازين القوى في حلب، وسحق قوات المعارضة لإدارة مساومات جديدة مع الإدارة الأمريكية على ضوء وقائع جديدة .