شهدت إيجارات الشقق السكنية في دمشق، وخصوصاً في الضواحي، ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، حيث تجاوزت إيجارات الشقق غير المفروشة حاجز المليوني ليرة سورية. يعزى هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى تزايد الطلب الناجم عن موجات النزوح الأخيرة من لبنان، والتي دفعت العديد من اللاجئين السوريين واللبنانيين إلى البحث عن مساكن في دمشق وضواحيها. بالإضافة إلى ذلك، أدى تذبذب سعر صرف الدولار إلى زيادة في أسعار العقارات بشكل عام، مما جعل المستأجرين المتضررين الرئيسيين في هذا الوضع.
ووفقاً لأصحاب المكاتب العقارية، لم يكن ارتفاع الإيجارات ناتجاً فقط عن زيادة الطلب، بل كان الدولار عاملاً أساسياً في تحديد أسعار الإيجار. وقد أضافت زيادة الطلب أيضاً إلى ارتفاع نسبة "السمسرة" التي تطالب بها المكاتب العقارية، حيث يطالب بعض المكاتب بالدفع بالدولار واشتراط دفع إيجار شهرين أو ثلاثة أشهر مقدماً. كما أن العديد من أصحاب المنازل يرفضون تأجير الشقق لمدة قصيرة، وفي حال وافقوا، يُطالب المستأجر بدفع إيجار ستة أشهر مقدماً حتى لو كان يرغب فقط في السكن لمدة شهرين.
في تعليق على هذا الوضع، أوضح الخبير الاقتصادي عمار يوسف أن زيادة الطلب على العقارات هي نتيجة طبيعية للأحداث الأخيرة في لبنان، وأن ارتفاع الإيجارات يعكس هذا الطلب المتزايد ونقص المعروض من الوحدات السكنية. وأكد أن المستأجرين هم الحلقة الأضعف في هذه المعادلة نظراً لغياب آلية محددة تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، مما يسمح لأصحاب العقارات بفرض شروطهم دون أي رقابة تذكر. كما نفى وجود أي حالات استملاك حاليًا، مستدلاً على وجود شروط صارمة للتملك من قبل غير السوريين.
وأشار يوسف إلى أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات ساهم في تبرير زيادة الإيجارات، حيث يعتمد أصحاب العقارات في تسعير شققهم على الحد الأدنى للأجور في لبنان، والذي يصل إلى 700 دولار، مقارنة بالحد الأدنى في سوريا الذي لا يتجاوز 30 دولاراً. وبذلك، يشعر الوافد اللبناني أو السوري بأن دفع 100 دولار كإيجار للشهر يعد مبلغاً معقولاً بالنسبة لهم.
وفيما يتعلق بتعامل بعض أصحاب العقارات بعملات غير الليرة السورية، أكد يوسف أن غياب ثقافة تقديم الشكاوى من قبل المستأجرين هو ما يشجع الملاك على الاستمرار في هذه المخالفة. وأشار إلى أن التعامل بغير الليرة السورية يعرض المخالفين للمساءلة والعقوبة إذا تم ضبطهم.
وتشير التقارير إلى أن عدد النازحين من لبنان إلى سوريا قد تجاوز 220 ألف شخص، بينهم سوريون ولبنانيون، خلال الفترة الماضية وحتى اليوم، مما ساهم بشكل مباشر في زيادة الضغط على السوق العقاري في دمشق وضواحيها.