تشهد أنشطة المركز الثقافي الإيراني في دير الزور تدهوراً واضحاً منذ شهر حزيران الماضي، حيث انخفضت عمليات المركز إلى نحو 20% فقط من طاقته الاعتيادية. هذا التراجع السريع له أسباب متعددة تتراوح بين نقص التمويل، والرفض الشعبي، والفساد الداخلي، والمخاطر الأمنية التي تحيط بالمركز ومرتاديه.
أسباب التراجع
1. نقص التمويل: أحد أبرز الأسباب لتراجع المركز هو تقلص التمويل، الذي يعتمد في جزء كبير منه على العائدات الناتجة عن تجارة المخدرات التي يديرها الحرس الثوري الإيراني. وقد تأثرت هذه الأنشطة بضربات متتالية، ما أدى إلى انخفاض العائدات بشكل كبير. تفاقم هذا الوضع مع حلول الصيف وإغلاق المدارس والجامعات التي كانت تُعتبر ميداناً رئيسياً لأنشطة التجارة غير المشروعة، مما أدى إلى تأخير دفع الرواتب أو تخفيضها بشكل ملحوظ، إذ لم يتلقَ الموظفون السوريون رواتبهم في حزيران، وتلقوا رواتب مخفضة في تموز.
2. الرفض المجتمعي: يواجه المركز رفضاً شعبياً واسعاً، حيث بات يُنظر إليه على أنه واجهة للتغلغل الإيراني وتجنيد العملاء، مما أدى إلى تراجع عدد المرتادين وتجنب الناس الاقتراب منه. وقد حاول المركز تحسين صورته بإجبار الموظفين على إحضار عائلاتهم لحضور الأنشطة، لكن هذه المحاولات لم تنجح في تخفيف الرفض الشعبي.
3. الفساد الداخلي وسوء الإدارة: الفساد وسوء الإدارة كانا أيضاً من أسباب التراجع. اعتقال المدير السابق للمركز بتهمة التجسس في طهران كان ضربة كبيرة للعمل، وتبع ذلك اتهامات فساد تطال العديد من الموظفين. الإدارة الحالية تواجه صعوبات كبيرة في السيطرة على الوضع الداخلي للمركز.
4. المخاطر الأمنية: المركز يُعتبر هدفاً محتملاً للهجمات بسبب دوره في دعم الميليشيات الإيرانية، حيث تم استهداف المنطقة المحيطة به في عدة مناسبات، مما زاد من توتر الوضع وجعل الناس يتجنبون الحضور إليه خوفاً من الهجمات.
محاولات إعادة تنشيط المركز
تحت الضغط المتزايد من القيادة الإيرانية، تحاول إدارة المركز إعادة تنشيط العمل من خلال تقديم وعود بزيادة الرواتب، لكن هذه الوعود تأتي مشروطة بشروط قاسية مثل المشاركة في الحراسة ودورات تعليم الفارسية والفقه الشيعي، مما دفع الكثير من الموظفين إلى رفض تلك الشروط أو الامتثال لها على مضض.
في ظل التدهور الحاد والمقاومة الاجتماعية المتزايدة، يبدو مستقبل المركز الثقافي الإيراني في دير الزور غامضاً. قد تلجأ القيادة الإيرانية إلى تقديم دعم مالي استثنائي أو إعادة تنشيط أنشطة غير مشروعة مثل تجارة المخدرات، لكن ما سيحدد مصير المركز هو قدرة المجتمع المحلي على مواجهة هذا النفوذ المتزايد بمزيد من الصمود والتحرك المنظم.