زاد نشاط إيران على مستوى التدخل في قطاع التعليم العالي السوري بعد عام 2015 بشكل ملحوظ تحت عناوين براقة مثل توسيع أطر التعاون مع الجامعات السورية وخصوصا دمشق ودعمها في مجال تقديم المنح الجامعية لطلاب الدراسات العليا والمساهمة في تأهيل المعيدين في الاختصاصات والمجالات التي ترغب فيها جامعة دمشق وفق الضوابط الموضوعة". كما فوتت جامعة دمشق على نفسها فرصة فتح آفاق للتعاون الثقافي والعلمي بين جامعة دمشق والجامعات العربية مثل الأردنية والمصرية التي أثبتت كفاءتها وتطورها على مختلف الصعد والمستويات العلمية على حساب تكبيل نفسها باتفاقات مع الجانب الإيراني". في كلية الإعلام بجامعة دمشق الوضع أكثر وضوحا من حيث الهيمنة الإيرانية المطلقة على حساب السوريين، بل يمكن تلخيصه بعنوان ورد على موقع قناة "المنار" التابعة لـ "حزب الله" اللبناني: "طلاب كلية إعلام جامعة دمشق ينهلون من تجارب الإعلام المقاوم"، وكان الخبر حول محاضرة لأحد موظفي القناة على طلاب الكلية. فمثلاً حصل ياسر (اسم مستعار) على شهادة الدكتوراه من كلية الإعلام عام 2022 لكنه لم يتمكن من الحصول على فرصة للتدريس في الكلية، في حين يساعد إحسان شاهرُخ، الإيراني الذي حصل على شهادته من جامعة دمشق، في تدريس مادة التربية الإعلامية لطلاب السنة الرابعة، وبدأ قبل فترة بتدريس مقرر الصحافة الاستقصائية لطلاب السنة الثالثة، في قسم الإذاعة والتلفزيون، منذ أن تم تكليفه بشكل غير رسمي مطلع عام 2018 بدعم من الدكتورة نهلة عيسى، رغم أنه لم يُنهِ دراسة الماجستير بعد، ما طرح تساؤلات عدة حول الغاية من تعيينه في ظل وجود العشرات من الطلاب السوريين. ويصف أحد طلاب كلية الإعلام (فضّل عدم ذكر اسمه) هيمنة شاهرخ على كادر التدريس في الكلية، من خلال تمريره رسائل مبطّنة مضمونها أنه يجتمع بشكل أسبوعي مع المستشار الثقافي والسفير الإيراني في دمشق، الذي على اتصال مباشر مع بشار الأسد. وفي محاولة لفهم دور شاهرخ تواصلنا مع أحد الكوادر التدريسية في جامعة دمشق (فضّل عدم الكشف عن اسمه)، "لقد أفرغ الأسد البلاد من أهلها وبات يعتمد على المرتزقة ممن لا يمتلكون أدنى المؤهلات للعمل في الجامعات وباقي المؤسسات، ولعل شاهرخ هو واحد من بين عشرات الآلاف الذين سيظهرون خلال السنوات القادمة، وكما تعلمون فقد بدأت الأزمة بالظهور أيضاً في المشافي الحكومية والخاصة بنقص حاد في الكوادر المؤهلة وخصوصاً أطباء التخدير، بعد وصول النسبة إلى طبيب واحد فقط لكل مشفى، ما ينبئ بكارثة صحية وشيكة". وبينما ينشر شاهرخ صوراً له مع عميدة كلية الإعلام بارعة شقير والمستشار الثقافي الإيراني في سوريا، يواصل ياسر البحث عن أي فرصة عمل داخل البلد لأنه آثر البقاء وعدم السفر.
تلفزيون سوريا