واشنطن بوست - (ترجمة بلدي نيوز)
ردّاً على سؤال طرحه مورنينغ جو مذيع قناة ال MSNBC، يوم الخميس بشأن ما سيفعله إزاء الصراع في حلب، أجاب المرشّح الرئاسي الأمريكي غاري جونسون بعبارة، "ما هي حلب؟".
وقد أثارت تصريحات غاري جونسون في الولايات المتحدة جدلاً واسعاً حول الافتقار لوجود مناقشات للسياسة الخارجية في هذه الانتخابات الرئاسية، ولكن وبالنسبة للكثير من السوريين فقد كانت فرصة للتنفيس عن إحباطهم ولفت انتباه العالم لأحد أقدم وأعرق المدن في سوريا، والتي كانت مسرحاً لبعض أشرس المعارك في الحرب التي عصفت البلاد لأكثر من خمس سنوات.
وجاء الرد من السوريين باستخدام هاشتاغ، #WhatIsAleppo، قام مستخدمو الفيسبوك وتويتر بمشاركة قصص من تاريخ حلب القديم وويلاتها الحديثة، ونشر بعضهم صوراً لأزقّتها العريقة الجميلة، وقلعتها ذات ال13 قرناً من العمر، والتي تعلو المدينة، بينما قام آخرون بمشاركة صور للدمار الذي لحق بمدينة حلب، وخاصة الأحياء الشرقية للمدينة والتي يسيطر عليها الثوار، حيث وصفت مؤخّراً من قبل أحد مقاتلي المعارضة بكونها "كالمشي في هيروشيما في أعقاب الحرب العالمية الثانية".
و نشر العديد من سكان حلب صوراً لما ألقت به الحرب من الويلات على المدينة، كالصورة الأيقونية للطفل عمران ذو خمس سنوات، حينما صُوِّر وهو جالس على كرسي برتقالي في سيارة الإسعاف، مُغطّىً بغبار القصف، بوجهه الشّاحب والملطّخ بالدماء عقب غارة جوية على حيّه.
لقد انخفض عدد سكّان أكبر المدن السورية من 3.1 مليون نسمة في عام 2011 إلى ما يقدّر اليوم بمليوني نسمة، وذلك بعد أن شردت الكثير من الأُسَرِ في أعقاب أربع سنوات دامية من العنف والمعاناة، المدينة التي كانت سابقاً المركز التجاري السوري والعاصمة الاقتصادية للبلاد، أصبحت أجزاء كبيرة منها الآن واقعة تحت الحصار، في حين أن الغذاء والضروريات الأساسية غالباً ما تكون نادرة، وهذا الأمر يعتمد على وصول قوافل المساعدات الإنسانية والتي لا تصل إلا بعد مفاوضات دولية معقّدة، كما تمّ تدمير المصانع الشهيرة لمدينة حلب، بالإضافة إلى تمزيق المزيج الثقافي والديني الغني للمدينة، من النسيج المسيحيّ والإسلاميّ والأرمنيّ والكرديّ في أعقاب ذلك الصراع المستمرّ.
وإذا ما كنت تتساءل ماهي هي حلب، حلب هي المدينة حيث حدث هنالك أكثر من 100 حالة اختناق في حي السكري فيها في الأيام الماضية، حيث استخدمت مروحيات نظام الأسد في هجومها عليه القنابل البرميليّة المحمّلة بغاز الكلور، حيث قام الائتلاف السوري، وهو جماعة معارضة في المنفى، بالتغريد حول ذلك مشيراً بأصابع اتّهامه للمروحيات التابعة لنظام الأسد بتنفيذ ذلك الهجوم بالغاز السام في يوم الثلاثاء، ممّا أسفر عن مقتل شخصين وترك ما لا يقلّ عن 80 مدنيّ آخرين يعانون من اضطّرابات شديدة في التنفس.
(وسام الزرقا)، من مدينة حلب والذي يبلغ من العمر 34 عاماً، عاد لمدينة حلب مسقط رأسه، والتي هي تجسيد لـ"إرادة الحياة"، في العام الماضي قادِماً من المملكة العربية السعودية حيث كان مقيماً، وهو الآن يعطي دروساً في اللغة الإنجليزية للأطفال الذين كانت مدارسهم في المدينة مغلقة منذ فترة طويلة.
قال وسام الزرقا لوكالة أسوشيتد برس عبر رسائل ال WhatsApp: "إن هنالك شيئاً سحرياً حول عودة الحياة لمنطقة ما، بعد انفجار قنبلة برميليّة تم إسقاطها منذ قليل"، كما وأضاف: "عندما عدت إلى حلب منذ 16 شهراً، أصاب صاروخٌ الطابق الأخير من المبنى الذي أعيش فيها، وبعد نصف ساعة من ذلك كان الأطفال قد انتهوا من تنظيف الشارع خارج المبنى".
عايدة، المواطنة السورية البالغة من العمر 78 عاماً من مدينة حلب، والتي غادرت مسقط رأسها قبل أربعة عقود ولم تعد إليه منذ بدء الصراع هناك، أشارت إلى تراث مدينتها باعتبارها واحدة من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، وعلى عكس العديد من المدن القديمة الأخرى، لم تغيّر حلب من موقعها أبداً، حيث قالت "لطالما كانت حلب محلقة دائماً ومتوضّعة حول قلعتها، حيث لم تغيّر من محورها، إذ أنها نمت على مدى القرون بوجود القلعة في مركزها، إن قلعة حلب تضرّرت ولكنها لا تزال قائمة، مع أنها لم تكن هذه هي المرّة الأولى في تاريخها الطويل، التي تجد فيه حلب نفسها ممزّقة ما بين القوى الدولية.
وتخوض الآن كل من الولايات المتحدة وروسيا، مفاوضات مُطوّلة بشأن وقف إطلاق النار في المدينة، وذلك بعد انهيار اتّفاق الهدنة السابق في المدينة في نيسان، وتصف في غضون ذلك اللّجنة الدولية للصليب الأحمر حلب بكونها تقع "في أحد أكثر الصراعات تدميراً في العصر الحديث".