في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، بدأت أول موجات الاعتقالات في سوريا الجديدة، شملت جنودًا وضباطًا سابقين غادروا مواقعهم العسكرية، فيما طالت موجات لاحقة مئات من أفراد الطائفة العلوية والدرزية، بالإضافة إلى ناشطين، مسيحيين وسنة وشيعة، بزعم صلاتهم بالنظام السابق أو لأسباب أمنية.
كشفت تحقيقات رويترز أن بعض مراكز الاحتجاز التي كانت تضم المعتقلين في عهد الأسد عادت للعمل تحت إدارة قوات الأمن التابعة للرئيس أحمد الشرع، دون توجيه تهم رسمية، وسط اكتظاظ وظروف إنسانية صعبة ونقص بالغ في الغذاء والخدمات الصحية. كما وثقت عدة حالات وفاة وممارسات ابتزاز مالي من قبل الحراس، بلغت بعضها عشرات آلاف الدولارات.
وتبين من مقابلات مع 140 شخصًا، بينهم معتقلون سابقون وعائلات محتجزين، أن أساليب التعذيب في السجون، مثل "الدولاب" و"الشبح"، ما زالت مستخدمة، رغم وعود الحكومة الجديدة بإغلاق السجون سيئة السمعة وتحسين ظروف المحتجزين.
وقالت الحكومة إن بعض مراكز الاحتجاز أعيد فتحها بسبب الحاجة إلى محاسبة المتورطين في انتهاكات النظام السابق، وإن عدد من أفرج عنهم خلال العام الماضي يفوق عدد المحتجزين حاليًا، لكنها لم تقدم أرقامًا دقيقة. وأكدت فرض إجراءات تأديبية على عناصر أمن بسبب ابتزاز وعنف، مشيرة إلى استمرار جهود إعادة تأهيل المؤسسات القانونية والأمنية.
وفي هذا السياق، أفاد معتقلون سابقون عن تعرضهم للاعتقال التعسفي والاستجواب القاسي والابتزاز المالي، حيث دفعت بعض العائلات مبالغ تتراوح بين آلاف الدولارات وحتى ما يقارب 90 ألف دولار لإطلاق سراح أقاربهم. ورغم ذلك، لم يضمن الإفراج الأمن والسلامة للمحتجزين، الذين يواجهون خطر إعادة الاعتقال في أي وقت.
وبحسب تقارير حقوقية، ما زالت الاعتقالات الجماعية والاختفاء القسري تمثل تحديًا لحكومة الشرع، التي تعهدت بتحقيق العدالة واستقرار البلاد بعد أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد. كما أشارت الأمم المتحدة إلى استمرار تسجيل حالات إعدام تعسفي وخطف منذ سقوط النظام، وسط صعوبة في إعداد سجلات دقيقة لحالات الاحتجاز والإفراج عنها.