قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الهجوم الذي أودى بحياة ثلاثة أميركيين في مدينة تدمر وسط سوريا يشكّل تحديًا أمنيًا وسياسيًا بالغ الخطورة للرئيس السوري أحمد الشرع، في مرحلة حساسة تمر بها حكومته ضمن مساعي إعادة بناء الدولة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وفي تحليل إخباري، أشارت الصحيفة إلى أن الشرع يواجه منذ وصوله إلى السلطة قبل عام مهمة معقدة تتمثل في توحيد البلاد بعد عقود من الحكم الاستبدادي وحرب أهلية مدمرة.
ورغم محاولات حكومته إعادة بناء جيش موحد وإطلاق مسار للمصالحة الوطنية، لا تزال أعمال العنف الطائفي والصدامات المتكررة مع المليشيات الكردية في شمال شرقي البلاد تعرقل جهود ترسيخ الاستقرار.
واعتبرت الصحيفة أن هجوم تدمر يسلّط الضوء على هشاشة الوضع الأمني، ويؤكد أن التحدي الأمني ما زال أحد أبرز العوائق أمام تثبيت سلطة الحكومة الجديدة.
كما رأت نيويورك تايمز أن الحادث يضع العلاقة المعقدة بين دمشق وواشنطن أمام اختبار جديد، في وقت تحتفظ فيه الولايات المتحدة بنحو ألف جندي في سوريا ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.
ونقلت عن كولين كلارك، محلل شؤون مكافحة الإرهاب في مجموعة صوفان، قوله إن الهجوم قد يدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تسريع سحب القوات الأميركية من سوريا.
غير أن محللين حذروا من أن أي انسحاب متسرع قد يخدم مصالح تنظيم داعش، الذي يسعى إلى استعادة نفوذه وتوسيع هامش حركته داخل البلاد.
وفي السياق ذاته، أعاد الهجوم تسليط الضوء على الخلافات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" الحليف الرئيسي لواشنطن في محاربة تنظيم الدولة. ورغم توقيع اتفاق مبدئي لدمج "قسد" في مؤسسات الدولة، لا يزال تنفيذه متعثرًا، وسط تبادل اتهامات بشأن النوايا الحقيقية لكل طرف، فيما تتهم دمشق قوات "قسد" باستخدام ملف مكافحة الإرهاب لتكريس سيطرتها على مناطق استراتيجية وموارد نفطية.
وعلى الصعيد الدولي، اعتبرت الصحيفة أن الحادث يشكّل اختبارًا لصورة الشرع كزعيم يسعى لتقديم نفسه شريكًا موثوقًا في مكافحة الإرهاب وبناء الاستقرار. وأشارت إلى أن الشرع عمل منذ توليه الحكم على تحسين علاقاته الخارجية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة ودول عربية مجاورة، وانضم مؤخرًا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، غير أن استمرار الهجمات يهدد بإضعاف هذا المسار.
وأكد محللون أن الرئيس السوري يواجه في الأيام المقبلة ضغوطًا أمنية واقتصادية وسياسية متزايدة، إلى جانب احتمال تداعيات من واشنطن، في وقت يحقق فيه البنتاغون في الحادث، ويتعهد ترامب بالرد.
لكن مسؤولًا عسكريًا أميركيًا، لم تكشف الصحيفة عن اسمه، استبعد شن حملة عسكرية واسعة أو عمليات كوماندوز كبيرة ضد تنظيم الدولة داخل سوريا، مشددًا على ضرورة اتباع نهج حذر لتجنب زعزعة الوضع السياسي الهش للحكومة السورية الجديدة.