تحوّل موقف إسرائيل الهجومي تجاه الحكومة السورية الجديدة إلى نقطة خلاف نادرة مع واشنطن، التي أعلنت دعمها للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وتسعى لاستمالة حليفتها التقليدية -تل أبيب- إلى صفها.
وذكر تقرير الصحفي دوف ليبر، مراسل صحيفة وول ستريت جورنال في إسرائيل، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب شدد على ضرورة التوصل لاتفاق "يضمن ازدهار سوريا واستقرارها".
وبدوره، اشترط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة- موافقة سوريا على إقامة منطقة منزوعة السلاح تمتد من دمشق إلى الحدود الإسرائيلية، وهو ما رفضه الشرع رفضًا قاطعًا كونه يهدد أمن البلاد وحدودها.
ويأمل ترامب في ضم سوريا إلى اتفاقيات أبراهام، لكن مسؤولين من الأطراف الثلاثة يرون أن الوقت لا يزال مبكرًا، وأن الأولوية حالياً لحل القضايا الأمنية العالقة بين الجانبين.
وأكد المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك أن الحكومة السورية تلبي طلبات واشنطن فيما يتعلق بإسرائيل، لكن الإسرائيليين يعرقلون المفاوضات.
وأشار التقرير إلى أنه بينما تستمر إسرائيل في المماطلة، تكرر التصعيد العسكري بين البلدين، إذ اقتحمت قوات إسرائيلية في نوفمبر الماضي بلدة بيت جَن بريف دمشق، ما أسفر عن مقتل 13 سوريًا وإصابة 6 جنود إسرائيليين.
وتكررت الشعارات المناهضة لإسرائيل والداعمة لغزة في احتفالات الذكرى السنوية لسقوط بشار الأسد وفي العرض العسكري للجيش السوري، وسارعت إسرائيل إلى إبلاغ واشنطن وطلبت حث دمشق على إدانة تلك الهتافات.
ولفتت كارميت فالنسي، رئيسة برنامج سوريا في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إلى أن "الأسابيع الأخيرة شهدت تصعيداً واضحاً ونبرة أكثر تشددًا من دمشق تجاه إسرائيل".
وقال ويليام ويكسلر، المدير الأول لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي بواشنطن، إنه التقى بمسؤولين كبار في دمشق، وأكدوا انفتاحهم على العمل مع إسرائيل على ملفات منها "العنف الطائفي". لكنه حذر من أن نافذة الدبلوماسية تغلق، وأن التشدد الإسرائيلي قد يدفع سوريا نحو تركيا، الداعم الرئيسي للشرع وخصم إسرائيل الإقليمي، وأضاف: "إذا كان هدف إسرائيل هو العزلة الذاتية، فهي تسير على الطريق الصحيح".
ويرى كثيرون في سوريا والولايات المتحدة والشرق الأوسط أن إسرائيل تعمل لإبقاء سوريا ضعيفة عبر استغلال التنوع العرقي ووجود الأقليات، مما يقوض جهود واشنطن لمساعدة الشرع على توحيد البلاد.
وفي إسرائيل، عبّر بعض الجنرالات السابقين وخبراء الأمن عن قلقهم من أن نتنياهو "يبالغ" في موقفه تجاه سوريا، وقد يضر بعلاقة إسرائيل بالولايات المتحدة ويجعلها تبدو دولة عدوانية في المنطقة.
ونقلت الصحيفة قول أفنير جولوف، المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي: "المخاطر في سوريا أقل من أي مكان آخر. إذا أردت دعم ترامب في ملفات مهمة، فهذا هو الثمن الذي عليك دفعه".
وشدد جولوف على أهمية التوصل سريعا إلى تسوية مع سوريا، وطالب بالسماح للقوات السورية بدوريات قرب الحدود مع حظر انتشار الأسلحة الثقيلة أو القوات التركية.