بلدي نيوز - (عمر حاج حسين)
طرح مراقبون خلال التمرد الذي شهدته روسيا بين مجموعات فاغنر والجيش الروسي، خلال اليوم الماضي، فكرة انعكاسات هذا الخلاف على الأراضي السورية، في ظل تولي قوات "فاغنر" مهمة حماية حقول النفط والغاز في البادية السورية، والاستثمارات الواسعة التي تعود لصالح قائدها "يفغيني بريغوجين".
وأعاد المتابعون للشأن السوري النظر إلى مواقف "بوتين" حيال كيفية التعامل مع نفوذ "بريغوجين" في سوريا، لاستحواذ الأخير على أموال روسيا في سوريا، وفقاً لسلسلة استثمارات صادق عليها مع النظام السوري منذ مطلع 2018، والتي تركزت في جمعيها على حقول النفط، كمكافأة من الأسد إلى هؤلاء المرتزقة.
"ميركوري وفيلادا"
أظهرت التحليلات التي وثقناها خلال إعداد التقرير أن شركتي "ميركوري وفيلادا" هما أقدم الشركات الروسية التي حصلت على عقود تنقيب عن النفط من رأس النظام بشار الأسد، وصدّق عليها مجلس الشعب التابع له، نهاية عام 2019، إذ تم إقرار الصفقة على هامش معرض دمشق الدولي في دورته الـ61.
ويتعلق العقد مع شركة "ميركوري" الروسية بالتنقيب في منطقة البلوك 7، وهو حقل نفطي يقع في الجزيرة السورية يمتد على مساحة 9531 كم².
وفيما يتعلق بالمشروع الموقع مع شركة "فيلادا" في منطقة البلوك 23، وهو حقل غاز يقع شمال دمشق يمتد على مساحة 2159 كم مربعا.
وفي تحقيق نشرته صحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية منتصف عام 2020، أكّد أن الشركتين تعودان لزعيم فاغنر "بريغوجين"، وأن الشركتين تحصدان حوالي 20 مليون دولار شهرياً من استخراج الموارد الطبيعية في سوريا، الأمر الذي دفع المكتب الصحافي لـ"بريغوجين" إلى نفي أي صلة له بشركتَي "فيلادا" و"ميركوري".
"إيفروبوليس"
أبرمت هذه الشركة اتفاقاً مع النظام السوري مطلع عام 2018، والذي قضى بأن تحصل هذه الشركة على 25% من عائدات حقول النفط والغاز التي تمت استعادتها من تنظيم "داعش"، إذ يعود تاريخ الشركة إلى أيام قليلة من ظهورها، الأمر الذي أكّدته مجلة "فورين بوليسي" على أن الشركة تأسست قبل أشهر فقط من توقيع العقد، كواجهة لنشاط "فاغنر" الاستثماري.
"كابيتال"
في أحدث صفقة وثّقت في مطلع عام 2021، هي مصادقة رأس النظام "بشار الأسد" على اتفاق مع شركة روسية حملت اسم "كابيتال"، ومُنحت تلك الشركة وقتها حق التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط، ليتم الاكتشاف مؤخراً أن صلات مؤكدة بين "كابيتال" وبين "إيفروبوليس" التابعة لـ"فاغنر"، إذ اتضح أن المدير العام للأولى مُدرج بوصفه كبير الجيولوجيين في الثانية، مما يؤكد أن "كابيتال"، كانت واجهة جديدة لاستثمارات زعيم فاغنر "بريغوجين" في قطاع النفط السوري.
وهكذا يبدو أن فلاديمير بوتين في موقف حرج، حيال كيفية التعامل مع نفوذ "بريغوجين" في الدول التي كان فيها ذراعاً للسطوة الروسية غير الرسمية على مدار سنوات.
تاريخ "فاغنر"
بالعودة إلى بدايات تشكل تلك الميليشيا فإن ذلك يرجع إلى عام 2014 حيث تشكلت ميليشيا فاغنر الروسية، وجرى في نفس العام تكليفها بأولى مهامها علنا في شبه جزيرة القرم، وساعد مرتزقتها القوات الانفصالية المدعومة من روسيا على السيطرة على القرم حينذاك.
بدأت ميليشيا فاغنر بالعمل في سوريا عام 2015، حيث قاتلت إلى جانب قوات النظام بوحشية، وعملت أيضا على حراسة حقول النفط، ولعل أبرز القضايا التي اشتهرت بها الميليشيا كانت حادثة التمثيل بجثة الشاب السوري محمد طه اسماعيل العبدلله، الذي كان عائدا من لبنان لزيارة عائلته في دير الزور، فقتلته الميليشيا وقطعت رأسه ويديه، وقامت بتعليقه من قدميه.
وتشير تقارير صحفية إلى أن ميليشيا "فاغنر" تتواجد ضمن حقول نفط في البادية السورية بالإضافة لتواجدها ضمن المنطقة التي تخضع لتفاهمات تركيا وروسيا، والتي تعرف بمنطقة خفض التصعيد، كما يتواجد معهم أكثر من 3000 سوري مجندين تحت إمرة قوات فاغنر داخل وخارج سوريا، كذلك آخرين تم تجنيدهم وإرسالهم لخارج البلاد أيضًا.
بدأ العــداء الشخــصي" بين "طباخ بــوتــين" ووزارة الـدفــاع الــروسـية في "ديـرالزور" السـورية، في شهر شباط من عام 2018، وانفــجر في "بـاخمــوت" الأوكـرانية".
تلقت "فـاغـنر" في عام 2018 أوامـر بمـهاجـمة القـوات الأمـريـكية في "حقـل كونيكو" للغاز بديرالزور، فنفذت هجـومها على القــوات الأمـريكية في الحقل، ثم بدأت التقدم للسيـطرة على "كـونيـكو".
ردت واشنــطن على هذه الهــجمات، وشـنت غـارات جـوية أدت لمقتل المئات من مـرتـزقة "فـاغـنر".
طلب مؤسس "فـاغـنر" من وزيـر الدفـاع الـروسـي "سيـرغي شويغو" الرد، لكنّه رفض الرد وأوعز بعدم التعليق على خسـائر "فـاغـنر"، ليبدأ بعد ذلك حقـد مؤسس "فاغنر" على وزارة الدفاع الروسية.
كما أن مرتزقة "فاغنر" لعبوا دورا رئيسيا في تقدم قوات النظام والقوات الروسية في العمليات العسكرية داخل الأراضي السورية، حيث اعتمد الروس عليهم كقوات برية بشكل أساسي، بينما كان دور الجيش الروسي مقتصرا على الإشراف العسكري على سير العمليات والقصف الجوي أيضًا، وتتهم فاغنر بارتكاب مجازر عدة بحق الشعب السوري.
نشطت الميليشيا في ليبيا منذ عام 2016، حيث قامت بدعم القوات الموالية للقائد العسكري خليفة حفتر.
ويُعتقد أن ما يصل إلى ألف مرتزق من فاغنر شاركوا قوات حفتر، في الهجوم الذي شنته على الحكومة الرسمية في طرابلس عام 2019.
ودعيت مجموعة فاغنر إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عام 2017 لحراسة مناجم الماس، كما وردت تقارير إعلامية تفيد بأن المجموعة تنشط كذلك في السودان، حيث تعمل على حراسة مناجم الذهب.
مع اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، عملت روسيا على دفع مرتزقة "فاغنر" إلى الخطوط الأمامية، ومع استمرار الحرب وطولها، تزايد الاعتماد على عناصر فاغنر في المعارك الحاسمة، خاصة على جبهات باخموت وسوليدار.
بدأت تلك الميليشا تعاني في أوكرانيا، وخاصة بعد أن ظهر زعيمها قبل أكثر من شهر، وهو بين عشرات الجثث، متهما وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بقتلهم.
رغم إنكار الروس القيام لذلك بدأ "بريغوجين" تمرده حاشدا قواته، يوم أمس، مرسلا رتلا ضخما إلى العاصمة موسكو بعد أن سيطر على مدينة روستوف.
أعلن يوم الأمس 24 يونيو، عن اتفاق تم برعاية بيلاروسية، بين متزعم فاغنر وبين السلطات الروسية، ونشر "بريغوجين" رسالة صوتية دعا فيها مقاتليه للعودة إلى قواعدهم وذلك "حقنا للدماء".
وحتى الآن لم تظهر ملامح ذلك الاتفاق أو الضمانات التي حصل عليها "بريغوجين" هو ومرتزقته، بشكل يضمن سلامتهم بعد كل الذي جرى.