بلدي نيوز
حذر مؤسس مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية، يفغيني بريغوجين، من تعرض روسيا لـ "ثورة"، إذا ما استمرت الجهود الحربية المتعثرة في أوكرانيا.
وقال بريغوجين في مقابلة مع المدون المؤيد للكرملين، كونستانتين دولغوف، أوردتها شبكة "سي إن إن" الإخبارية، إن "القوات الروسية غير مستعدة لمقاومة نظيرتها الموالية لأوكرانيا، حتى عندما تدخل الأراضي الروسية"، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
وأضاف بريغوجن أن "أكثر من 20 ألفا من قواته لقوا حتفهم في المعركة الطويلة، للسيطرة على باخموت، مشيرا إلى مقتل حوالي 20٪ من 50 ألف مدان روسي جندهم للقتال في الحرب المستمرة منذ 15 شهرا، في المدينة الواقعة شرقي أوكرانيا".
وامتدح بريغوجين القوات الأوكرانية قائلا "أعتقد أن الأوكرانيين اليوم هم أحد أقوى الجيوش في العالم".
وقال إنها "قوات منظمة للغاية ومدربة تدريبا عاليا وتتمتع بذكاء على مستوى عال، ويمكنها تشغيل أي منظومة عسكرية سواء سوفيتية، أو تابعة للناتو بنفس النجاح".
وبريغوجين الذي تصاعد نفوذه بشكل كبير خلال الهجوم المستمر منذ أكثر من عام، انتقد كبار المسؤولين العسكريين الروس، وحملهم مسؤولية الخسائر الفادحة خلال الأسابيع الماضية ولا سيما، وزير الدفاع، سيرغي شويعو، ورئيس الأركان العامة للجيش، وفاليري غيراسيموف.
وجندت مجموعة "فاغنر" التي تأسست في العام 2014، آلاف المعتقلين من أجل القتال في أوكرانيا، مقابل تخفيف أحكامهم بالسجن، وبعدما كان بريغوجين متخفيًا لفترة طويلة، أثبت نفسه كلاعب رئيسي في النزاع في أوكرانيا.
والثلاثاء، أقر زعيم المرتزقة الروس، بأن نحو 10 آلاف من بين 50 ألف سجين جندتهم "فاغنر" من السجون الروسية، قُتلوا في أوكرانيا على خط المواجهة في معركة باخموت الدامية.
وخلال الأيام الأخيرة، عانت موسكو من دخول مجموعة من الروس المناهضين لبوتين، منطقة بيلغورود في توغل أثار الغضب والارتباك حتى بين المحللين العسكريين البارزين في روسيا.
ويقول عباس غالياموف، كاتب خطابات بوتين السابق والمحلل السياسي الذي أصبح منتقدا صريحا للنظام الروسي، في حديثه لـ "وول ستريت جورنال": "هذا يعني أن بوتين أصبح ضعيفا لدرجة أن القوة الرأسية تتراجع"، مشيرا إلى أنه "في أوقات الحرب، يعد الحفاظ على جبهة موحدة المهمة الأساسية للدولة، وبوتين غير قادر على تحقيق ذلك".
ويقول مسؤولون غربيون إنه من الصعب قياس مدى قدرة هذا الخلاف على زعزعة استقرار روسيا.
وبينما امتنع شويغو غيراسيموف المدرك أن لعلاقة بريغوجين الشخصية مع بوتين، عن الرد علنا، تكفل بعض الجنرالات المتقاعدين في البرلمان الروسي بالرد.
وقال الجنرال المتقاعد، فيكتور سوبوليف، إن "فاغنر تشكيل عسكري غير شرعي"، مضيفا "ليس من الواضح مكان تسجيله وماذا يفعل".
وأشار إلى أن العديد من ممارسات مجموعة المرتزقة "تتعارض" مع القوانين الروسية.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الذي استجوبه الصحفيون بشأن الصراع بين "فاغنر" ووزارة الدفاع، خلال وقت سابق من هذا الشهر، إنه استمع إلى تصريحات بريغوجين لكنه لا يمكنه التعليق، لأن "ذلك يتعلق بمسار العملية العسكرية الخاصة"، مستخدما الاسم الذي تطلقه روسيا على غزو أوكرانيا.
وكشفت المعارك الدائرة بمدينة باخموت الأوكرانية ما وصفته صحيفة "نيويورك تايمز" بـ "العداء الشخصي القبيح" بين زعيم مرتزقة "فاغنر"، ووزارة الدفاع الروسية.
وفي 10 مايو/ أيار، هدد زعيم فاغنر بسحب قوات المرتزقة من المدينة قبل أن يتراجع عن تهديداته بعد يومين قائلا إنه تلقى وعودا مرضية بتقديم المزيد من الأسلحة.
والأربعاء، قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، إن "قتالا عنيفا" ما زال مستمرا داخل باخموت، بعد أيام من إعلان روسيا أنها استولت على المدينة المدمرة بالكامل.
وتقع باخموت في إقليم دونيتسك أحد أربعة أقاليم أعلنت روسيا ضمها، بشكل غير قانوني في الخريف الماضي، ولا تسيطر عليها سوى بشكل جزئي، بحسب أسوشيتد برس.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن الصراع بين زعيم مرتزقة "فاغنر" وكبار جنرالات الجيش، كان ملحوظا بشكل خاص على اعتبار "القمع شبه الكامل" لانتقاد الحرب في روسيا.
وكانت أجهزة الأمن الروسية فعالة للغاية في اجتثاث المعارضة الليبرالية، ودفعت عشرات الآلاف من معارضي الحرب إلى المنفى وإسكات معظم الآخرين بعقوبات شديدة القسوة.
وبموجب القوانين التي صدرت في أوائل العام الماضي، فإن "تشويه سمعة" القوات المسلحة الروسية حتى باستخدام فيسبوك، يؤدي إلى عقوبات سجن طويلة.
ويقول مراقبو روسيا والمسؤولون الغربيون إن مثل هذه الحملات غير المحظورة، والتي تخلق قصة عن وقوف بريغوجين في وجه "الخونة الأقوياء الذين يسرقون انتصار روسيا"، ستكون مستحيلة بدون موافقة بوتين.
وقال ميخائيل كاسيانوف، الذي شغل منصب رئيس وزراء روسيا خلال ولاية بوتين الأولى، ويعيش الآن في المنفى، "بريغوجين مكروه من قبل الجنرالات".
وتابع "مصيره ووجوده الجسدي يعتمدان كليا على بوتين، بمجرد رحيل بوتين، يرحل بريجوجين أيضا".
وكان لدى الضباط العسكريين الروس الكثير من الأسباب لكراهية فاغنر ومؤسسها، بسبب اتصاله المباشر مع بوتين، وبفضل الرواتب المرتفعة مرونة العمل والثقافة الوحشية، بدأ جيش بريغوجين الخاص في تجنيد أفضل الضباط والجنود من الجيش النظامي.
ولكن القطيعة بين طرفي النزاع في روسيا بدأت في 2018، ففي شباط من ذلك العام، بدأت قوات "فاغنر" هجوما في سوريا، حيث كانت حقولها النفطية تديرها شركة "كونيكو" الأميركية بمحافظة دير الزور.
وحافظت الولايات المتحدة على موقع صغير للعمليات الخاصة هناك. وبمجرد تعرض القوات الأميركية لقصف من مرتزقة "فاغنر"، وضع البنتاغون وزير الدفاع الروسي على المحك.
وفي إفادة أمام الكونغرس، قال وزير الدفاع الأميركي آنذاك، جيم ماتيس، إن الروس نفوا علاقتهم بمجموعة فاغنر التي قصفت القوات الأميركية.
وحينها، أمر ماتيس القوات الأميركية بضرب فاغنر، وفي غضون ساعات، قُتل وأصيب المئات من المرتزقة الروس في غارات أميركية شملت مروحيات هجومية وطائرات بدون طيار وطائرة حربية من طراز "AC-130" وصواريخ "هيمارس"، فيما ظلت موسكو صامتة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
المصدر: الحرة نت