هل أوعز الروس للأسد بضرب (PYD) حليف أمريكا؟

بلدي نيوز – (علاء نور الدين)
أثار التصعيد العسكري لنظام الأسد ضد حليفه المفترض (PYD) في الأحداث التي شهدتها مدينة الحسكة مؤخراً، والذي تمثل باستخدام سلاح الجو لأول مرة في الصدامات بين الطرفين، أثار موجة من التساؤلات حول المستجدات التي دعت لمثل هذا التصعيد بين طرفين لطالما أعلنا صراحة عن تحالفهما ضد ثورة السوريين "التكفيرية" على حد وصفهما.
ويأتي هذا التصعيد، بعد سلسلة من التغيرات السياسية بين الأطراف الدولية المعنية بالشأن السوري - سيما التقارب الروسي - التركي، بالإضافة إلى التغيرات العسكرية على الأرض والمتمثلة مؤخراً بفك الحصار عن حلب من قبل "جيش الفتح"، وسيطرة الميليشيات الكردية على مدينة منبج (كبرى مدن ريف حلب الشمالي)، وإمكانية تمدد هذه الميليشيات باتجاه عفرين.
تساؤلات كثيرة أثارها النزاع الأخير بين الحليفين، فلماذا لجأ الأسد لاستخدام الطيران ضد حليفه (PYD)؟ وهل جاء ذلك بإيعاز روسي؟ لتحجيم الميليشيات الكردية الحليفة لأمريكا، وخصوصاً بعد التقارب الروسي – التركي، وتصريحات رئيس الوزراء التركي "بن علي يلدريم" منذ أيام بأن الملف السوري سيشهد تطورات "جميلة"؟
ومن التساؤلات أيضاً، هل باتت الميليشيات الكردية تشكل خطراً على نظام الأسد كقوة متنامية مدعومة أمريكياً، خصوصاً بعدما أصبح الطريق مفتوحاً أمامها لوصل كانتوناتها الشرقية بعفرين غرباً، بعد سيطرتها على منبج؟ وبالتالي تشكيل قوة جديدة غير المعارضة السورية يمكنها أن تنقلب ضد الأسد حليف الروس؟ وتهدد الأتراك (عدوها الأول) بنفس الوقت؟ وقد أصبح ضرورياً لجمها وتحجيمها؟
أولوية التقارب التركي – الروسي
"لا يشكل الأسد خطراً مباشراً على الأتراك كما الميليشيات الكردية المسيطرة على ثلثي الحدود السورية مع تركيا، وبالتالي فإن تحجيم الأكراد أولوية تركية ناتجة عن التقارب مع الروس، بينما يمكن التفاهم على مصير الأسد بين الطرفين لاحقاً ضمن المفاوضات السياسية"، يقول الصحفي السوري علي إبراهيم.
ويضيف الإبراهيم في حديثه لبلدي نيوز: "الأتراك أدركوا أولوياتهم بالنسبة للملف السوري، وربما أصبح مصير الأسد ثانياً، أو ربما ثالثاً، وخصوصاً مع تمسك الأطراف الدولية المعنية بالشأن السوري به، بحجة عدم توفر البديل عنه، وهذا ما يمكننا أن نستقيه من تصريحات بن علي يلدريم بما وصفها بالتطورات (الجميلة) في سوريا، علاوة عن النتائج المباشرة لزيارة أردوغان لموسكو والمتمثلة بإغلاق (ممثلية روج آفا) التي أعلنت عن افتتاحها الميليشيات الكردية سابقاً".
ويؤكد الإبراهيم أن التطورات الأخيرة من غليان الشارع الكردي المناوئ لميليشيا (PYD) لم تأت من فراغ، وتندرج ضمن ما ستشهده هذه الميليشيات من تحجيم وانكفاء، بعد تماديها بسياساتها المسيئة لمكونات الشعب السوري على اختلاف مشاربهم.
ضرب الحليف الأمريكي
من جانبه، قال المحلل العسكري والاستراتيجي "إلياس حنا" في مقابلة مع قناة "الجزيرة" إن الاستهداف اختير بمكان وزمان معينين، فبالنسبة للتوقيت فهذا يأتي بعد زيارة الرئيس أردوغان لموسكو، والسيطرة على منبج، والتحضير لعمل عسكري باتجاه مدينة الباب.
أما بالنسبة للمكان، فقد جاء لضرب "العمق الكردي" في الحسكة، وحيث تواجد النظام، وهذا يعني أن روسيا لا يمكن أن تستهدف هذا العمق للحليف الأمريكي، وقد يكون أوعز للنظام بذلك لإظهار الأمر على أنه شأن داخلي.
وأضاف: "أعتقد أن الأكراد (وحدات الحماية)، سيدفعون ثمناً سياسياً باهظاً على المدى السياسي البعيد، لأن اليوم تتقاطع كل الأهواء والتيارات ضد الأكراد، بعد زيارة الرئيس التركي لبترسبورغ".
تغيير خارطة الأحداث
في السياق، يرى مراقبون أن المرحلة اللاحقة للانقلاب الفاشل في تركيا، وما شهده من تسريبات حول تورط الأمريكيين فيه، والضغوط التركية على أمريكا وتهديد تواجدها العسكري في قاعدة أنجرليك التركية، وإمكانية منحه للروس، كل ذلك نتج عنه تنازلات أمريكية تمثلت بوعود أمريكية لتركيا بانسحاب الميليشيات الكردية من مدينة منبج في المستقبل القريب، على حد وصفهم.
ويؤكد البعض أن نقل التطورات إلى مناطق سيطرة الميليشيات الكردية، بالتزامن مع إعلان الروس عن هدنة في حلب، وتوقف المعارك جنوب غرب حلب، كل ذلك يمثل انعطافاً جذرياً في سير الأحداث على الأرض السورية من جهة، وما سيلحقها من تطورات سياسية يتوقع الإعلان عنها قريباً من جهة ثانية.
تجدر الإشارة إلى أن النزاعات التي اندلعت بين نظام الأسد والميليشيات الكردية ومنذ انطلاق الثورة السورية، لم ترق إلى مستوى استخدام الطيران، بل أن نظام الأسد أعلن صراحة تزويد هذه الميليشيات بالعتاد والسلاح، وانسحب من عدة مناطق في الشمال السوري بعد أن سلمها للأكراد.