إعادة تموضع تركي يشعل الداخل السوري - It's Over 9000!

إعادة تموضع تركي يشعل الداخل السوري


بلدي نيوز - (تركي مصطفى)

خلال السنوات الثلاث الماضية على اتفاق موسكو عام 2020 المتعلق بمناطق النفوذ التركي، لم تتوقف الآلة العسكرية الروسية عن قصف تلك المناطق جوا وبرا، فضلا عن أنها باتت أكثر سُوءًا، في المجالات كافة، الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والأمنية. ورغم محاولات التقارب التركي مع نظام الأسد، لا تزال قوات الأخير تشنُّ هجماتها الصاروخية، على مراكز مأهولة بالسكان، في شمال غرب سوريا، مع رفضه المستمر الالتزام باتفاق موسكو 2020.

لقد تجسَّد هذا الوضع في الهرولة التركية باتجاه نظام الأسد، وتبدُّد الآمال في وحدة صفوف المعارضة المسلوبة القرار من "الحليف" التركي، أمام عدوٍّ يفترض أنه مشترك، نظام الأسد، سيَّما أن أنقرة، انحرفت عن التوافق مع المعارضة، وكأنها عضوًا في النادي الروسي، ما ضاعف من هزالتها كحليف، وهي التي تمثل الخصم والحكَم لمختلف قوى المعارضة الرسمية.  ويأتي تصريح جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي بأنه ليس هنالك من ردّ فعل للمعارضة السورية – ويقصد الرسمية منها المُمثَّلة بالائتلاف – على الاجتماع والمسار الذي يعبّر عنه.

بالنظر إلى أبرز زوايا مشهد الأزمة الجديدة بين تركيا والمعارضة، نجد أن أنقرة ترى في الائتلاف مطيةً سهلةً لتنفيذ أجنداتها فيما يتمسك الشعب السوري بموقفه المتصلب والمبدئي حيال نظام مجرم، يلفظ أنفاسه الأخيرة.

وبالتزامن مع اجتماع مخابرات أردوغان والأسد في موسكو، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن التطبيع مع الأسد لن يجلب الاستقرار للمنطقة. وأضافت أن الوقت ليس مناسبا لتطبيع أنقرة علاقاتها مع الأسد، وأن بشار الأسد ما زال يعمل ضد الشعب السوري. وأكدت الوزارة على أن بلادها لا تدعم أبدا أي تطبيع مع نظام الأسد. وشددت الوزارة على دعوتها للحل السياسي في سوريا، وفق القرار 2254، ويعني هذا الموقف فشل الحكومة التركية في تغيير الموقف الأمريكي، مع إدراك أنقرة أن روسيا الساقطة في المستنقع الأوكراني لن تخرج منه قبل أن تخور قواها أمام الحلف الأطلسي الغربي. 

في المشهد نفسه، يبدو أن تركيا لن تتخلص من أزماتها مع اقتراب انتخابات 2023 فهي كانت ضامنة لموقف المعارضة بشقها الرسمي الممثل بالائتلاف، فيما الساحة السورية في مناطق المعارضة تشهد توترا شديدا تجلى في المظاهرات العارمة المستمرة المنددة باستراتيجية التقارب التركي مع نظام الأسد. 

في السياق، أصدرت منصات معارضة بيانات استنكار ضد التوجه التركي الجديد وضد الائتلاف الذي بات سكينا في خاصرة المعارضة.  وكل ما يجري يشكل انقلابا على التوافق بين أنقرة والداخل السوري المعارض. 

وسط هذه المعطيات السيئة للموقف التركي، ثمّة محاولات، من وزير الخارجية جاووش أوغلو، لتجاوز الأزمة المتصاعدة، وعدم السَّماح بتفاقمها. حيث التقى بوفد الائتلاف وصرح بعدم تطبيع بلاده علاقاتها مع النظام رغمًا عن المعارضة السورية، مؤكدًا أن تركيا هي "الضامن للمعارضة"، كما أبدى عدم جاهزية أنقرة للقاء الجانب السوري (على مستوى وزراء الخارجية) في المواعيد التي اقترحتها روسيا. وخفّض أيضا من سقف التوقعات من اللقاء المرتقب للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، وتلك مؤشرات إلى حالة عدم انسجام المواقف بين تركيا ونظام الأسد.

يرتبط تفسير تحول الموقف التركي حيال المعارضة السورية باتجاه نظام الأسد، لحلحلة أزماته الداخلية من جهة، ولتزايد تعقيدات القضية السورية من جهة أخرى، مما سيؤدي إلى انزلاق أنقرة نحو مساراتٍ قد تكلِّفها مزيدا من الخسائر، من دون تحقيق مكاسب جوهرية أمام الأكراد وحليفتهم واشنطن في شمال شرق سورية، وأمام المعارضة في الشمال الغربي. مع كون هذا التحول هرولة غير منطقية، باتجاه نظام تدرك أنقرة بأنه ملاحق دوليا ومتهم بجرائم حرب، فضلا عن تداعيات انسانية جعلت سوريا تواجه أسوأ أزمةٍ في تاريخها السياسي. ولا شك إن حدث تقارب تركي مع نظام الأسد سيسجل التاريخ أن أسوأ حليف في المشهد السوري هي، تركيا.

مقالات ذات صلة

خسائر لقوات "قسد" بقصف تركي على الحسكة

لافروف"اختلاف المواقف بين دمشق وأنقرة أدى إلى توقف عملية التفاوض"

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي

لمناقشة العملية السياسية في سوريا.. "هيئة التفاوض" تلتقي مسعود البرازاني

"رجال الكرامة" تعلن إحباط محاولة لتصفية قاداتها