بلدي نيوز- (سما مسعود)
لم يكفَّ نظام الأسد منذ بداية الثورة الشعبية ضده عن تلفيق فيديوهات وأخبار "البطولات" المتخيلة لعناصره في طول البلاد وعرضها، وترجع أولى هذه الفيديوهات إلى شهر حزيران/يونيو 2011 وظهر حينها من سمّاهم التلفزيون الرسمي بـ "العناصر الإرهابية في درعا" بالزي "الحوراني"، وهم يطلقون النار على عناصر الأسد من بساتين الزيتون دون أن يقوم طاقم تصوير التلفزيون السوري بالاتصال بعناصر الأمن والإبلاغ عن الإرهابيين الذين يقوم بتصوريهم!..
ولم تنته الكوميديا الإعلامية أو تتوقف هنا، بل استمرت وبزخم أكبر كلما تقدمت الثورة وحققت انتصارات أكبر، وأول أمس تداولت وسائل التواصل الاجتماعي الموالية للنظام السوري فيديو لما قالوا إنه "القبض على قناص تركي الجنسية من قبل قوات الأسد"، ويخلو الفيديو من أية إشارة إلى مكان وزمان العملية، لكن ما يلفت الانتباه وبوضوح رشاقة حركة العناصر الثلاثة الذين يقومون بعملية التسلل إلى النقطة التي قالوا بأن قناصاً تركياً يتواجد فيها، ولا يخلو المشهد من فبركة واضحة حيث إن المصور يتقدم المجموعة المقتحمة على خلاف المعتاد في العمليات العسكرية، كما أن حركة الكاميرا تخلو من الانخفاض والارتفاع العشوائي الذي يتناسب مع حركة المصور الذي من المفترض أن يكون في موقع التخفي والركض السريع خوفاً من القناص المفترض.
لم يعرض المشهد اللحظات الحاسمة التي غالباً ما تحمل احتباس أنفاس العناصر المقتحمين وهمهماتهم، في الأثناء كانت وجوه العناصر المقتحمة واثقة لا يبدو عليها غبار المعركة، ويختتم الفيديو باللقطة الأكثر أهمية التي يتم فيها القبض على القناص الذي لم يظهر وجهه على الشاشة ولم يُدْلِ باعترافاته أمام الكاميرا السورية كما هو معتاد في الإخراج السوري.
الصحفي عبادة كوجان المختص بالفيديو والصورة قال لبلدي نيوز: "المنتجة بدائية جداً حيث اعتمدت على الفيفا فيديو، فهي منتجة شخصية عبر تطبيق على الأندوريد وكذلك دمج الصوت مع الصورة".
وخلص كوجان إلى القول: "لذلك لا يمكن اعتماد هذا الفيديو من الناحية المهنية على أنه صحيح".
وكان الفيديو قد انتشر للمرة الأولى عبر حساب "عيسى الأسد" أحد "أبواق النظام السوري" على الفيس بوك ثم تناقتله وسائل إعلام اجتماعية أخرى.
من ناحية ثانية قال أبو قتادة، وهو قناص في أحد الفصائل المقاتلة في الساحل السوري: "من المستبعد أن يتمترس قناص على سطح بناء دون أن يكون معه حرس على الأقل على باب المبنى".
وتابع: "كيف تستطيع مجموعة مؤلفة من 3عناصر من اقتحام سلسلة مبان دون أية اشتباكات جانبية، علاوة على كون المقتحمين في مشهد واحد لا يتصرفون وفق استراتيجية المعركة، حيث ظهر اثنان في الخندق بينما يقف الثالث بالطول الكامل على أحد جانبي الخندق، المشهد تمثيلي لاشك في ذلك".
وأوضح أبو قتادة من واقع خبرته بالمنطقة المفترضة: "من الممكن أن يكون هناك تواصل بالمباني بين الأراضي التركية والسورية في كسب لكن ليس بهذا الشكل، حيث يتباعد هناك المبنى عن الآخر نحو 50 متراً على الأقل، لا وجود لمبان متصلة على النحو الذي ظهر في الفيديو".