تحالف الولايات المتحدة وروسيا الآثم يؤدي إلى تفاقم الصراع في سوريا - It's Over 9000!

تحالف الولايات المتحدة وروسيا الآثم يؤدي إلى تفاقم الصراع في سوريا

فورين بوليسي – (ترجمة بلدي نيوز)
على الرغم من سجل موسكو الطويل من سوء النية والخداع الصريح، فإن وزير الخارجية جون كيري يسعى بقوة لاتفاق لتبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الضربات الجوية مع القوات الروسية في سوريا، فقد استغلت موسكو ذريعة المفاوضات لانتهاك عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار مع واشنطن على مدى الأشهر الستة الماضية، من أجل فرض واقع إقرار الولايات المتحدة بالمكاسب الإقليمية التي حققها نظام الأسد.
وبدلاً من الاعتماد على نظام بلاغ كاذب، يسعى إلى تقويض هدف الولايات المتحدة في إزالة الأسد من السلطة، يجب على إدارة أوباما البدء بتنفيذ ما يسمى بالخطة B، وذلك من خلال زيادة دعمها للمعارضة المعتدلة في سوريا، والتي هي -وعلى عكس الروس- تعارض وجود الأسد في الواقع.
خطة أوباما وبوتين
وفقاً لمسودّة نص الاقتراح، فإن الولايات المتحدة وروسيا تنويان إنشاء مركز قيادة وسيطرة عسكرية في عمان، يعمل فيها أفراد من كلا البلدين، وذلك لتبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الحملة الجوية المكثفة في مكافحة جبهة النصرة، و"تنظيم الدولة" والذي يعرف أيضاً باسم "داعش"، حيث سيقوم الكرملين وفي مقابل حصوله على تعاون الولايات المتحدة، بمنع النظام السوري من مهاجمة ما تسمى بـ"مناطق معينة" يتفق كلا البلدين على أنها يجب أن تبقى دون أن تصاب بأي أذى.
وقد دافع الأمريكيون عن ذلك الاتفاق المرتقب بالقول بأنه يمكن أن يؤدي إلى الاستفادة من علاقة الكرملين مع النظام السوري من أجل دفعه لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وفي نهاية المطاف التوصل إلى تسوية سياسية، كما قال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية يوم 11 يوليو، بأن المسؤولين الأمريكيين "ينتظرون من الروس استخداماً أكبر لنفوذهم، الذين نعلم بأنهم يملكونه" لوقف عدوان الأسد، كما قال وزير الخارجية جون كيري في يوم 15 يوليو/تموز بأن الاتفاق "لا يستند على الثقة"، ولكن على أساس "تعريف محدد، ومسؤوليات متتابعة تتوجب على كافة أطراف النزاع، والتي يجب أن تتحملها" لوقف قصف نظام الأسد، وهزيمة جبهة النصرة، الجماعة التي تعتبرها واشنطن الآن، خطرة عليها كـ"تنظيم الدولة".
ومع ذلك فإن هنالك مسؤولون في البنتاغون والاستخبارات الأمريكية قد أعربوا عن قلقهم إزاء ذلك الاتفاق، مشيرين إلى أن روسيا لم تذعن بشكل متسلسل لاتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، كما قال السكرتير الصحفي للبنتاجون "بيتر كوك" في 14 يوليو بقوله أن "وزير الدفاع كان واضحاً بتشكّكه من الأنشطة الروسية في سوريا، ولديه سبب لذلك"، وفي مقابلة يوم 20 يوليو، اعترف أشتون كارتر بأن موسكو "صرّحت في وقت سابق بأنها ذاهبة لقتال الإرهابيين، ولكنها لم تقم بفعل ذلك، فقد دعمت الأسد عوضاً عن ذلك في قتال المعارضة المعتدلة".
وقال بعض مسؤولي وزارة الدفاع لـ"ديلي بيست" بأنهم سيقومون بالضغط على رؤسائهم لتبادل القليل من المعلومات الاستخباراتية مع موسكو، من أجل منع الروس من استخدام تلك المعلومات في دعم الأسد، كما لاحظوا بأن الاتفاق من شأنه أن يضفي الشرعية على الحملة الجوية للكرملين، وتعزيز الاعتقاد لدى العديد من السوريين بأن أمريكا تقف فعلياً إلى جانب النظام، على الرغم من دعمها الإسمي للإطاحة بالأسد، ولعل الأخطر من ذلك، وفقاً لشبكة CNN، شكوك كارتر في أن الكرملين لن يحترم أياً من الالتزامات في تجنيب استهداف المعارضة السورية المعتدلة.
السجلّ الروسي في سوء النيّة
إن الأهداف الروسية والأمريكية في سوريا تختلف اختلافاً جذرياً: حيث تسعى واشنطن لهزيمة الجماعات الإسلامية المتطرفة، وتمكين المعارضة السورية المعتدلة، وإزالة الأسد من السلطة، في حين يهدف الكرملين للحفاظ على نظام الأسد من خلال تدمير القوى المعتدلة والجماعات الأخرى المعارضة له، والقتال إلى جانب نظام الأسد لتدعيمه، وفي القيام بذلك تطمح موسكو لفرض مشروع سلطتها في الشرق الأوسط، ومكافحة النفوذ الغربي، وتقويض القيادة العالمية الأميركية.

لقد شكّل التدخّل الروسيّ في سوريا في سبتمبر من عام 2015، السبب الرئيسي في إبقاء الأسد في السلطة اليوم، حيث وفي ذلك الوقت، واجه جيش النظام السوري الواهن احتمالاً متزايداً للهزيمة في مواجهة المكاسب الإقليمية المثيرة التي قام بها "تنظيم الدولة" والجماعات المعارضة، وفي هذا السياق أعلنت موسكو عن سعيها لاستهداف "تنظيم الدولة" فقط، وعوضاً عن ذلك، قامت بشكل مكثف بقصف المعارضة السورية المعتدلة، في حين لم تقم سوى بإجراء عدد قليل من الضربات الجوية ضد "تنظيم الدولة"، مما ساعد في تحويل دفة الأمور لصالح الأسد، وفي مقابلة له في 13 يوليو مع ان بي سي نيوز، اعترف الأسد بفضل الكرملين عليه، مشيراً إلى أن الدعم الروسي "قلب الموازين ضد الإرهابيين، كما كان العامل الحاسم" وعلاوة على ذلك، أكّد على أن تحالف سوريا مع روسيا "لا يقوم على عقد الصفقات، بل على القيم المشتركة".
ويظهر استغلال روسيا للدخول في مفاوضات مع واشنطن لتعزيز مكاسبها على الأرض تأكيداً على صحة بيان الاسد، فعلى مدى الأشهر الستة الماضية، استخدمت موسكو المحادثات كغطاء لمواصلة هجماتها المكثفة ضد الثوار المعتدلين، مستفيدة من موقعها في ساحة المعركة لفرض وتحديد شروط للترتيبات المتعاقبة، على سبيل المثال استخدمت الكرملين بنداً في اتفاق وقف الأعمال العدائية لشهر فبراير/شباط والذي سمح لها بالاستمرار في هجماتها ضد "تنظيم الدولة" والمنظمات الإرهابية الأخرى، كورقة لمواصلة استهدافها لمواقع المعارضة المعتدلة، والتي تعتبرها كذلك جماعات إرهابية.
وفي مناسبات أخرى، قامت روسيا بتجاهل أي التزامات مفروضة بشكل أكثر صراحة وبطريقة لا لبس فيها، ففي شهر أيار قام سلاح الجو الروسي، جنباً إلى جنب مع الطائرات الحربية للنظام السوري، بانتهاك اتفاق وقف الأعمال القتالية والقيام بقصف مواقع في مدينة حلب حيث المعقل الرئيسي لقوات المعارضة، حيث قصفوا المدينة بكثافة وسدوا طرق إمداداتها، ونتيجة لذلك فإن هنالك اليوم في حلب ما لا يقل عن 300 ألف نسمة يواجهون احتمال الموت جوعاً، وفقاً لحجي حسن رئيس مجلس مدينة حلب المحررة، واصفاً الحصار على المدينة بالقول "يمكننا الصمود لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، ولكن بعد ذلك فإن الناس سيموتون جوعاً بأعداد كبيرة، إننا نواجه أزمة إنسانية كبرى ولا أحد يساعدنا، إن الجميع لا يقومون سوى بالمشاهدة، في حين أن معظم المدنيين الذين يموتون الآن بالفعل هم من النساء والأطفال".
وفي يونيو قامت روسيا باستفزاز الولايات المتحدة حتى بشكل أكثر وضوحاً، عن طريق استهدافها لمساكن ثكنة تحتوي على 200 من قوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة على الجانب السوري من الحدود مع الأردن، في حين كشف مسؤولون في الجيش والمخابرات الأمريكية في وقت لاحق بأن ذلك الهجوم، والذي خاطر بقتل قوات أمريكية وبريطانية متواجدة هناك، وكان يهدف للضغط على إدارة أوباما بأن تتعاون عسكريا مع القوات الجوية الروسية، وإن كان البيت الأبيض يقوم في نهاية المطاف بوضع اللمسات الأخيرة لذلك الاتفاق منفذاً ما تريده موسكو بالضبط، فإن موسكو الآن تتلقى رسالة خطيرة من الممكن أن تضر بالولايات المتحدة في دعم أهدافها الخبيثة.
حان الوقت لفرض الخطة "ب"
لم تقم إدارة أوباما بتقديم أي سبب مقنع للافتراض بأن موسكو قد تسعى لوقف مهاجمة المدنيين السوريين أو لتغيير أهداف نظام الأسد، فوفقاً لروبرت فورد، السفير الأمريكي السابق في سوريا "إن أي تقدير عمّا إذا كان بوسعنا العمل مع الروس أو لا، يعتمد على تقييم عزمهم، ونيتهم التي لا تبدو وكأنها من تتزامن مع الأهداف الأمريكية في منح الأولوية لمكافحة التطرف"، كما عبّر فريدريك سي وولف، المستشار الخاص السابق لعملية الانتقال السورية في وزارة الخارجية، عن مشاعر مماثلة، متسائلاً: "هل يقوم مسؤولو الولايات المتحدة بالقياس الدقيق لتلك الآثار الكارثية المحتملة على سمعة واشنطن من مثل هذا التحالف الآثم؟ هل يأخذون بعين الاعتبار ما قد يترتّب على تجنيد تلك الصفقة التي ستعود على التطرف في مختلف تجلياته؟"
في أيار، صرّح كيري بأن الولايات المتحدة ستقوم بتوفير دعم عسكري كبير لقوات المعارضة السورية المعتدلة عملاً بالخطة "ب" التي طال نقاشها، في حال فشل الأطراف المتحاربون في سوريا بالتوصل إلى اتفاق انتقال سياسي في 1 أغسطس، ومع ذلك أعرب كيري عن أمله في أن تستطيع الولايات المتحدة وروسيا وضع اللمسات الاخيرة على صفقة التعاون العسكري "في وقت ما من أوائل أغسطس، في الأسبوع الأول أو نحو ذلك"، مما يشير إلى أن واشنطن تخلّت عن أي محاولة لها لفرض موعد نهائي.

إن مثل هذا القرار من شأنه أن يشكل خطأ فادحاً، عوضاً عن ذلك يجب على إدارة أوباما أن تتخلى مباشرة عن اتفاقها مع الكرملين، والبدء على الفور بتنفيذ الخطة (ب) بدعم المعارضة السورية، الاستراتيجية الوحيدة التي تقف كفرصة مجدية لتحويل مجرى الحرب في سوريا، إذ إن انضمام واشنطن لمطالب موسكو، من المرجح أن يمنح العدوان الروسي استمرارية أكبر في حربه ضد الشعب السوري، مما سيهدد مئات الآلاف من الأرواح، والذي قد يضمن انتصار نظام الأسد في نهاية المطاف.

مقالات ذات صلة

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

تعيين مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع في الحكومة السورية الجديدة

//