على أمل الحساب يوما.. أربعة عقود على مجزرة سجن تدمر - It's Over 9000!

على أمل الحساب يوما.. أربعة عقود على مجزرة سجن تدمر


بلدي نيوز - (مصعب الأشقر)

يستذكر السوريون اليوم مجزرة سجن تدمر التي راح ضحيتها أكثر من 1200 معتقل في العام 1980 بأمر من حافظ الأسد وإشراف شقيقه رفعت الذي كان مسؤول "سرايا الدفاع" حينها.

وبحسب ما تذكر المصادر الحقوقية، فإن المجزرة تم ارتكابها بأمر مباشر من حافظ الأسد بتنفيذ شقيقه رفعت الذي كان مسؤولا حينها عن قيادة الجيش بشكل فعلي ويقود "سرايا الدفاع".

قبل ارتكاب المجزرة بيوم واحد زعم إعلام النظام أن حافظ الأسد تعرض لمحاولة اغتيال في دمشق أثناء انتظاره وصول مسؤول إفريقي إلى العاصمة دمشق، في محاولة لتبرير المجزرة. 

لم يكتفِ "الأسد" من الدماء التي سالت في مجزرة تدمر بل ارتكب عشرات المجازر أشد منها وأكثر قسوة في حماة وحلب وجسر الشغور والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من السوريين.  

وبعد وفاة حافظ الأسد عام 2000، واستيلاء ابنه بشار على الحكم في سوريا استمر النهج الأمني والقمعي لنظام البعث الذي كشر عن أنيابه مع انطلاقة أول صيحات الحرية والكرامة لتحصد ألة الموت الأسدية على مدار السنوات الـ 11 الماضية أرواح مئات آلاف السوريين العزل. 

فما الذي يجعل سياسة القتل متجذرة لدى نظام الأسد، وهل ستكون هناك محاسبة لبشار الأسد على جرائمه اليوم بعد إفلات والده من الحساب على مجزرة تدمر وشبيهاتها،  وماذا كان يشكل اسم سجن تدمر للسوريين،  وما فائدة التوثيق للمضي بالمحاسبة؟

القتل.. سلوك متجذر

يقول المحامي ياسر الفرحان رئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن المعتقلين والمفقودين، إن نظام الأسد يعتمد التعذيب والتصفية والاعتقال خارج القانون استراتيجية أساسية يحكم من خلالها سوريا، وهي جزء من سلوك ممنهج معتمد لديه، متجذر منذ استيلاء الأسد الأب على السلطة ولا يزال هذا النهج حتى اليوم بأشكال عدة. 

ويؤكد "الفرحان" في حديثه لبلدي نيوز، أن طريق العدالة وإن بدا متعثرا أحيانا، تبقى القاعدة أن ما من حق يموت؛ أصحاب الحقوق هم الضمانة لعدم الإفلات من العقاب إذا ما تابعوا قضاياهم. أسر الضحايا وعائلاتهم هم الضمانة لعدم التخلي عن العدالة والنتيجة مرتبطة بالإرادة التي يتحلى بها المجتمع السوري.

ويضيف: "شهدنا أن مجزرة تدمر لم تأخذ مكانها في الاهتمام وفق آليات الأمم المتحدة والمحاكم في الدول الأوروبية، وأحد الأسباب هي غياب التنسيق والحشد الكافي ضد رفعت الأسد الذي كان في فرنسا، بالاضافة إلى أن الإرادة الدولية غائبة ولم يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه تلك المجزرة، وترك رفعت الأسد دونما محاكمة بالوقت الذي صودرت أمواله لأسباب أخرى تتعلق بالتهرب الضريبي وقضايا تبييض أموال.

وبحسب "الفرحان"، فإن المسؤولية الدولية والمسؤولية الوطنية السورية يتحملها من هم في أوروبا آنذاك، ولفت إلى أن مجزرة تدمر لم تكن الوحيدة، فكان يساق عشرات السوريين المعتقلين للإعدام بشكل عشوائي، إلا أن مجزرة تدمر هي الأفظع فقد شملت ما يزيد عن 1000 معتقل تمت تصفيتهم عمدا على يد 70 عنصر بأمر من رفعت الأسد وموافقة من حافظ الأسد.

وينوه أن هناك الكثير من المجازر لم توثق، وخير دليل مجزرة التضامن وبعد مضي 10 سنوات حتى وصلت للإعلام والعالم.

ويشدد "الفرحان"، أن التوثيق هو اللبنة الأولى لتحقيق العدالة، ويجب أن يؤمن بها الجميع وهي وسيلة كي لا تضيع الحقيقة وحتى لا يعمل المجرمين على تثبيت سرديتهم بإنكار الحقيقة والجريمة، وبالتالي لا بد من التوثيق، وإذا أتت ساعة العدالة أو المحاكمة فإذا لم يكن لدينا توثيقات تضيع حقوقنا.

حكم بالحديد والنار

من جهته، يقول الصحفي عمار حمو، إن نهج القتل متجذر عند عائلة الأسد ومن عمل معهم من الطوائف الأخرى، فالمشكلة في نظام الأسد كمنظومة أولا، وهو الذي دفع بعائلته وشبيحته بأعراقهم وطوائفهم إلى انتهاج القتل.

أما عن الدافع، يرى الصحفي "حمو" أن نظام الأسد يحاول منذ حكم حافظ الأسد إلى ترسيخ حكمه بالحديد والنار والقضاء على مناهضيه وممن يحسبهم منافسيه، وجاء بشار الأسد على أرض دموية فانتهج نهج أبيه، رغم أنه سوق لنفسه بأنه ينتهج نهجا لينا مقارنة بحكم أبيه، وعندما شعر بأن حكمه في خطر زاد من جرعة الإجرام، وقصف المدن بأحيائها السكنية ومساجدها، وأمعن في قتل المدنيين حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.

ويضيف "حمو"، أن النتائج الخاصة بمحاسبة نظامي الأسد الأب والأبن لا تبشر بخير، على الأقل في الفترة القريبة، ومنذ 11 عاما يمعن الأسد في قتل السوريين وحتى اليوم لم نشهد إلا محاكمات تعد على أصابع اليد لمجموعة صغيرة من ضباطه ولم تنعكس هذه المحاكمات على مسيرة النظام المستمرة في القتل والانتهاكات.

ويلفت الصحفي "حمو" إلى أن سجن تدمر ذاع صيته لأنه شهد "حفلات" إعدام جماعية في الثمانينات، وشهد أبشع عمليات التعذيب، وروي جزء من تلك الجرائم على لسان الذين نجوا من الموت، كما جاء في كتاب "القوقعة"، "الطريق إلى تدمر"، وغيرها من الكتب.

ويضيف قائلا "لكن جرائم نظام الأسد لا يمكن حصرها بسجن تدمر ولا في السجون والأفرع الأمنية، أبنية سكنية في حماة شاهدة حتى اليوم على جرائم النظام، الإعدامات الميدانية في الشوارع، آخرها ما تسرب عن "مجزرة التضامن" وهي نقطة في بحر جرائم ممتدة من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، ولا ننسى "المسلخ البشري" وهو الاسم الذي أطلق على سجن صيدنايا العسكري الذي يحتجز الأسد فيه الآلاف حتى الآن، وتنتشر أسماء ضحايا قضوا داخله حتى الآن".

وينوه الى أن شعور غياب العدالة يراود معظم السوريين بما فيهم من يشتغلون في المجال الحقوقي، أكثر من عقد ولم نشهد محاسبة عادلة لأحد رموز النظام ولم يكن هناك آلية لوقف إجرام النظام. لكن في المقابل توجد شريحة واسعة من السوريين مشغولة بالبحث عن مكان آمن ولقمة العيش، هؤلاء يتمنون العدالة ويسعون لمحاسبة المجرمين ولكن عندهم قضايا أكثر إلحاحا، أما الناشطين الحقوقيين والمنظمات الحقوقية السورية لم تتوقف عن التوثيق وطرق الأبواب الدولية بحثاً عن سبيل لتحقيق العدالة.


مقالات ذات صلة

اكتشاف مقبرة جماعية في أطراف مدينة إزرع

تصريح من الأمم المتحدة بشأن تصعيد روسيا والنظام شمال غرب سوريا

النظام يفرض عقوبات على أعضاء برلمانيين ينتمون لحزب البعث

كي لا ننسى" مجزرة خان شيخون"

إسرائيل تكشف وثائق مفاوضاتها السرية مع حافظ الأسد

كي لاننسى" الذكرى السنوية لمجزرة جامعة حلب"

//