بلدي نيوز – حلب – (يمان الخطيب)
تعود مدينة حلب عاصمة الشمال السوري لتتصدر أخبارها عناوين الصحف ونشرات الأخبار بعد هدوء غير اعتيادي ساد معظم جبهات القتال طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، لربما كان هدوء ينذر بالعاصفة التي أشعلها الثوار قبل أيام قليلة غرب وجنوبي المدينة، حسب متابعين.
غرفة عمليات فتح حلب بقيادة الرائد ياسر عبد الرحيم استأنفت عملياتها العسكرية ضد قوات النظام، وشنت هجوماً مزدوجاً على مناطق استراتيجية كمعمل الكرتون ومنطقة الفاميلي الهاوس ومدرسة بيت الحكمة في محيط حي حلب الجديدة، حيث يتخذ النظام من هذه المواقع خط الدفاع الأخير عن الأحياء التي يسيطر عليها غرباً.
المعارك المحتدمة التي تدور منذ ثلاثة أيام لم تسفر عن تقدم صريح للثوار على عكس المتوقع، فقوات النظام المدعومة بميليشيات أجنبية كحزب الله اللبناني ولواء أبو الفضل العباس وحركة النجباء العراقية وعشرات الميليشيات الأخرى، أبدت شراسة في الدفاع أمام هجمات الثوار التي توزعت على أكثر من محور، وذلك رغم الخسائر الكبيرة التي مني النظام وحلفاؤه بها خلال المعركة.
ويتحدث الناشط الإعلامي حسن قطان حول الدوافع التي جعلت النظام متمسكاً بمواقعه التي يسيطر عليها في حلب "تشكل المناطق الواقعة تحت سلطة النظام في مدينة حلب خزاناُ بشرياً هائلاً، ويعمل النظام على استغلال حاجة الشبان العاطلين عن العمل للمال، فيغريهم برواتب مرتفعة ويزجهم في جبهات القتال فيما بعد".
ويضيف في حديث لبلدي نيوز "النظام اعتمد استراتيجية نجح بها نوعاً ما ألا وهي الحفاظ على مراكز المدن، وتأمين خطوط إمداد لها، كما أن حلب مدينة اقتصادية ويحصّل النظام من خلال الضرائب التي يفرضها على التجار أموال طائلة".
وأعلنت كتائب الجيش الحر سيطرتها على أكثر من 60 بالمئة من المساحة الكلية لمدينة حلب بتاريخ 21 تموز/ رمضان عام 2012، اعتبره البعض وقتاً قياسياُ لم تتجاوز مدته الستة أيام دون مقاومة تذكر من قوات النظام التي اكتفت بقصف الأحياء التي خرجت عن سيطرتها بالطائرات والمدافع.
وعمل النظام في تلك الفترة على تحصين الأحياء التي يقطنها سكان من الطبقة المرموقة، والتي تكون غالباً غربي المدينة، وبدى في ذلك الوقت عاجزاً عن استرجاع أي من الأحياء التي خرجت عن سيطرته، واكتفى بالدفاع عما تبقى له من أحياء في المدينة.
بدوره، يرى الناشط الإعلامي مجاهد أبو الجود، أن سبب تواجد النظام في حلب إلى الآن وراءه عدة أسباب لعل أهمها، ارتباط تواجده في الشمال السوري مرهون في بقاء ثكناته ومواقعه العسكرية بحلب متماسكة، سيما بعد أن خسر مدينة إدلب وريفها وصولاً إلى سهل الغاب.
ويتابع أبو الجود "اختراق الثوار لتحصينات النظام بأي منطقة في حلب يعني انهياره في المدينة ككل، وهو يدرك ذلك جيداً لذلك يستميت جنوده في الدفاع، بالرغم من قوة الهجوم الذي يشنه الثوار".
"غياب التنسيق الجدّي والقيادة الجامعة لفصائل الثوار في مدينة حلب، يعد سبباً مهماً في عدم إحراز الثوار تقدماً منذ فترة طويلة"، يقول قائد كتيبة الكرامة في الجبهة الشامية محمد غول لبلدي نيوز، ويضيف "لو كان هنالك جيش منظم في حلب على غرار جيش الفتح بإدلب، فما كان النظام ليصمد طيلة هذه الفترة، ومعركة تحرير حلب تبدأ حين تنصهر الفصائل في جسم عسكري له قيادة واحدة تدير المعارك حسب الإمكانيات المتاحة"، وتابع الغول "هجوم تنظيم الدولة الأخير على ريف حلب الشمالي عقّد الأمور أكثر، واستنزف أعداد كبيرة من المقاتلين، فكان له الأثر السلبي على معنويات وجاهزية العناصر".
وشهدت الأسابيع الماضية، خروج مظاهرات غاضبة في أحياء حلب وبلدات بريفها تطالب الثوار بالتوحد ونبذ الخلافات، للسيطرة على كامل المدينة والوقوف بوجه تنظيم الدولة الذي يتوغل بريف حلب الشمالي.