حقائق حول صراع الاقتصاد السوري - It's Over 9000!

حقائق حول صراع الاقتصاد السوري

 Atlanticcouncil  - ترجمة بلدي نيوز

نتيجة للحرب الطويلة ذات الخمس سنوات في سوريا، عانت البلاد من خسائر إنسانية واقتصادية كبيرة، حيث قامت الحرب بإرجاع البلاد إلى الوراء عشرات السنين، في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، هنا بعض من هذه الخسائر وتلخيصها، وذلك باستخدام تقرير صندوق النقد الدولي حول صراع الاقتصاد السوري.
ما قبل الصراع
في وقت مبكر من عام 2000، كانت سوريا تسعى نحو التحرر الاقتصادي التدريجي من خلال اتخاذ العديد من الخطوات الملموسة: تعزيز الرقابة المصرفية والتنظيم، تحديث الإطار النقدي، وتطوير سوق الديون الحكومية، وتعزيز وتبسيط إدارة الإيرادات، وتحسين الإدارة المالية العامة، هذا كله بالمساعدة التقنية لصندوق النقد الدولي، حيث كان الاقتصاد مستقراً.
ومع ذلك، فقد كان هنالك مؤشرات لظهور المشاكل الأساسية، فقد بدأ الفقر والبطالة بالارتفاع ما بعد 2005، بينما كان التفاوت بين الفقر الريفي والحضري شاسعاً، حيث أن جهود التحرر الاقتصادي لم يستفد منها سكان الريف، في حين كانت مؤشرات ممارسة أنشطة الأعمال في سوريا فقيرة، فقد كان أداء سوريا سيئاً في الحصول على التمويل، وتنفيذ العقود وتسجيل الملكية، بالإضافة إلى مشاكل في الفساد، كما أن القوى العاملة المتعلمة كانت غير كافية، وكذلك الكهرباء، بينما كانت الإصلاحات السياسية بطيئة جداً، حيث بدأت الخلافات في الظهور بعد أن تولي بشار الأسد للسلطة في عام 2000.
الكارثة الإنسانية
يعتبر الصراع السوري "الأزمة الإنسانية الأسوأ في عصرنا"، فقد تقلص تعداد الشعب السوري بنسبة تقدر لـ 20٪ بعدد 250،000 قتيل و 800،000 آخرون مصابين، وذلك وفقا للأرقام الرسمية للأمم المتحدة، بينما فرّ 4.7 مليون لاجئ سوري، في حين أن هنالك 7.6 مليون سوري آخرين قد نزحوا داخلياً، كما انتشر الفقر والبطالة على نطاق واسع: حيث أن 60٪ من القوى العاملة أصبحت عاطلة عن العمل، ثلاثة ملايين شخص فقدوا وظائفهم على إثر الصراع، بينما يقدر الفقر بأنه يسيطر على 83٪ من السكان، وتم تدمير 2.1 مليون منزل.
إن الأطفال هم من المجموعات الأكثر تأثراً في الصراع السوري، إذ أن نحو مليوني طفل سوري أصبحوا لا يتلقون أي تعليم، بينما دمرت ربع المدارس في سوريا نتيجة للحرب، إن هنالك 3.7 مليون طفل سوري ولدوا كلاجئين منذ بدء الصراع.
كما انخفض متوسط العمر المتوقع لنحو 20 سنة بسبب الصراع، وانخفضت معدلات التلقيح للأطفال إلى نحو 50-70٪ مقابل 99-100٪ ما قبل الحرب، بالإضافة إلى شحّ شديد في تأمين الغذاء، وصراع دائم من أجل الحصول على المياه والكهرباء.
وتفتقر منظمات الإغاثة للأموال لدعم 13.5 مليون شخص في حاجة إلى المعونة، بينما تواجه الكثير من التحديات، 4.6 مليون شخص في المناطق التي يصعب الوصول إليها، وقد رفض النظام السوري مكرراً السماح للمنظمات غير الحكومية بتوزيع المساعدات في تلك المناطق.
اقتصاد مدمّر
لقد تقلّص الاقتصاد بنسبة 57 % وذلك منذ عام 2010، حيث تتركز خسائر الناتج على تدمير البنية التحتية المادية في قطاع النفط والتصنيع والنقل والبناء، كما انخفض إنتاج النفط الخام في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى 9.000 برميل يومياً في عام 2014، على ما كان عليه عام 2010، 386.000 برميل يومياً، حيث تقلص الناتج المحلي الإجمالي للنفط بنسبة 98٪.
لقد شكّل الإنتاج الزراعي خمس الاقتصاد السوري قبل الصراع، ومنذ ذلك الحين أصيب بخسائر كبيرة، حيث أصبحت بعض المناطق الأكثر خصوبة مثل محافظة حلب والرقة، واللتان تمثلان نصف إنتاج سوريا الزراعي السوري خارج سيطرة النظام، بينما تقلّص إنتاج القمح بنسبة 20٪ مما كان عليه في عام 2010، كما انخفض الإنتاج الحيواني بنسبة 30٪ من الأبقار، و 40٪ من الأغنام والماعز، و 50٪ من الدواجن، حيث كانت الثروة الحيوانية سابقاً تمثّل 30٪ من قوة العمل الريفية، في حين كانت الأغنام والماعز والدجاج من الموارد التصديرية الهامة.
كما تضرر القطاع الصناعي بشدة، بسبب نقص المواد الأولية، وفقدان إمكانية الحصول على التمويل التجاري، وبشكل أساسي بتدمير البنية التحتية، حيث تقع العديد من مراكز التصنيع في سوريا في كل من حلب العاصمة الصناعية والاقتصادية، وحمص وضواحي دمشق، وهي بعض المناطق الأكثر تضرراً من الحرب، بينما نقل الكثير من رجال الأعمال السوريين أعمالهم إلى تركيا، حيث أن 26٪ من الشركات الجديدة المسجلة في تركيا هي سورية.
في القطاع الخارجي، أدّى الصراع وحظر التجارة الدولية إلى عجز في الحساب الجاري لعام 2015 بنسبة 13٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ليشكل نسبة 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010،  ومعظم هذا التدهور أتى نتيجة لانهيار صادرات النفط ومجال السياحة، حيث انخفضت الصادرات بنسبة 70٪ ما بين عامي 2010-2015 وذلك بسبب الحظر الدولي، كما تقلّصت الواردات بنسبة 40٪ تقريباً.
ويعتقد صندوق النقد الدولي بأن هنالك هروباً كبيراً لرؤوس الأموال الكبرى في حين كانت تدفقات رأس المال محدودة، مما يعني أن سوريا لم تعد تتلقى سوى شيء قليل لا يذكر من التدفقات المالية ورأس المال الخاص، بالإضافة لانعدام الاستثمارات، كما أن سوريا لم تعد تستطيع سداد ديونها، ولم يعد يسمح لها بإعادة أي من الأرباح، في حين أن المساعدة المالية المفترضة تأتي فقط عن طريق خطوط ائتمان من الحكومة الإيرانية.
وأخيراً، فقد قُدّر انخفاض الاحتياطيات الدولية إلى نحو 1 بليون $ في نهاية عام 2015، بينما انخفض سعر الصرف بشكل حاد أيضا، بعد أن فقدت الليرة نحو 85٪ من قيمتها مقابل الدولار.
النظام الضريبي المبعثر
يقدر ارتفاع العجز المالي بأكثر من 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، في مقابل 8٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010، وبينما يقوم الائتمان الإيراني بتمويل جزء من الدين السوري، يتم تغطية ما تبقى على الصعيد الداخلي من قبل البنك المركزي والبنوك التجارية، وكان الدين العام يتجاوز 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2015، مقابل 31٪ من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2009.
إن العملات الأجنبية ونقص المواد الخام، أجبر القوات الحكومية على خفض الإعانات من القمح والخبز والسكر والوقود والمياه والكهرباء، كما اضطر النظام السوري للاستعانة بمصادر خارجية لمعظم الخدمات الضرورية، والتوصل إلى اتفاقات مع تنظيم "الدولة" والأكراد لشراء النفط الخام، والغاز لضمان إمداد المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
إن القطاع المالي في حالة من الفوضى، فقد عزلت المصارف السورية إلى حد كبير عن السوق الدولية، وأغلقت ثلاثة أرباع السوق المصرفية لتصبح بعيدة عن أنظمة الدفع والتسوية الدولية، كنتيجة للعقوبات الدولية، بينما جمدت أغلبية الأصول الأجنبية، وأصبحت القروض غير المنتظمة مشكلة كبيرة، خصوصاً بعد أن ارتفعت إلى 35٪ بحلول سبتمبر عام 2013، في مقابل 4٪ فقط في عام 2010.
كيف من الممكن إعادة ترميم الاقتصاد؟
إن إعادة بناء البنية التحتية المادية يكلف ما يقدر ب 100 مليار إلى 200 مليار $، بالإضافة أن على سوريا محاولة التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية، بالنظر لأوقات الانتعاش في لبنان والكويت بعد الصراعات التي وقعت فيها، وباعتبارها مرجعاً، ويمكن تقريباً تقدير إذا ما استقرت سوريا في عام 2018، فإن الأمر قد يستغرقها 20 سنة لعودة اقتصادها إلى مستويات الناتج المحلي الإجمالي ما قبل الصراع، ومع ذلك وبالنظر إلى المستوى غير المسبوق من الدمار، يمكن أن يستغرق وقتا أطول من ذلك.
يجب القيام بإصلاحات اقتصادية تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وذلك بعد أن تتم استعادة الأمن وإعادة الإعمار، كما ينبغي النظر في تقديم خطط اقتصادية بعيدة المدى، كتطوير القطاعات غير النفطية والحفاظ على الديمومة المالية بتوفير الحماية الاجتماعية للشباب العاطلين عن العمل، وتنمية القطاع الخاص بكونه أمراً بالغ الأهمية، وهنالك أيضا الموارد البيئية والطبيعية، وبخاصة ذات الصلة بإمدادات المياه والصرف الصحي.
يجب على سوريا النظر في الكيفية التي سوف تتعامل بها مع الفوارق الإقليمية التي ستكون فيها عندما ستبدأ في عملية إعادة الإعمار، وذلك لتجنب تكرار حالة عدم الاستقرار، كما أن من الضروري للسياسة المالية والإدارية أن تكون فعالة ونزيهة وشفافة، وما أن تبدأ بالقيام بالإصلاحات الاقتصادية، يجب عليها أن تعي كاملاً تلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية الغادرة التي كانت أحد أسباب بدء الصراع في البلاد.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//