كيف خان "أوباما" حلم السوريين في نيل حريتهم؟ - It's Over 9000!

كيف خان "أوباما" حلم السوريين في نيل حريتهم؟

Middle East Briefing  - (ترجمة بلدي نيوز)
يعلم العالم أجمع عن الشراكة المقترحة الآن بين إدارة أوباما وحكومة الرئيس فلاديمير بوتين حول "تعميق التعاون العسكري بين البلدين ضد بعض الإرهابيين في مقابل تطبيق الضغط الروسي على نظام الأسد لوقف قصف قوات الثوار المدعومين من قبل الولايات المتحدة"، وذلك كما صاغته صحيفة واشنطن بوست في يوم 30 من يونيو/حزيران.
إن جوهر تلك الصفقة يسعى إلى رفع التعاون ما بين الولايات المتحدة وروسيا "إلى مستوى لم يسبق له مثيل"، "وفي المقابل، فإن الروس سيقومون بالضغط على نظام الأسد لوقف قصف بعض الجماعات السورية الثورية، والتي لا تعتبرها الولايات المتحدة جماعات إرهابية، كما ذكرت الصحيفة بأن الولايات المتحدة لن تمنح روسيا المواقع الدقيقة لهذه الجماعات وفقاً للمقترح، ولكنها ستقوم بتحديد المناطق الجغرافية التي من شأنها أن تكون بمأمن من هجمات نظام الأسد الجوية".

دعونا نرى أولاً كيف يرى دعاة الصفقة هذا الاتفاق، والترويج لتأثيره:
من شأن الدعاة النموذجيين لهذه الصفقة أن يقولوا ما يلي:

تريد الولايات المتحدة أن يقوم الأسد باحترام اتفاق وقف إطلاق النار، كما تسعى للقضاء على تهديد تنظيم القاعدة، في حين أن حل الأزمة السورية قد يتطلب وقتاً، لذلك وفي الوقت الحاضر دعونا نركّز على الحد من العنف ومواجهة الإرهاب الجهادي بالتنسيق مع كل الذين يشاركوننا هذه الأهداف، وعلاوة على ذلك، من أجل تقديم حل سياسي للتحرك نحو الأمام، يجب علينا ضمان التعاون الروسي.
لكن في كل هذه التأكيدات، نجد إشارات واضحة جداً من انتقال الإدارة الامريكية من فشل إلى آخر، وحتى استعدادها لربط الإدارة المقبلة بهذا الفشل الذريع.

إن طبيعة أي اتفاق يعكس الوزن النسبي للموقعين عليه، إذ يظهر من خلال مظهر وصياغة الاتفاق أي نوع من النفوذ يملك كل من الأطراف، في صفقات سابقة، حول ترتيبات وقف إطلاق النار، فوفقاً لمسؤولين أمريكيين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، فقد انتهك كل من الروس والأسد التزاماتهم بعدم قصف مقاتلي المعارضة المدعومين من قبل الولايات المتحدة والمصنّفين بكونهم غير إرهابيين، مراراً وتكرارا وبشكل شبه منتظم.
هل ينبغي علينا الآن أن نسأل عن الذي قد تغيّر فجأة ليرغم موسكو والأسد على احترام أي اتفاق جديد؟ كيف يمكن للرئيس أوباما ومعاونيه أن يكونوا على يقين تام من أن بوتين والأسد لن يقوموا باستخدام أي اتفاق جديد، كما فعلوا مع سابقاته، في خدمة أجنداتهم الخاصة، وليس تلك المشتركة مع الولايات المتحدة؟

علاوة على ذلك، دعونا نفترض بأن الروس والنظام السوري سيقومان بانتهاك الاتفاق الجديد، فما الذي ستفعله الإدارة الأمريكية حينها؟ حسناً، لم يقم الرئيس أوباما بفعل أي شيء عندما انتهكا كلاهما اتفاق وقف الأعمال العدائية، أينبغي علينا أن نفترض حينها بأن الهدف الحقيقي للصفقة يتجاوز كل هذه التوقعات الساذجة، وأن كل منهما سيحترم الاتفاق في هذه المرة؟
إن الرئيس أوباما يقنع خلفه في البقاء ضمن دائرة الفشل الاستراتيجي الذي كان قد فرضه أوباما على سياسات واشنطن في الشرق الأوسط منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي، وليس ذلك فحسب، إذ أن أوباما بسياساته يساعد الأسد على مواصلة سياساته الدموية والقمعية، متخلّياً بذلك عن تعزيز القيم الأميركية تحت ذريعة الدفاع عنها، مقدّماً في نفس الوقت يد العون للعبة خطة بوتين العالمية، وفيما يلي نرى الطريقة الممارسة:
- لطالما أراد الأسد دائماً تحويل الصراع إلى صورة بالأبيض والأسود، حيث تقوم قواته فيها بقتال الأشرار (الارهابيين من تنظيم "الدولة" وجبهة النصرة)، لقد قاتلت جبهة النصرة تنظيم "الدولة" بشراسة ولأكثر من عام ونصف مضى، في حين ضغطت بعض الدول العربية على الجبهة لعدم ارتكاب أو شنّ أي عمل قتالي خارج الأراضي السورية، وبالفعل فإن جبهة النصرة لم تقم بفعل ذلك.

تعمل جبهة النصرة عن كثب مع المجموعات غير الإرهابية ضد النظام الأسدي وضد تنظيم "الدولة" في وقت واحد، في حين أن استخدام سلاح الجو لقصفها من دون ضرب المنظمات المصنّفة بأنها غير إرهابية، هو أمر شبه مستحيل.

دعونا نتخيل الآن مقاتلاً من المعارضة السورية النموذجية، والذي يكره التطرف الديني والتشدد، ولكنه وبنفسه مسلم معتدل، ويحلم ببلد خال من القهر والظلم والخوف، بينما يجد مقاتلي جبهة النصرة وهم يقومون بمساعدته في معركته ضد الأسد، وهو يرى الطائرات الأمريكية تقوم بقصف جماعته، وجبهة النصرة على حد سواء، فماذا يتوقع أحد من هذا المقاتل الذي هو النوع الأكثر شيوعاً في صفوف الثوار السوريين الآن، ماذا نتوقع منه أن يقوم بفعله؟ محاربة جبهة النصرة؟ أم مقاتلة الأمريكان؟

لقد حوّل الرئيس أوباما، بين ليلة وضحاها الولايات المتحدة، لتصبح عدواً للشعب السوري وحلمه في الحرية، وعلاوة على ذلك، فإن نتيجة هذا التراجع المخزي لن يكون سوى المزيد من الإخفاق، والسبب في ذلك هو عدم وجود سلاح للجو يمكنه تسوية هذه النزاعات بمفرده، لم يكن من الممكن لتنظيم "الدولة" إجبار المعارضة السورية على التراجع دون مقاومة طويلة، لتتوسع في السنوات الثلاث الماضية، لقد قتل تنظيم "الدولة" من مقاتلي المعارضة أضعاف مما قتل من جنود الأسد، وبالإضافة إلى المعركة الطويلة من قبل المعارضة السورية للحد من توسع التنظيم، فقد كانت الغارات الجوية فقط عاملاً ثانوياً، ولكن مهمً في إيقاف تنظيم "الدولة".
إن الاتفاق الجديد والذي ليس بجديد تماماً كما جعلت منه الواشنطن بوست يبدو، سيؤدي بالتأكيد إلى تشويش إضافي للخطوط الفاصلة ما بين جبهة النصرة وبقية قوى المعارضة السورية، إن هذا في الواقع يقدم خدمة مثلى لجبهة النصرة، وبالمجّان!

كيف يمكن لذلك أن يقوم بالتقليل من الخسائر في صفوف المدنيين؟ كيف يمكن للطائرات معرفة الفرق والاختلاف، لنقل في حلب وإدلب، بين المدنيين، وجبهة النصرة، وقوى الجيش السوري الحر أو أي مجموعة أخرى غير إرهابية؟ وهل فكّر استراتيجيو واشنطن بالطريقة التي سينظر فيها المدنيون الآن والجماعات المعارضة الأخرى نحو أولئك المتواجدين في البيت الأبيض والذين يتعاونون مع قَتَلَتِهِم في الكرملين، وبشكل غير مباشر مع الأسد بنفسه؟ من خلال إعادة تموضع الولايات المتحدة كعضو في التحالف الذي يقوده بوتين في سوريا.

لقد عَبَرَ الرئيس أوباما جميع خطوط الإذلال الذاتي، معيداً بذلك رسم الخريطة في سوريا ودور الولايات المتحدة فيها، أكلّ هذا يقع تحت ذريعة محاربة القاعدة؟ إن هذه الذريعة الغير مقبولة تخفي فوضى عارمة في دوائر صنع السياسة في واشنطن، أليست كل هذه الإخفاقات كافية؟
علاوة على ذلك، فإن بوتين الآن والذي يجب أن يطلق عليه اسم "المقرّر العام للجيش"، أجبر الولايات المتحدة على الاعتراف بفعالية بأنها تخضع للعبته التي وضعها: جميع جماعات المعارضة هم إرهابيون ويجب أن يبقى الأسد.

لربما ستقوم الطائرات الأمريكية باستهداف جبهة النصرة، وهو ما يعني بأن الآخرين سيتضررون كذلك، وبالنظر لذلك سنكون في مواجهة المعارضة السورية والتي ستتحول حينها إلى سيل كبير من الغضب والسخط ضد جميع الحلفاء الأربعة: روسيا، الولايات المتحدة، الأسد، وإيران.
إن النهج الصحيح قد يكون معقداً بعض الشيء على أمثال بن رودس ليقوموا باستيعابه، إذ يجب على الولايات المتحدة إنشاء وتوسيع "المنطقة الوسطى"، المنطقة التي لا يوجد فيها أي من جبهة النصرة أو تنظيم "الدولة" أو قوات الأسد، إن هذا النهج يتطلب الصبر، والرؤية الاستراتيجية، والخطوات المحسوبة، بدلاً من ذلك، شهدنا سلسلة من الأخطاء التي بلغت ذروتها في خطوة من المؤكد أن توسع من نطاق التطرف.

لا يمكننا أن نكون الآن على يقين من أن الانقسامات في الهيكل العام للمعارضة السورية ستبقى قابلة للقراءة أو واضحة لفترة أطول، فلقد اتخذ أوباما خطوة نهائية لإجبار جميع أجزاء المعارضة على الوقوف معاً، بغضّ النظر عن اختلافاتهم حول الإرهاب أو التطرف.
لقد أهدر أوباما سابقاً فرصته في 2012-2013، والآن فإن الشعب السوري هو من سيدفع ثمن محاولة الرئيس للحد من أخطائه من خلال ارتكابه للمزيد من الأخطاء، وتخفيض خسائره من خلال إرساء الأرضية للمزيد من الخسائر، فقط السياسيون واستراتيجيو الدعامة الإدارية هم من يقومون بإصلاح أخطائهم بعدم الاعتراف بها، وذلك لأنهم يفتقرون للأخلاقيات أو للفكر العميق، وبذلك يقومون بمضاعفة انحدارهم، لحماية "أناهم" وصورتهم الشعبية.
لقد انتقلت الولايات المتحدة رسميا إلى معسكر صاحب القرار العام للقوات المسلحة، وأحد أسوأ طغاة العصر الحديث: الديكتاتور بشار الأسد.
إن التحالف الرباعي، الولايات المتحدة، روسيا، الأسد، وإيران، سينهار خاسراً بشكل فادح في سوريا، ليس لدينا أي شك حول هذا الموضوع، كما ليس هنالك من شكّ في أنّ سنوات أوباما ستظهر لاحقاً بكونها الخيانة العظمى لقضية الحرية في سوريا، حيث يتم معاقبة الناس بأبطش الأشكال، لأنهم ثاروا بشكل سلمي ضد دكتاتور دموي، والذين انتهى بهم المطاف قتلى على أيدي كل من نظام دولتهم، الروس والإيرانيون، والآن رئيس الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

"التحقيق الدولية": سوريا مسرح لحروب متداخلة بالوكالة

الإعلام العبري يكشف هوي منفذالغارات على دير الزور

ما الأسباب.. شركات دولية ترفض التعامل مع معامل الأدوية السورية

الشرق الأوسط: إعادة اللاجئين السوريين يجمع ما فرقته السياسة في لبنان

رأس النظام يتسلّم دعوة للمشاركة بالقمة العربية في البحرين

أمريكا تفرض عقوبات على كيانات وأفراد يدعمون الأسد