بلدي نيوز
تناولت صحيفة "عكاظ "السعودية إمكانية استمرار نظام بشار الأسد بحكم سوريا، في مقال خلُص إلى أنه لا يمكن أن يحدث ذلك النظام لأن العالم لن يقبل ببقائه.
وأضافت "هناك من يقول أن النظام بعد 10 سنوات من الحرب يتصرف وكأن شيئا لم يكن وهو يمارس كل صلاحياته ونفوذه ويسيطر أمنيا وسياسيا واقتصاديا على كل مفاصل الحياة في مناطقه خصوصا في دمشق"، معتبرة أن "هذا صحيح، إذ إن النظام طالما كان منفصلا عن الواقع ولو لم يكن منفصلا عن الواقع لما بقي بعقلية وبسلوك ما قبل الحرب، زد على ذلك أن هذا ليس مصدر قوة في الأنظمة الديكتاتورية، فالراحل صدام حسين خرج في وسط بغداد ومن حوله آلاف المؤيدين والمصفقين وبعد يومين سقطت العاصمة".
ولفتت أن "المسألة مع النظام السوري أعقد بكثير في الوقت الحالي، فهذا النظام الذي يمكن أن نسميه نظام (الأذى الإقليمي) يعيش على حالة البلطجة الأمنية وعلى تناقضات المصالح الإقليمية والدولية والقلق من الفراغ الأمني ولعل هذه الورقة الرابحة لدى النظام".
وتابعت "في ظل ضعف تدبير المعارضة ووجود مناطق هشة من حيث الحوكمة والأمن، وبالتالي يستعين بالمنظومة الأمنية لإظهار سيطرته وهدوء المناطق التي يسيطر عليها، لكن هذا ليس على أساس الدولة الآمنة ولكن على أساس الدولة البوليسية المهددة التي كانت قبل اندلاع الثورة".
وشددت على "أن عودة الهدوء إلى سوريا لا تعني على الإطلاق أن الأسد هو الخيار الصحيح، وأن يكون وجوده أمرا واقعا، فالنظام يعرف أنه في قمة العجر وأن سوريا فقدت وزنها الاستراتيجي والجيوسياسي على المستوى الإقليمي في ظل الوجود الروسي والإيراني في قلب منظومة الحكم".
واعتبرت أن "بيئة الهدوء والاستقرار الإقليمي أكبر عدو لنظام الأسد الذي عاش منذ عام 1970 على الاضطرابات والصراعات الداخلية والإقليمية"، مشيرة في الصدد إلى أن النظام دخل "عام 1973 في حرب مع إسرائيل منحته رصيدا شعبيا وعربيا، وفي عام 1976 جاءت الحرب الأهلية اللبنانية لتعيد دور الأسد الإقليمي كحارس لحدود إسرائيل وأخرج منظمة التحرير من لبنان، ومطلع الثمانينيات أنقذت حركة الإخوان المسلحة نظام حافظ الأسد من ثورة شعبية عندما اختارت خيار التسليح الذي انتصر فيه الأسد وأجهزته الأمنية، وبعد اتفاق الطائف عام 1989 انتهى دور النظام الوظيفي، لكن حرب صدام حسين على الكويت أعادت إحياء نظام الأسد فشارك التحالف الدولي ضد الجيش العراقي، ومع تعثر الجيش الأمريكي في العراق انتعش النظام السوري وأصبح بمأمن عن غزو الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، إلى أن مات حافظ الأسد في عام 2000، وورث بشار لعبة العيش في ظل الاضطرابات".
وقالت إن موجة الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة، أنهت الأسد كليا كنظام سياسي دولي قادر على القيام بوظائفه الإقليمية والدولية، وأصبح "صفراً مكعباً" في ميزان الوظائف الإقليمية، لكنه في الوقت ذاته ما يزال قادرا على الأذى، ولعل التفاهمات الإقليمية وعودة العلاقات إلى الدول الإقليمية تجعل من هذا النظام منبوذا إلى حد كبير بعد أن صدر أزماته إلى كل المحيط، وحتى الدول التي تدافع عنه ليس من باب القناعة ولكنها من باب سد الذرائع وعدم خلق فجوة أمنية في الشرق الأوسط في دولة استراتيجية مثل سوريا".
وخلصت أنه "ليس من منطق التاريخ أن يتم تعويم الأسد، ربما إعادة تأهيله للحفاظ على ما تبقى من الدولة، لكن هذا لن يكون إلى زمن غير معلوم، فالنظام الذي تسبب في كل هذه المأساة لن تقبل به أقصى دول الأرض، فالعالم لم يعد يحتمل كلفة بقاء الأسد، لكن لا بد من عملية طويلة الأمد قد تحتاج إلى عامين بعدها لن يكون للنظام وأجهزته الأمنية بشكلها الحالي مكان في المنطقة".
وختمت بالقول "إن هناك حاجة مؤقتة للنظام السوري في ظل هشاشة المنطقة أمنيا وعدم الرغبة في تحويل سوريا إلى عراق آخر، لكن هذه الحاجة تنتفي في أية لحظة يتم فيها التوافق الإقليمي على تأسيس علاقات إقليمية جديدة تخدم الأمن والاستقرار، فهذا النظام أصبح جزءاً من زعزعة السلم ويتخذ من السوريين رهينة على أرضهم".