بلدي نيوز – (ريما محمد)
بالرغم من تتالي الهدن وتتابع إعلانات تمديدها من قبل نظام الأسد، فإن عداد الشهداء في سورية لم يتوقف، كما أن أزيز الرصاص وصوت المدافع والصواريخ ما زال يسمع في كل مكان حتى وسط العاصمة دمشق، وما زالت الطائرات الحربية الروسية والسورية تحلق في السماء من حلب إلى درعا.
صنّاع الهدن
عادة ما تخرج "الهدن" من قاعدة حميميم العسكرية بطرطوس، بناء على توافق روسي أميركي أو بدعوة أممية، لكن النظام السوري وبقرار من "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة" التابعة له أعلن وللمرة الأولى عن الهدنة التي امتدت طوال أيام عيد الفطر وتم تمديدها 3 أيام أخر اعتباراً من 9/7 ولغاية نهاية 12/7، وكان النصف الأول من 2016 قد شهد العديد إعلانات هدن كان أبرزها التهدئة التي أتت بموافقة روسية أميركية تحت عنوان "إيقاف الأعمال العدائية" شباط الماضي، بينما شمل عام 2011 هدنتين وعام 2014 هدنتين أيضاّ وثلاث هدن في عام 2015.
الهدنة التي أعلنها النظام شملت جميع الأراضي السورية خلافاً للهدن السابقة التي كانت تقتصر على مناطق بعينها، ويرى محللون بأن النظام وبتوجيهات روسية أراد أن يظهر نفسه بمظهر المالك للقرار السيادي.
ما وراء الهدن
سجلت مجزرتان في مدينة إدلب وعدة جرائم حرب في أغلب المناطق السورية خلال مدة التهدئة المزعومة خلال عيد الفطر، مما دفع الكثيرين إلى تسمية التهدئة بـ "الهدن المصطنعة".
كما تمكن النظام من قطع طريق الكاستيلو - الشريان الوحيد لمدينة حلب - وجعله بالكامل تحت مرمى نيرانه، ويخشى الثوار من أن تكون الهدن التي يتبناها النظام والدول المساندة له غطاء لتمرير التفاهمات الدولية؛ خاصة ما يساعد على تكوين ما يسمى بـ"سورية المفيدة" عبر استراتيجية "الهندسة البشرية" التي تقوم على التغيير الديمغرافي للمناطق.
ويرى الخبير الاستراتيجي اللواء مأمون أبو نوار أن التقارب الروسي الأميركي التركي ناتج عن المحاصصة التي نالت بموجبها تركيا القدرة على بناء "منطقة آمنة" في الشمال السوري، وقطع الطريق على بناء دولة كردية متصلة.
محاصصات دولية بغطاء الهدن
توصلت الدول الساعية للحفاظ على سير الملف السوري لمحاصصات تطلق يدها في المناطق "التي خصصت لها" مقابل غض البصر عن أعمال نظرائها في مناطق "حصصهم"، حيث سعت روسيا إلى القضاء على بعض الفصائل السورية التي تصنفها كـ"إرهابية" مثل جبهة النصرة؛ عبر ضربات محددة ومدروسة إلى توجيه ضربات قاصمة لها، ومن المتوقع أن تستخدم روسيا مروحيات طراز "كي-52" تنطلق من حاملة الطائرات "أدميرال" الموجودة قبالة طرطوس.
بالمقابل تم إطلاق يد الثوار في ريف اللاذقية لإيجاد منطقة آمنة تضمن عودة اللاجئين من المخيمات لتخفيف عبء اللاجئين السوريين على الدولة التركية.
في الجنوب السوري "مناطق القنيطرة المحررة" غاب الطيران الحربي، كما خيم الهدوء النسبي على المنطقة، تزامناً مع دخول شحنتي مساعدات "إنسانية" إسرائيلية للبلدات والقرى التي يسكنها نازحو ريف دمشق ودرعا والقنيطرة، كما أن الطيران الإسرائيلي لم يغب عن الأجواء، وقصف طيرانه الحربي موقعاً على أطراف مدينة البعث "خزان نظام الأسد البشري في الجنوب الغربي".
وبحسب متابعين للشأن السوري فإن الهدن لم تكن يوماً ما تصب في مصلحة الشعب السوري، وما يخشاه السوريون هو أن يكونوا رهانات لمصالح دولية تسري عبر هدن لم تعصم دماءهم وأبناءهم من جحيم مخططات الأسد.