بلدي نيوز – حلب (زياد الحلبي)
انسحبت فصائل الثوار، مساء أمس السبت، من النقاط التي سيطرت عليها في منطقة الملاح شمالي مدينة حلب المحاذية لمعبر الكاستيلو الذي يعتبر الطريق البري الوحيد للأحياء المحررة بمدينة حلب، وذلك بعد ساعات من إعلان التحرير، دون ذكر أسباب مقنعة لعملية الانسحاب، مبررين ذلك بحدوث بعض الأمور العسكرية التي أجبرت الفصائل العسكرية الثورية على الانسحاب والتي لا يمكن الإفصاح عنها في الوقت الراهن، حسب تصريحات البعض.
وكان الثوار شنوا هجوماً واسعاً على المواقع التي تتمركز فيها قوات النظام والميليشيات الأفغانية والعراقية في منطقة الملاح، حيث بدأ الهجوم بتفجير عربتين مفخختين من قبل جبهة النصرة، استهدفتا النقاط المتقدمة لقوات النظام على أطراف الملاح، تلاه هجوماً واسعاً من عدة محاور، استعادوا خلاله السيطرة على عدة نقاط استراتيجية في المنطقة أبرزها التلة الجنوبية المحاذية لمسجد الملاح، الأمر الذي أجبر قوات النظام والميليشيات الشيعية على التراجع أمام ضربات الثوار باتجاه منطقة عرب سلوم جنوب منطقة الملاح.
وبسيطرة الثوار على التلة الجنوبية باتت عملية التقدم في الملاح كبيرة لصالح الثوار بعد كسر الخطوط الدفاعية الأولى التي عملت قوات النظام على تحصينها، رامية من ذلك قطع طريق الكاستيلو من خلال سيطرتها على التلال المطلة عليه من جهة الملاح ورصده نارياً عبر مدافع رشاشاتها ودباباتها، إلا أن أمراً ما جعل الثوار يوقفون التقدم لتعاود قوات النظام الالتفاف على الثوار واستعادة ما سيطروا عليه من نقاط بشكل مفاجئ.
وفي حديث لبلدي نيوز مع المقدم الطيار ياسر حميدي قائد لواء جنود الرحمن حول مجريات المعركة والأسباب التي أجبرت الثوار على التراجع رغم تقدمهم الكبير في بداية المعركة، قال حميدي "بدأت معركة كسر الحصار عن مدينة حلب مساء أمس، بتجهيزات عسكرية ضخمة من عدة وعتاد وبمشاركة جميع الفصائل الثورية في مدينة حلب، حيث بدأ التمهيد بالأسلحة الثقيلة وقذائف الهاون منذ الصباح الباكر، وبعدها استهدفت جبهة النصرة مواقع الميليشيات داخل منطقة الملاح بمفخختين قتل فيهما ما يقارب 80 عنصرا من الميليشيات وجرح العشرات، حيث بدأت الخطوط الدفاعية الأولى لقوات النظام تتهاوى واحدة تلو الأخرى".
وتابع المقدم حميدي "مع الساعات الأولى استطاع الثوار السيطرة على الجزء الجنوبي من منطقة الملاح بشكل كامل مع كتلة الجامع التي كانت ترصد طريق الكاستيلو نارياً وتمنع دخول وخروج المدنيين وتستهدفهم بالصواريخ الحرارية، قبل أن يبدأ النظام بتصعيد قصفه وبشكل عنيف على النقاط التي تمت السيطرة عليها، وحدثت أمورا عسكرية لا يمكن التصريح بها، أجبرت الفصائل الثورية على اخذ القرار بعملية الانسحاب من جميع النقاط المحررة، لمنع سقوط شهداء من المقاتلين، وحتى لا يظفر النظام بنصر يفرح به قواته المتهاوية، وحتى لا تقع القوات المهاجمة في كمائن يمكن للميليشيات أن تكون قد جهزتها للإيقاع بالمقاتلين فكان قرار الانسحاب هو الخيار الأمثل".
وأجاب حميدي عن سؤالنا عما إذا كانت معركة كسر الحصار سارية أو أنها انتهت، بالقول "بالطبع ما تزال التحضيرات العسكرية كما هي وما زالت الهمم مرفوعة والمقاتلين متشوقون للقاء أخر مع الميليشيات، وستشهد الأيام القادمة انتصارات على عدة جبهات في حلب وليست فقط على جبهة الملاح".
ونفى حميدي الأنباء التي تتحدث عن تمكن قوات النظام من الوصول لطريق الكاستيلو وقطع الطريق بشكل كامل عن حلب، موضحاً أن قوات النظام تسيطر نارياً على الطريق فقط، ولم تتمكن حتى الساعة من الوصول إليه، وأن الثوار هم من يقطعون الطريق الآن لتجنيب المدنيين مخاطر القصف والاستهداف المباشر من قبل قناصة ومدافع قوات الأسد المتمركزة في التلال المطلة عليه.
بدوره، قال "أبو أسامة" قائد مجموعة في الفوج الأول "حاولت قوات النظام إشغال جبهات الثوار لتخفيف الضغط عن قواتها التي تتلقى الضربات في منطقة الملاح، فقد هاجمت قوات النظام مناطق الشقيف وبني زيد والخالدية، واستطاعت السيطرة على عدة نقاط، اضطر الثوار للانشغال معهم على تلك الجبهات واستعادة ما سيطرت عليه قوات النظام، ومع هجومه شمال حلب ومحاولته السيطرة على طريق الكاستيلو يحاول جاهداً إشغال الثوار على عدة جبهات في حلب لتخفيف الضغط قدر المستطاع عن قواته المهاجمة في منطقة الملاح، وعزل الثوار في مدينة حلب وإشغالهم في جبهات المدينة، وعزل ثوار الريف وإشغالهم بمعارك عدة شمال وجنوب حلب".
ويعتبر طريق الكاستيو المنفذ البري الوحيد الذي يصل الأحياء المحررة في الأجزاء الشرقية من مدينة حلب والبالغ عددها 34 حياً بمدن وبلدات ريف حلب الشمالي، وشهدت جبهاته معارك عنيفة طوال الأشهر الماضية، في محاولة من قبل "ميليشيا الوحدات الكردية" المتمركزة في حي الشيخ مقصود من السيطرة عليه، إلا أنها فشلت في جميع محاولاتها رغم مساندة الطيران الروسي لها جواً وتقديم الدعم المدفعي والصاروخي والذخيرة من قبل قوات النظام، لتعاود قوات النظام تولي المهمة بمساندة الميليشيات الإيرانية، وتبدأ مرحلة القصف العنيف على الريف الشمالي وطريق الكاستيلو والأحياء المحررة، ثم التقدم في مزارع الملاح الجنوبية وحي بني زيد تمكنت خلالها من السيطرة النارية على الطريق وسط معارك عنيفة مازالت مستمرة لمنع هذا التقدم.