"الجنسية التركية للسوريين" رداً على تسريبات "خيار وفقّوس" - It's Over 9000!

"الجنسية التركية للسوريين" رداً على تسريبات "خيار وفقّوس"

بلدي نيوز – (ياسر الأطرش)
شغلت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول إمكانية منح الجنسية التركية لبعض السوريين في تركيا، والتي عززها تصريح توضيحي لرئيس الحكومة بن علي يلدريم، ومن ثم تأكيد من الرئيس نفسه صباح عيد الفطر، شغلت الشارعين التركي والسوري، وما زالت تتصدر الجدالات والمشهد بين رافض ومؤيد ومستفسر ومترقب.
فبينما تستعد أحزاب تركية معارضة لإطلاق مظاهرات احتجاجية على القرار، وفق مصادر صحفية، رأى معارضون سوريون بارزون، مثل برهان غليون والعميد أسعد الزعبي، الخطوة المحتملة خطراً على المكون العربي والسنيّ، وتفريغاً للبلاد منهما، ما يشكل دعماً غير مقصود للأقليات الانفصالية، كما عزاها محللون أتراك وعرب إلى شؤون تتصل بالحسابات الانتخابية والاقتصادية، وربطها البعض بملف المصالحات التركية الأخيرة والعودة إلى "تصفير" المشاكل.
ومع بدء عمل وزارة الداخلية على وضع اللوائح التنفيذية للقرار، تمهيداً لعرضه على البرلمان، كما صرح رئيسا الدولة والحكومة التركية، بدأت التسريبات الصحفية والشائعات تتصدر المشهد، وتتنبأ بما يمكن أن يكون عليه الوضع أو الشروط المحتملة للتجنيس.
تسريبات "خيار وفقوس"!
آخر التسريبات، جاء مفجعاً لكثيرين، إذ يفرّغ القرار من محتواه تماماً، ويترك معظم السوريين في مهب اليأس، ولا يبقى لهم إلا أن يذهبوا إلى "حضن الأسد" أو حتى إلى الجحيم!
فقد نقلت صحف ومواقع عربية عن صحيفة تركية قولها إن أنقرة قد تمنح 300 ألف لاجىء سوري من الميسورين وأصحاب الكفاءات، الجنسية التركية، لتشجيعهم على البقاء.
ونقلوا عن صحيفة "خبرترك" أن منح الجنسية التركية سيحصل تدريجياً، وأنه في المرحلة الأولى سيشمل ما بين 30 و40 ألف سوري، من أصل حوالي 2.7 مليون يعيشون في تركيا، بسبب الحرب في بلادهم، حتى يصل العدد إلى 300 ألف.
وبمحاكمة منطقية وقانونية، وبالرجوع إلى الموقف التركي من القضية السورية برمتها، يصعب جداً الوثوق بصحة هذه التسريبات أو معقوليتها، فالأمر هنا سيتعلق بانتقائية سيصعب جداً "تفصيل" قوانين وشروط تناسبها!
وبالرجوع إلى تعليقات الصحف العربية على ما نقلته عن الصحيفة التركية، فإن هؤلاء الـ 30 إلى 40 ألفاً الذين سيتم تجنيسهم في المرحلة الأولى، هم من أرباب الأعمال والمستثمرين وأصحاب الكفاءات (من دون توضيح ما هي هذه الكفاءات)، ومثل هذا العدد وضمن الشرائح المشار إليها، لم يكن ليحتاج أساساً لتصريح من رئيس الدولة أو رئيس الحكومة، فالقانون الحالي المعمول به في تركيا، يشير صراحة إلى إمكانية منح الجنسية بشكل استثنائي للمستثمرين ورجال الأعمال والمتميزين في المجالات الفنية والعلمية والرياضية والثقافية، الذين يمكن أن يساهموا في تقديم إضافة ونمو للدولة التركية.
ثم إن رئيس الحكومة التركية، بن علي يلدريم، قال حرفياً إن بلاده لن تمنح الجنسية التركية للسوريين الذين تورطوا في الإرهاب وفي فعاليات تُخلّ بالسلام والأمن التركيين، مضيفاً أنّه من الممكن منح الجنسية للأشخاص الذين يساهمون في نمو تركيا.
وبذلك يكون رئيس الحكومة قد حدد رسمياً الفئات التي لن تحصل على الجنسية، وهم المتورطون بالإرهاب والمخلون بأمن تركيا، أما عن تفسير جملة "الذين يساهمون في نمو تركيا"، فالعامل والفلاح والطالب وكل صاحب حرفة، بالتأكيد هم ممن يسهمون في نمو أوطانهم ونمو العالم أجمع.
ضد الأخلاق وحقوق الإنسان
أظهرت استطلاعات رأي أجرتها مؤسسات بحثية وجامعات تركية مسبقاً، أن نحو سبعين بالمئة من السوريين لن يعودوا إلى بلادهم حتى في حال انتهاء الحرب، وهذا قريب حقيقة من استطلاع رأي واقعي شاركتُ شخصيا في الإشراف عليه بمدينة أنطاكيا بإقليم هاتاي، حيث يقيم حوالي 400 ألف سوري، خلصت نتائجه إلى أن نحو سبعين بالمئة يرغبون بالبقاء في تركيا، في حين أن قرابة خمسين بالمئة منهم فقط يفكرون بالحصول على الجنسية التركية.
ومع إيماننا وإدراكنا لمنطقية عدم إمكانية منح الجنسية لجميع السوريين دفعة واحدة، إلا أن نسبة منهم لن ترغب في الحصول عليها لاعتبارات فكرية أو قومية أو شخصية، أما منعها عن الراغبين بها، والذين يحققون الشروط التي سيُعلن عنها، فسيكون مناقضا بشكل جذري للتعامل الأخلاقي والإنساني الذي حرصت تركيا على إظهاره في كل مناسبة تجاه السوريين، وكذلك سيكون مثلبة دينية عظمى، وهذا الأمر كذلك له أهميته الكبرى المعلنة صراحة من قبل الرئيس أردوغان شخصياً وفي مناسبات كثيرة، ولا يمكن بالتالي أن ينتهي الأمر باستقطاب الأغنياء وترك الفقراء يواجهون مصائرهم، التي ربما سيكون الموت أرحمها!
ولن يغيب عن صانعي السياسة التركية أن مثل هذا الأمر سيزيد انقسام السوريين ويغذي الأحقاد فيما بينهم، وينشئ مظلومية جديدة عند "المحرومين من التجنيس"، لا يضمن أحد كيف يمكن أن يتم التعبير عنها، مع فقدان كل أمل بحياة كريمة.
كما أن تسريبات "خيار وفقوس"، تضع تركيا في مواجهة لن تكون يسيرة أبداً مع منظمات حقوق الإنسان في العالم، فلا يمكن لأحد تبرير اختيار عدد قليل من الأغنياء والناجحين مقابل حرمان الكادحين وأبنائهم من الحقوق ذاتها، وهم الأولى بالرعاية والأكثر حاجة لها.
وتركيا تعي ذلك، وما هو أبعد وأعمق، وستتعامل مع الملف بذكاء وحكمة ومن منطلق المصلحة القومية، ولكن لن تغفل الجانب الأخلاقي والإنساني أبداً، وبالتالي فإنها ستكون "عادلة" في إدارة الملف، وأعتقد أن كلمة "عادلة" هي التعبير الأكثر دقة وواقعية.

مقالات ذات صلة

"تجمع أحرار جبل العرب": معركتنا مع النظام نكون أو لا نكون ومستعدون للمواجهة

تصريح أوربي يستهدف النظام بما يخص الحل السياسي في سوريا

نظام الأسد يناقش مع إيران عقد اتفاقيات تجارية وصناعية

"السورية لحقوق الإنسان" تكشف ما يفعله النظام بالمرحلين من لبنان

إطلاق خدمة الفيزا الإلكترونية .... واقع أم بالون إعلامي؟

كيف يواجه أهالي السويداء احتمالات تصعيد النظام العسكري عليهم؟