بلدي نيوز
أظهرت التصريحات الروسية والتركية، قبيل القمة الثنائية -التي سيستقبل فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي يوم 29 سبتمبر/أيلول الجاري- مدى اتساع الهوة في الملف السوري بين البلدين بصرف النظر عن الإطار العام الذي يؤكد على ضرورة التسوية السياسية للصراع وفق مسار أستانا، والتمسك بوحدة الأراضي السورية.
رسائل متبادلة
تتجلى رسائل التصعيد الروسي بشكل أوضح مع استمرار العدوان الجاري الذي تشنه روسيا ضد منطقة خفض التصعيد، حيث تستهدف الطائرات الحربية الروسية بشكل يومي محافظة إدلب، وبالأخص منطقة "جبل الزاوية"، إذ بلغ عدد الغارات الروسية على المنطقة منذ مطلع سبتمبر/أيلول الجاري إلى ما يقارب 200 غارة جوية.
هذا التصعيد غير المسبوق يحمل في مضمونه رسائل ضغط روسية قبل لقاء الرئيسين لفرض شروط تفاوضية بمنأى عن قرارات اتفاق موسكو في مارس/آذار 2020، لتكون أساسًا لتسوية سياسية تضمن بقاء روسيا كقوة احتلال في البلاد. والظهور كقوة دولية يصعب التغلب عليها عسكريًّا للتأثير في الموقف الإقليمي والدولي، وفرض الحل السياسي في سوريا وفقًا لوجهة نظرها.
في مقابل هذا المشهد وبينما تحافظ القوات التركية المنتشرة في إدلب ومحيطها على "عدم الرد"، صرح الرئيس أردوغان، في مؤتمر صحفي أمس الجمعة، إن "نظام الأسد يشكل تهديدا لتركيا من حدودها الجنوبية"، متوقعا أن يفعل بوتين "شيئا حيال ذلك". وأضاف بحسب "وكالة الأناضول": "أتوقع مقاربات مختلفة من السيد بوتين، أو بالأحرى روسيا، كشرط لتضامننا. نحن بحاجة إلى خوض هذا النضال معا في الجنوب"، أي الحدود السورية-التركية.
وكشف التصعيد العسكري أن "بوتين" ينتهج استراتيجية "الحرب الدبلوماسية"، أو استراتيجية "المفاوضات مع الضغط العسكري المتواصل مما يجبر الخصوم على قبول الشروط الروسية والاستسلام للقدر الروسي".
أما "أردوغان" المسكون بهاجس "الميليشيات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د"، شدد في تصريحاته الأخيرة على أهمية منطقة خفض التصعيد بالنسبة لبلاده، والحفاظ على أمن حدوده الجنوبية، كما أكدت أنقرة البقاء على تواجدها العسكري في منطقة خفض التصعيد، حيث عبرت في الآونة الأخيرة الحدود السورية عدة أرتال عسكرية تركية مزودة بالمعدّات الثقيلة والقوات اللازمة إلى قواعدها المنتشرة في إدلب، من أجل الرد على أيّ انتهاكات محتملة قد يقوم بها نظام الأسد بحسب تصريحات العسكريين الأتراك، إلى جانب دعم جهود المعارضة السورية في مواجهة الحملة العسكرية العنيفة في محافظة إدلب ومحيطها.
من سيعلن صافرة النهاية في إدلب؟
وانسياقاً مع هذا التوجه، تشير التوقعات أن نتائج اللقاء الثنائي المرتقب سيسعى إلى ترسيخ حدود اتفاق موسكو القائم، بصرف النظر عن الجلبة الإعلامية الروسية وتلك التابعة لنظام الأسد، التي تروج لاحتلال المنطقة، ولعل ما يبعث على هذا الاعتقاد، توجه بوتين لإطلاق تسوية "خادعة"، سيكون لها أثر تخديري بعد تبريد جبهات القتال مما يتيح للميليشيات الروسية مهاجمة هذه المناطق لاحقا، ومحاولة التوغل في ريف إدلب الجنوبي، لا سيما أن روسيا لا تفي بالتزاماتها وتعهداتها، لكن في الوقت نفسه سيحرص بوتين على "طمأنة" أردوغان فيما يتعلق بملف إدلب، فموسكو تدرك عجز الميليشيات التي تدعمها على المواجهة العسكرية ضد الجيش التركي في إدلب، فضلا عن العلاقات الثنائية بينهما وما يترتب على ذلك من خسارة استراتيجية لروسيا في حال أغضبت حليفها التركي. مما سيفرض على بوتين "ليونة" سياسية مشفوعة بهدنة جديدة خادعة قد تؤدي إلى توقف المعارك بشكلها الراهن، لكنها لن تكون نهاية للصراع. بل ستكون إدلب ميداناً للمساومات والتطورات الدراماتيكية بين موسكو وأنقرة إيذانا لتدخل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لإعلان صافرة النهاية بين أطراف الصراع.