بلدي نيوز- (تركي مصطفى)
مع كل لقاء بجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع رأس النظام بشار الأسد في موسكو يترافق ذلك مع حالة تصعيد جوي يقوم بها الروس وارتفاع خروقات قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية اتجاه منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب ومحيطها، ومع استئناف الروس تصعيدهم العسكري، المتمثل بازدياد عدد الغارات الروسية التي استهدفت منطقة إدلب منذ مطلع سبتمبر/أيلول الجاري حتى الآن بـ 129 غارة.
كان أعنفها، أمس الأربعاء، حيث تناوبت 4 مقاتلات روسية على قصف محيط قريتي الحمامة والزرزور قرب مدينة دركوش عند الحدود السورية مع تركيا في ريف إدلب الغربي، وشُوهد تحليق طائرة حربية روسية بالقرب من الحدود التركية وهي تنفذ غاراتها في منطقة تبعد عن الحدود أقل من 10 كيلو متر.
يعتقد بعض متابعي الأحداث أن هذا التصعيد المتواصل هو مقدمة لمعركة عسكرية لتحقيق مزيد من السيطرة على الأرض؛ كالاستيلاء على جبل الزاوية أو سهل الغاب، وذلك كما حدث بعد التصعيد الجوي الروسي أواخر عام 2019، التي شنتها قوات نظام الأسد وميليشيات إيران، حيث توغلتا في محافظة إدلب، مسنودتان بالطيران الروسي، واستولتا على طريق حلب-دمشق.
إدلب تدفع الثمن
التصعيد الجوي الروسي الجاري لن يتعدى، في أعلى مستوى له، مجموعة من الغارات الجوية ـ حتى وإن زادت في الآونة الأخيرة، غير أنه فعل لرد فعل، والأسوأ من ذلك أن نتائجها عكسية، لا سيما وأنها تخلف وراءها عشرات الضحايا من المدنيين الأبرياء، كما حصل بالأمس حين أصيب عدد من المواطنين بقصف طائرات حربية روسية بالقرب من مخيم لـ "الأرامل" النازحات في ريف جسر الشغور الشمالي، ليس ذلك فحسب، بل يظهر صورة الروس الحقيقية كمجرمي حرب.
ومهما صعد الروس من غاراتهم الجوية، فإن هذه التطورات ليست سوى تحضير لدخول روسيا القمة الثلاثية بقوة نهاية الشهر الجاري والتي تضم (بوتين وأردوغان وإبراهيم رئيسي)، ضمن مسار أستانا، حيث تكتسب القمة أهمية خاصة في ظل تفاعلات دولية.
ومهما تكن حقيقة التصعيد الروسي، واستهداف محيط النقاط العسكرية التركية المتواجدة على طول خطوط القتال، فإن الروس يستغلون بذلك المفاوضات الجارية مع الجانب التركي في المنطقة الحدودية، وفيما تطالب روسيا بانسحاب فصائل المعارضة والقوات التركية من بعض المناطق بمحيط إدلب، فإن تركيا ترفض ذلك وتطالب روسيا بالتزامها بالاتفاقيات الموقعة بينهما في آستانا وسوتشي.
وفي حال استجدت تطورات عسكرية واسعة في جبهة جبل الزاوية أو الغاب، وتحركت معها قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية فإن تركيا ستعمل على صد أي عدوان أو هجوم على منطقة إدلب لأن هذا سيحدث خللا في استراتيجية الأمن القومي التركي وفي مقدمته، حدوث موجة نزوح كارثية تهدد تركيا ومن خلفها أوربا. وكل هذا وذاك، لا يمكن تفسيره بمعزل عن التحركات الدبلوماسية، لحل الأزمة سياسيا، وفق مصالح أطراف الصراع التي لم تتوافق بعد على صيغة سياسية لتقاسم المكاسب.